البنتاغون توقّع انهيارهم.. بعد ست سنوات، جنوب اليمن ينتصر

بقلم: مايكل روبن: مجلة الامن القومي الامريكية • ما رأيته في جنوب اليمن:

بقلم: مايكل روبن: مجلة الامن القومي الامريكية • ما رأيته في جنوب اليمن: الطريق من عدن إلى عتق، عاصمة محافظة شبوة اليمنية، يمر عبر وادي عومران، الذي كان يوماً ما مركز المواجهة ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. هذا الطريق مليء بندوب التفجيرات السابقة والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة. سائقنا أشار بلا مبالاة إلى مبانٍ لمدارس محترقة ومليئة بثقوب الرصاص ومجمعات كانت مسرحاً لهجمات القاعدة ضد قوات النخبة الشبوانية، التي أسفرت عن مقتل العشرات في كل مرة. وعلى كل نقطة تفتيش، وُضعت صور "الشهداء" الذين سقطوا وهم يدافعون عنها. لكن اليوم، تبدو عتق آمنة وهادئة. وكذلك الحال في محافظة أبين المجاورة، الواقعة بين عدن وشبوة، والتي لطالما اعتبرها اليمنيون "أبالاتشيا اليمن" — فقيرة، خطيرة، وقبلية. تدير قوات دفاع شبوة المحلية نقاط التفتيش هناك. أفرادها مهذبون ومبتسمون، لكنهم أذكياء بشكل جدا. الضباط المشرفون عليهم يراقبونهم عبر كاميرات مراقبة مغلقة، في حين يقدم جهاز استخبارات المجلس الانتقالي الجنوبي معلومات استخباراتية عن حركة التهريب والإرهاب. على سبيل المثال، صادرت النقاط مؤخراً حبوب "كبتاغون" كانت مخبأة تحت الرصاص في مخازن بنادق كلاشينكوف. في أبين، حيث الروابط القبلية قوية، يركّز الجنود على اليمنيين القادمين من خارج المنطقة، ويتحققون من أسباب وجودهم، وإذا لاحظوا أي توتر أو تهرب من قبل سائقي المركبات، يتم تفتيش السيارة بسهولة. قد يكون ذلك مجهوداً كثيفاً، لكنه فعّال. • عدن.. مدينة متغيرة الصيف في عدن حار جدا؛ حيث تتجاوز درجات الحرارة 110 فهرنهايت (43 مئوية)، ورطوبتها تجعل من واشنطن العاصمة تبدو وكأنها في أريزونا مقارنة بها. في المدينة الساحلية تغلق معظم المتاجر أبوابها حتى الساعة الرابعة عصراً، لكن المدينة تنتعش بعد غروب الشمس مع نسمات البحر، وتبقى الشوارع مزدحمة حتى ساعات الصباح الأولى. الأطفال يلعبون كرة القدم وتنس الطاولة والبلياردو في الشوارع، الكبار يتبادلون الأحاديث، والمراهقون يتحدّون كبار السن في لعبة "الدومينو"، بينما يحاول الأئمة، غالباً دون نجاح، دعوة الناس إلى الصلاة. مثل هذا المشهد لا يمكن أن يوجد دون شعور بالأمان — وعدن اليوم تمتلكه، رغم عدم وجود جنود أجانب في شوارع العاصمة الجنوبية. • تحولات استراتيجية منذ أن خفّضت الإمارات وجودها في عدن عام 2019، تنبأ بعض المحللين الغربيين ومسؤولي البنتاغون أن المجلس الانتقالي الجنوبي سيواجه صعوبة في الحفاظ على السيطرة، ناهيك عن صد أي هجمات من الحوثيين المدعومين من إيران، أو خلايا إرهابية مدعومة من الإخوان، أو ميليشيات قبلية مدعومة من السعودية وعُمان. لكن بعد ست سنوات، لم ينجو المجلس الانتقالي الجنوبي فحسب، بل وسّع نفوذه الأمني. تماماً كما فشلت الاستخبارات الأمريكية في تقدير قدرة أوكرانيا على صد الهجوم الروسي الأول، أخطأت وكالة الاستخبارات الدفاعية ووكالة المخابرات المركزية في تقدير قدرة المجلس الانتقالي الجنوبي على القتال. بينما رحب اليمنيون بحملة القصف