المناطقية البغيضة، و الخوف من المناطقيين

"الموضوع يحتاج لمناقشة هادئة من الجميع" قال (صلّ الله عليه و سلّم): «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَ لَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ و لَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَ لَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى». ما قاله رسول الله هو التقوى الشرعية، هو علاقتك بربك، هذا هو معيار تميزك أمام ربك، فالتميّز ليس بعرق او بلون او بقبيلة إنما بالتقوى. دعونا نتحدث بصراحة، إذا اردنا لدولة الجنوب العربي القادمة ان تنجح، فعلى ابناء الجنوب الغاء أو محاولة إلغاء المناطقية من جذورها، بدليل ان كل ابناء المحافظات يأتون الى عدن للعمل و يتفاخرون بألقاب قبائلهم، متناسيين ان هذه المنافسات فيما بينهم تضر بالوطن كله، أكثر من ان تفيدهم، و اكبر دليل على ذلك ان حرب يناير 1986م كانت بالبطاقة للأسف!! === أنا أحترم مبدأ «الإنتماء للقبيلة» و تعزيز هذا الرباط الكبير الذي يجمع بين الأسرة الواحدة، إلاّ أننا نكره التعصّب المذموم لها بشكل أصبح يدخل في جميع تفاصيل الحياة، و يتقاطع مع القيم الأخلاقية و مع تعاملاتنا و تقييمنا لكل من نخالطهم. القبيلة كانت و لا تزال في الجنوب هي جوهر البنية الاجتماعية في الحياة الريفية، و عندما أنشأ الجنوب دولته تم تقسيم محافظاتها الى قبائل، اي انها وحّدت بذلك كل التقسيمات القديمة و السلطنات و المشيخات، حيث اعادت التقسيم إلى ست محافظات مقسمة إلى مديريات، كالتالي ( الاولى عدن “عاصمة الدولة” – الثانية لحج – الثالثة أبين – الرابعة شبوة – الخامسة حضرموت – السادسة المهرة). و هذا يعني في كل محافظة قبيلة، و هذا تقسيم جبان من السلطة حينها الذي استطاعت ان تنهي السلطنات و المشيخات، و لم تقترب من القبيلة، و لكنها من وجهة نظري كان تسمية المحافظات بالأرقام فكرة ذكية للإبتعاد من تأثير اسماء القبائل على المحافظات. لهذا رأينا منذ 1967 الى 1978 كانت تسمى: • المحافظة الأولى و المحافظة الثانية، و المحافظة الثالثة و هكذا. === للأسف استبدلها الحزب الاشتراكي في 1979م بأسماء المناطق مثل عدن و لحج ... الخ، و تم إلحاق الضالع بمحافظة لحج، كما ألحقت بيحان بشبوة، و العوالق بأبين، و أحيوا النعرة القبلية من جديد. أنا هنا أحاول أن أعيد التفكير في موضوع القبيلة في الظرف الاجتماعي في بقائها على الوضع الذي هي عليه، و لذلك فتغيير الشروط الاجتماعية كفيل بتغيير الكثير من البنية داخل المجتمع، و باعتقادي أن التعصب سوف يبقى متى ما بقيت ذات الشروط لبقاء القبيلة بالشكل الذي هي عليه الآن، و الآثار التي خلقها التعصب أكثر من أن نمر عليها؛ لكن لعل أوضحها و آخرها هي التدمير على المستوى الأسري، حيث التفريق بين رجل و زوجته بسبب عدم التكافؤ في النسب، فكيف بالمستويات الأعلى!!. لهذا يجب ان نعترف ان الوطن هو الشعار الذي ينبغي ان تذوب من خلاله كل نزعة قبلية متسلطة. الخلاصة: ـــــــــــــــــ يجب على كل جنوبي تثقيف نفسه و تهيئتها الى عودة اسماء المحافظات الى ارقام، مع عمل بعض التغييرات في ديموغرافية المحافظات، و ان لا تعكس المحافظات الانتماء القبلي. كذلك على من تسمى بإسم قبيلته و خاصة في الفترة الأخيرة، ان يعود الى اسم ابيه و جده خير له و ابرك. بهذا يكون الجنوبي قد قطع نصف الطريق للتخلص من المناطقية البغيضة. و صدقوني دولة جنوبية جديدة بدون مناطقية ستكون عنوان للنجاح و التنافس بين اهل الوطن الواحد في خير الوطن الجديد.

مقالات الكاتب