وثائق سرية تكشف اختراق الاتصالات الهاتفية لنظام معمر القذافي ( تفاصيل )

عدن الحدث


يكشف تقرير مرفوع للمخابرات الليبية قبل أسابيع من ثورة 17 فبراير التي أطاحت بحكم القذافي، قول العميل الذي أرسل التقرير، بعد رصد لتحركات المعارضين في الداخل والخارج، إن مطالب المحتجين ستؤدي لإسقاط النظام الجماهيري الذي يعتمد عليه القذافي، ويذكر الكثير من أسماء المعارضة التي يقول إنها مؤثرة في الداخل والخارج ويرصد كذلك تأثير الإخوان وتنظيمهم الدولي.

ويأتي كل هذا بينما كان النظام الليبي السابق مشغولا في أنشطته الخارجية الكثيرة، ومن بينها عملية لدعم نواب موالين لرئيس في إحدى الدول، حيث تكشف رسالة قول أحد المرشحين لعضوية برلمان في دولة عربية إنه يريد أن يأتي بنفسه لتسلم المبلغ المالي المخصص للمرشحين التابعين له، ويطلب من السلطات الليبية تخصيص طائرة خاصة ليأتي بها إلى طرابلس لحمل الأموال والعودة مرة أخرى.

يقول تقرير للمخابرات الليبية في النظام السابق تلقته من أحد عملائها في تونس، تحت عنوان «التنصت على الاتصالات الخارجية للجماهيرية العظمى»، إن ذلك تم «منذ شهر الطير 2002 وذلك ببناء محطة تنصت مع (..) بمنطقة السجومي (40) كيلومترا عن العاصمة والمحطة الثانية قرية الكتف (على) حدود تونس مع ليبيا»، إلا أن عملية الرصد من جانب الليبيين لجهود التنصت الغربية على مكالمات مسؤولي طرابلس تغطي فقط المدة من 2007 وحتى إعداد التقرير الاستخباراتي نفسه في 2009.

وفي حديث أجرته معه «الشرق الأوسط» خارج ليبيا يقول مسؤول عمل في السابق بالقرب من القذافي إن العقيد الراحل تلقى إجابة من أصدقائه في النظام التونسي السابق بأن تلك المراكز موجودة منذ العهد الأسبق، وإن محاولات التخلص منها كانت ما زالت مستمرة.

ونعود للتقرير الذي يضيف قائلا: «هناك (7) فيلات في العاصمة (يقصد في تونس) مخصصة لهذا الغرض موجودة بالمناطق التالية (قرطاج - البحيرة - باب سويقة - النصر - ميتو الفيل - المنزه) حيث يتم الاطلاع على الاتصالات وتصنيفها والاستفادة منها وذلك يوميا بإحالة نشرة لمكتب خاص (..) حيث يستلمها رئيس الحرس (..) المدعو («ع.س») لكي يطلع عليها (..). وتحال أحيانا معلومات إلى (دول غربية)، ويمر السفير (..) على مراكز التنصت باستمرار».

ويتابع التقرير وهو يسرد ما تلقاه من معلومات من العميل المشار إليه: «يتم التنصت على الاتصالات اللاسلكية لوحدات الشعب المسلح (تضم وحدات من الجيش ووحدات ثورية أمنية وشبه عسكرية كانت تابعة لنظام القذافي) وخصوصا تشكيل (32) الذي يعتبر النقيب خميس معمر (نجل القذافي الذي قتل في أحداث ثورة 17 فبراير 2011) أمره، وبالتالي لديهم كل تحركات الوحدات وحركة القادة لهذه الوحدات والتعليمات والأوامر».

ويزيد التقرير قائلا إن عمليات التنصت تلك تشمل أيضا «مراقبة الفاكسات (البريد المصور) وكذلك البريد الإلكتروني حيث تكون لديهم نسخة من هذه المراسلات».