الجوي التي نفذتها إدارة ترامب ضد الحوثيين، والتي استمرت 51 يوماً، رأى كثير من الجنوبيين أنها فرصة ضائعة لأن الولايات المتحدة لم تنسق مع قوات الحزام الأمني وغيرها من القوات الجنوبية التي تخوض المعارك البرية فعلياً. ورغم غياب الغطاء الجوي، تمكنت القوات الجنوبية من صد هجمات الحوثيين على بعض أخطر وأهم جبهات اليمن لسنوات. صعدتُ إلى قمة جبل مع القائد العام للقوات الجنوبية محافظة الضالع، على امتداد الحدود التقليدية بين الشمال والجنوب، لمعاينة الجبهة مع الحوثيين في الوادي أسفلنا. نجحت القوات الجنوبية في الصمود هناك لسنوات، رغم الاشتباكات اليومية تقريباً، باستخدام معرفتها المحلية، وحرب الخنادق، والتعبئة المجتمعية. وفي مناطق لحج ويافع، أفشلت القوات التابعة للمجلس الانتقالي محاولات الحوثيين لاختراق المناطق الجبلية التي كانت تُستخدم كممرات لهجماتهم الشمالية. • المعركة الآن سياسية ودبلوماسية رغم كل ما سبق، فإن المشكلة لم تعد عسكرية بقدر ما هي سياسية ودبلوماسية. فمن الناحية الدبلوماسية، تفشل واشنطن في التنسيق الفعّال، كما أن داعمي "الحكومة المعترف بها دولياً" لا يعترفون بعدم جدية السعودية وعُمان في هزيمة الحوثيين. أما سياسياً، فإن مجلس القيادة الرئاسي غير قادر على حكم أي منطقة محررة، حيث أن بعض أعضاء التحالف يفضلون إضعاف الجنوب على حساب قتال الحوثيين. أما حزب الإصلاح — فرع الإخوان المسلمين في اليمن — فيعمل كحصان طروادة للحوثيين. القوات الجنوبية قادرة على القتال والانتصار، خاصة إن حظيت بدعم جوي. لكن يجب أن يكون هناك قوة شمالية أيضاً تملأ الفراغ في مواجهة الحوثيين. الجنوبيون صمدوا من دون أنظمة دفاع جوي حديثة، أو تعزيزات مدرعة، أو تمويل أجنبي كبير، في المقابل، يتمتع الحوثيون بدعم دولي واسع: فهم يحصلون على - أسلحة وطائرات مسيرة وتدريب من إيران - دعم استخباراتي ولوجستي ودبلوماسي من عُمان، وبشكل متزايد من مستشارين شيعة عراقيين - دعم سياسي من روسيا والصين في مجلس الأمن • الحقائق على الأرض في عدن، التقيت قادة عسكريين جنوبيين. كانوا محترفين متمرسين في قيادة المعارك، قاتلوا لعقود في صفوف جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ثم اليمن الموحد، ثم ضد الحوثيين. بعضهم فقد أقرباء في اغتيالات نفذها الحوثيون أو القاعدة أو الإخوان، وأحدهم فقد ذراعه في الجبهة. مطالبهم متواضعة — تكلف ما يعادل ما تنفقه الولايات المتحدة في يوم واحد على أوكرانيا. هم يحتاجون: 1- طائرات استطلاع وهجوم بدون طيار 2- أنظمة تشويش ضد الطائرات المقاتلة والمسيرات المعادية 3- أسلحة خفيفة ومتوسطة وقناصات 4- زوارق دورية صغيرة لحماية السواحل من تهريب الأسلحة 5- مركبات نقل ومعدات هندسية لإزالة الألغام والمتفجرات 6- مناظير عادية وليلية 7- ونظام اتصالات يتجاوز سيطرة الحوثيين على شبكة الهاتف اليمنية 8- الدعم الجوي الأمريكي سيكون نقطة تحول. الخلاصة: القصف الجوي وحده لن يهزم الحوثيين. - الحل الوحيد هو حملة برية منسقة — ولا يشترط أن تشمل قوات أمريكية أو أجنبية. أما أولئك الذين يقولون إن الجنوبيين لا يستطيعون القتال، فهم إما يفتقرون إلى الرؤية أو يستسلمون ذهنياً للهزيمة. العام 2025 ليس 2015. على إدارة ترامب أن