اليمن ..الجوهرة الضائعة
أظهر العالم والإقليم اهتمام باليمن كما لو انها جوهرة ستسقط عليهم في قاع المحيط وجاؤا لانقاذها وخاصة عند اندلاع الازمة في عام 2011 بين قطبي الصراع على السلطة في صنعاء وسارعت المنظومات الإقليمية والدولية لارسال مبعوثيها ( الامم المتحدة والاتحاد الاروبي مع مجلس التعاون الخليجي ) والجميع كان يعمل ليل نهار لتسوية الازمة وكما تم وضع صيغة لحوار وطني شامل وجلبت جزء من الجنوب بالترغيب وإيهامه بانها ستسنده في طرح قضاياه العادلة لكن وبعد ان وصل الفريق الجنوبي الى صنعاء تركته وحيدا ولَم يجد احد منهم عند الحاجة اليه وقرر ان ينسحب من الحوار على ان يشارك في قتل قضية الجنوب. كان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مسنود دوليا واقليميا يتصرف وكأنه الحاكم الفعلي او قايد الأوركسترا الذي يوزع المهام (النوتة ) لكل عازف على حده ليؤدي دروه في الأوركسترا الجماعية الجديدة ومن ضمن ذلك تم منح الرئيس السابق حصانة هو وطاقمه القيادي من المحاكمة والمسائلة القانونية عن حكمه لثلاثة عقود وكان يفترض ان يغادر المشهد السياسي الى الخارج مقابل الحصانة عن ممارسة السياسة ولكن جاءت الفتوى من سفير الولايات المتحدة الامريكية بان ذلك لم تتضمنه المبادره الخليجية ورضخ الجميع وبوجودة يعني من حقه ممارسة السياسة من جديد وعادت حليمة لعادتها القديمة في بناء تحالفات جديده وكان تحالفه مع أنصار الله لتصفية حسابات مع معارضيه وتمت السيطرة على صنعاء في وسط ارتباك المعارضة السياسية التي أظهرت فشلها وكذا جناحها العسكري الذي ترك العاصمة وولى هاربا كما ولم يحرك المبعوث الأممي ساكناً ولا الدول الداعمة له غير انهم جميعا ادوا دور المتفرج على المشهد وزاد ان المبعوث الدولي قد ساهم في اعداد وثيقة السلم والشراكة والتي تعتبر نسف لجهد جماعي لحوار امتد لأكثر من سنه ودارت رحى الحرب التي امتدت الى الجنوب. الوضع الجديد اظهر تحالفه مع ايران التي سيرت جسر جوي بين طهران وصنعاء وتسارعت الأحداث بشكل دراماتيكي ليعلن النظام الجديد الحرب على الجنوب لمحاربة الدواعش ومطاردتهم وكانت عدن على موعد من التدمير والقتل والإبادة. شاهدنا الامم المتحدة تكيل بمكيالين تجاه الشمال والجنوب ولَم يكن قد مر على الحرب ايّام معدودة الا وقوافل السفن المحملة بالمؤن الإغاثية من غداًء ومواد طبية ومحروقات وغيرها تسير بالعشرات نحو ميناء الحديدة لتفريغها بحجة الإنقاذ السؤال هو كيف يمكن وخلال اسبوع من الحرب يكون لاناس بعيدين عن المعارك قد استنفذوا ما لديهم من تغذية ومواد اخرى بهذه السرعة ؟ او ان ذلك دعم غير مباشر للانقلابيين والسؤال الآخر متى تم اتخاذ قرار الإنقاذ ومتى تم جمع الأموال ومتى تم شحنها يبدوا كانت الامم المتحدة مستعدة ولديها طواقم سفن جاهزة من وقت مبكّر بينما عدن يجري فيها حرب شوارع وتدمير ممنهج لكل الأحياء من قبل القوات الشمالية الغازية ونزوح سكاني داخلي كبير لم يسبق له مثيل ولَم تعر الامم المتحدة ذلك ادنى اهتمام ولَم تقدم اَي اغاثة تذكر لعدن وكانهم من كوكب اخر بينما هم كانوا في امس الحاجة للإنقاذ بالأغذية والمواد الطبية والمحروقات وغير ذلك. لاحظنا الاهتمام الكبير في الجانب الإنساني في مناطق سيطرة الانقلابيين من قبل العالم والامم المتحدة ويتم تغييب ذلك الجانب في المناطق الجنوبية المحررة حيث تُمارس عليه ابشع انواع الحصار هناك من يستخدم العصاء على الجنوب لإخضاعه وفِي نفس الوقت يستخدم الجزره مع الشمال والذي يسيطر عليه الانقلابيون للترغيب فيه ويعتقدون ان ذلك هو السبيل للوصول الى ما يريدون من حلول ونشاهد كيف يصرف الممثلون الدوليون وقت اكبر من اللازم في رحلاتهم المكوكية الى صنعاء وفِي نفس الوقت تجاهل الوضع الماساوي في الجنوب الذي يتعرض لعقوبات جائرة من قبل الشرعية ومن عمليات عسكرية لضرب التجمعات المدنية بالصواريخ والطائرات المسيرة وإطلاق خلايا الاٍرهاب لتعيث بالأرض فساداً ولا احد يحرك ساكناً. مشكلة اليمن الاساسية هي في الازمة المركبة بين الجنوب والشمال فإذا حلت هذه المعظلة سيتم حل بقية توابع الازمة الاخرى على النطاق المحلي داخل الشمال وداخل الجنوب ولن تحل هذه الأزمات الداخلية الا بتوافق القوى الداخلية في الجنوب والشمال كل على حده غير ذلك فسيكون ضياع وقت وإطالة امد تلك الأزمات والحروب. المشكلة الأهم ان القوى السياسية اليمنية لم تعترف بان الازمة في الوحدة الارتجالية والعشوائية التي تمت بين الجنوب والشمال وأنها هي سبب رئيسي لما يجري اليوم وتحاول تلك القوى حتى اليوم البحث في حلول خارج إطار هذه الازمة وهي بهذا تزيد تعقيد الازمة اكثر مما هي معقدة ولا زالوا يعيشون الوهم وسيستمر كذاك لمصارعة طواحين الهواء حتى تحدث المعجزة. وعلى هذا المنوال يقوم المجتمع الدولي والاقليمي بتكرار الخطاء ما يجري اليوم وهو تجاهل تلك الأزمة الاساسية والقيام باختلاق حلول ترضي الخارج ولا تتوافق مع تطلعات الشعبين في الجنوب والشمال بل تزيده انقاسما وتشتتا وهناك من يريد تعسف التاريخ والجغرافيا لغرض تمرير اجندات عفى عليها الزمن وهي ان عصابة استولت على السلطة بعد حرب 94 وجمعت بين الثروة والسلطة وحولت هذه الثروات من ثروات وطنية الى ثروات شخصية وادخلت البلاد في أزمات ثانوية وحروب هنا وهناك لالهاء الشعب لكي لا يلتفت الى ما يقوموا فيه من نهب للثروات وسمسرتها للعالم عبر احتكارهم للسلطة حتى اصيبوا بالتخمة حتى تفجرت في شكل أزمة داخليه فيما بينهم حول اعادة تقاسم الثروة والسلطة أدت الى انهيار الوضع وضاعت الدولة وتشتت الشعب في بقاع العالم واصبح الحل بعيد المنال واصبح الجميع مرتهن لما ينتجه العالم والإقليم من حلول والذي جاء لإنقاذ الجوهرة واذا هي ضايعة في قاع المحيط ولا زال البحث جاري عنها حتى الان.