ويشير التقرير أيضا إلى عدد من المقترحات المقدمة من العميل المشار إليه كحلول مؤقتة لمشكلة مراقبة هواتف المسؤولين الليبيين والتنصت عليها، ومن هذه الحلول، وفقا لما جاء في الوثيقة: «تغيير الأرقام التي يتم التنصت عليها سيكون حلا مؤقتا»، لكنه يعود ويقول إن المشكلة تكمن في أنه بـ«مجرد معرفة الرقم الجديد أو تعقبه يتم مراقبته من جديد».

ويقدم الرجل نفسه وفقا لما ورد في التقرير حلا آخر، ويقول: «* الحل هو البحث عن طريقة تؤمن الاتصالات بحيث يصبح من الصعب الدخول عليها».

وبعد ذلك يتطرق التقرير إلى أن المصدر الذي أمده بهذه المعلومات يرى ضرورة تغيير منظومة الاتصالات الخاصة بالمسؤولين الليبيين، ويقول: «وأوضح المصدر بشكل عاجل (تغيير) نوع النظام والمنظومات التي استخدمت لهذا الغرض، ونصحنا باتباع منظومات معينة لحماية فتح الفاكسات وحماية فتح المكالمات».

ويبدو أن المصدر أو العميل الذي يعمل مع المخابرات الليبية السابقة انطلاقا من تونس، كان قريبا من الكثير من التفاصيل المتعلقة بعملية التنصت التي تجري عبر مراكز تنصت موجودة في عدة مبان.

ويقول التقرير الاستخباراتي المرفوع إلى مخابرات القذافي: «يمكن أن يستمر المصدر في جمع الاتصالات التي تم رصدها خصوصا المهمة منها ولكن بشكل حذر جدا، والسرية العالية مطلوبة في هذا ويمكن أن يلتقي مع فني متخصص في هذا الشأن لكي يشرح له كيف تم ذلك؟ وكيف يمكن تجنب ذلك مستقبلا؟».

ويوجد في التقرير ملاحظة غير مفهومة إذ يقول فجأة: «- يوصى بمراقبة سفير (..) في الجماهيرية». ثم يضيف أنه «يقول إن هناك عددا من الأشخاص هواتفهم تحت المراقبة باستمرار».

ثم يرصد التقرير بعد ذلك أسماء المسؤولين الذين يقول إن هواتفهم تعرضت للتنصت من عدة مراكز مراقبة تابعة لأجهزة استخبارات غربية في دول مجاورة لليبيا، وهم: « - موسى كوسا - الرقم المحلي والرقم الإنجليزي - عبد الله السنوسي». ولا توجد أي تفاصيل عن فحوى المكالمات التي جرى التنصت عليها أو أهميتها، وهي كثيرة العدد ويعتقد أيضا أنها كانت مهمة بطريقة أو بأخرى.

وتكمن أهمية التنصت على كوسة على ما يبدو في أنه شغل موقع رئيس جهاز الاستخبارات الليبية لمدة نحو 15 عاما، إلى أن تم تعيينه في مطلع عام 2009 أمينا للجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي (أي وزارة الخارجية).

بينما تتلخص أهمية التنصت على السنوسي في أنه رجل أمني بدرجة ممتازة، قاد لسنوات أجهزة استخبارات مدنية وعسكرية بطريقة مرعبة في البلاد، ويعد من أشد المقربين من العقيد القذافي، ويعتبر مخزن أسراره، وحامي تحركاته، ويتميز بالقسوة في التعامل مع المعارضة، بالإضافة إلى أنه زوج شقيقة الزوجة الثانية للقذافي، السيدة صفية فركاش.

ومن بين الأشخاص الواردة أسماؤهم في قائمة من تم التنصت عليهم من مراكز التنصت الغربية، ما بين 2007 و2009، وفقا للتقرير، مدير مكتب العقيد القذافي، سعد الفلاح، وكذلك الكاتب الخاص للقذافي، ويدعى أحمد رمضان، ومدير معلومات القذافي بشير صالح. ويضيف التقرير أن من بين من تم التنصت على هواتفهم أيضا «أبناء القائد (القذافي) بالإضافة إلى مؤسسات أخرى مهمة».