تختار بوضوح: إما دعم هزيمة الحوثيين أو الاستمرار في سياسات فاشلة تُمكّنهم من التمدد وتعزيز تهديدهم. انتهىالطريق من عدن إلى عتق، عاصمة محافظة شبوة اليمنية، يمر عبر وادي عومران، الذي كان يوماً ما مركز المواجهة ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. هذا الطريق مليء بندوب التفجيرات السابقة والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة. سائقنا أشار بلا مبالاة إلى مبانٍ لمدارس محترقة ومليئة بثقوب الرصاص ومجمعات كانت مسرحاً لهجمات القاعدة ضد قوات النخبة الشبوانية، التي أسفرت عن مقتل العشرات في كل مرة. وعلى كل نقطة تفتيش، وُضعت صور "الشهداء" الذين سقطوا وهم يدافعون عنها. لكن اليوم، تبدو عتق آمنة وهادئة. وكذلك الحال في محافظة أبين المجاورة، الواقعة بين عدن وشبوة، والتي لطالما اعتبرها اليمنيون "أبالاتشيا اليمن" — فقيرة، خطيرة، وقبلية. تدير قوات دفاع شبوة المحلية نقاط التفتيش هناك. أفرادها مهذبون ومبتسمون، لكنهم أذكياء بشكل جدا. الضباط المشرفون عليهم يراقبونهم عبر كاميرات مراقبة مغلقة، في حين يقدم جهاز استخبارات المجلس الانتقالي الجنوبي معلومات استخباراتية عن حركة التهريب والإرهاب. على سبيل المثال، صادرت النقاط مؤخراً حبوب "كبتاغون" كانت مخبأة تحت الرصاص في مخازن بنادق كلاشينكوف. في أبين، حيث الروابط القبلية قوية، يركّز الجنود على اليمنيين القادمين من خارج المنطقة، ويتحققون من أسباب وجودهم، وإذا لاحظوا أي توتر أو تهرب من قبل سائقي المركبات، يتم تفتيش السيارة بسهولة. قد يكون ذلك مجهوداً كثيفاً، لكنه فعّال. • عدن.. مدينة متغيرة الصيف في عدن حار جدا؛ حيث تتجاوز درجات الحرارة 110 فهرنهايت (43 مئوية)، ورطوبتها تجعل من واشنطن العاصمة تبدو وكأنها في أريزونا مقارنة بها. في المدينة الساحلية تغلق معظم المتاجر أبوابها حتى الساعة الرابعة عصراً، لكن المدينة تنتعش بعد غروب الشمس مع نسمات البحر، وتبقى الشوارع مزدحمة حتى ساعات الصباح الأولى. الأطفال يلعبون كرة القدم وتنس الطاولة والبلياردو في الشوارع، الكبار يتبادلون الأحاديث، والمراهقون يتحدّون كبار السن في لعبة "الدومينو"، بينما يحاول الأئمة، غالباً دون نجاح، دعوة الناس إلى الصلاة. مثل هذا المشهد لا يمكن أن يوجد دون شعور بالأمان — وعدن اليوم تمتلكه، رغم عدم وجود جنود أجانب في شوارع العاصمة الجنوبية. • تحولات استراتيجية منذ أن خفّضت الإمارات وجودها في عدن عام 2019، تنبأ بعض المحللين الغربيين ومسؤولي البنتاغون أن المجلس الانتقالي الجنوبي سيواجه صعوبة في الحفاظ على السيطرة، ناهيك عن صد أي هجمات من الحوثيين المدعومين من إيران، أو خلايا إرهابية مدعومة من الإخوان، أو ميليشيات قبلية مدعومة من السعودية وعُمان. لكن بعد ست سنوات، لم ينجو المجلس الانتقالي الجنوبي فحسب، بل وسّع نفوذه الأمني. تماماً كما فشلت الاستخبارات الأمريكية في تقدير قدرة أوكرانيا على صد الهجوم الروسي الأول، أخطأت وكالة الاستخبارات الدفاعية ووكالة المخابرات المركزية في تقدير قدرة المجلس الانتقالي الجنوبي على القتال. بينما رحب اليمنيون بحملة القصف الجوي التي نفذتها إدارة ترامب ضد الحوثيين، والتي استمرت 51 يوماً، رأى كثير من الجنوبيين أنها فرصة ضائعة لأن الولايات المتحدة لم تنسق مع قوات الحزام الأمني وغيرها من القوات الجنوبية التي تخوض المعارك البرية فعلياً. ورغم غياب الغطاء الجوي، تمكنت القوات الجنوبية من صد هجمات الحوثيين على بعض أخطر وأهم جبهات اليمن لسنوات. صعدتُ إلى قمة جبل مع القائد العام للقوات الجنوبية محافظة الضالع، على امتداد الحدود التقليدية بين الشمال والجنوب، لمعاينة الجبهة مع الحوثيين في الوادي أسفلنا. نجحت القوات الجنوبية في الصمود هناك لسنوات، رغم الاشتباكات اليومية تقريباً، باستخدام معرفتها المحلية، وحرب الخنادق، والتعبئة المجتمعية. وفي مناطق لحج ويافع، أفشلت القوات التابعة للمجلس الانتقالي محاولات الحوثيين لاختراق المناطق الجبلية التي كانت تُستخدم كممرات لهجماتهم الشمالية. • المعركة الآن سياسية ودبلوماسية رغم كل ما سبق، فإن المشكلة لم تعد عسكرية بقدر ما هي سياسية ودبلوماسية. فمن الناحية الدبلوماسية، تفشل واشنطن في التنسيق الفعّال، كما أن داعمي "الحكومة المعترف بها دولياً" لا يعترفون بعدم جدية السعودية وعُمان في هزيمة الحوثيين. أما سياسياً، فإن مجلس القيادة الرئاسي غير قادر على حكم أي منطقة محررة، حيث أن بعض أعضاء التحالف يفضلون إضعاف الجنوب على حساب قتال الحوثيين. أما حزب الإصلاح — فرع الإخوان المسلمين في اليمن — فيعمل كحصان طروادة للحوثيين. القوات الجنوبية قادرة على القتال والانتصار، خاصة إن حظيت بدعم جوي. لكن يجب أن يكون هناك قوة شمالية أيضاً تملأ الفراغ في مواجهة الحوثيين. الجنوبيون صمدوا من دون أنظمة دفاع جوي حديثة، أو تعزيزات مدرعة، أو تمويل أجنبي كبير، في المقابل، يتمتع الحوثيون بدعم دولي واسع: فهم يحصلون على - أسلحة وطائرات مسيرة وتدريب من إيران - دعم استخباراتي ولوجستي ودبلوماسي من عُمان، وبشكل متزايد من مستشارين شيعة عراقيين - دعم سياسي من روسيا والصين في مجلس الأمن • الحقائق على الأرض في عدن، التقيت قادة عسكريين جنوبيين. كانوا محترفين متمرسين في قيادة المعارك، قاتلوا لعقود في صفوف جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ثم اليمن الموحد، ثم ضد الحوثيين. بعضهم فقد أقرباء في اغتيالات نفذها الحوثيون أو القاعدة أو الإخوان، وأحدهم فقد ذراعه في الجبهة. مطالبهم متواضعة — تكلف ما يعادل ما تنفقه الولايات المتحدة في يوم واحد على أوكرانيا. هم يحتاجون: 1- طائرات استطلاع وهجوم بدون طيار 2- أنظمة تشويش ضد الطائرات المقاتلة والمسيرات المعادية 3- أسلحة خفيفة ومتوسطة وقناصات 4- زوارق دورية صغيرة لحماية السواحل من تهريب الأسلحة 5- مركبات نقل ومعدات هندسية لإزالة الألغام والمتفجرات 6- مناظير عادية وليلية 7- ونظام اتصالات يتجاوز سيطرة الحوثيين على شبكة الهاتف اليمنية 8- الدعم الجوي الأمريكي سيكون نقطة تحول. الخلاصة: القصف الجوي وحده لن يهزم الحوثيين. - الحل الوحيد هو حملة برية منسقة — ولا يشترط أن تشمل قوات أمريكية أو أجنبية. أما أولئك الذين يقولون إن الجنوبيين لا يستطيعون القتال، فهم إما يفتقرون إلى الرؤية أو يستسلمون ذهنياً للهزيمة. العام 2025 ليس 2015. على إدارة ترامب أن تختار بوضوح: إما دعم هزيمة الحوثيين أو الاستمرار في سياسات فاشلة تُمكّنهم من التمدد وتعزيز تهديدهم. انتهى