هل تقترب اليمن من تطبيق النموذج اللبناني ؟ 12بند لاوجه التشابه والاختلاف بين اليمن ولبنان

عدن الحدث

أثارت سيطرة جماعة الحوثي على مقاليد السلطة فعليًا باليمن التساؤلات مجددًا حول مقارنة الوضع بهذا البلد بحال لبنان وموقع القوى المهيمنة على الحكم أو المؤثرة في صناعة القرار، وتشابه  تبعيتها لدولة خارجية واحدة فضلًا عن أوجه  الاختلاف بين البلدين.

واستكملت جماعة الحوثي سيطرتها على السلطة فعليًا في 22 يناير/ كانون الأول الجاري عقب دفعهم الرئيس عبدربه منصور هادي للاستقالة بعد رفضه الموافقة على قائمة تعيينات تشمل مناصب رفيعة بالدولة وبعد وقت قصير على استقالة حكومته.

وبدأ مسلسل السيطرة على السلطة في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي عقب اجتياح الحوثيين صنعاء، وإجبارهم الرئيس هادي والقوى السياسية على التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الذي شرعن ما قاموا به ومنحهم حق الشراكة في المناصب العليا  أمنيًا وعسكريًا ومدنيًا بما في ذلك تعيين أحد أعضائهم مستشارًا للرئيس وهو صالح الصماد.

ويرى مراقبون أن ما جرى منذ 19 وحتى 22 يناير من مهاجمة دار الرئاسة والسيطرة عليه والاستيلاء على أسلحة ألوية الحماية بعد اشتباكات محدودة وما تلاها من السيطرة على القصر الجمهوري دون مقاومة والهجوم على منزل الرئيس ودفعه للاستقالة ومحاصرته داخله حتى اليوم، عبارة عن نتاج طبيعي وتحصيل حاصل لمسار كان يمضي في هذا الطريق.

وإذا كانت اليمن بلا رئيس ولا حكومة منذ استقال هادي وبحاح وتشهد فراغًا دستوريًا يضع البلاد على أعتاب حرب أهلية أو فوضى غير معروفة العواقب ما لم تتدارك القوى السياسية الموقف وتتفق على مخرج آمن؛ فإن لبنان بلا رئيس أيضًا بعد فشل البرلمان عن انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفًا للرئيس السابق ميشال سليمان للمرة الثامنة عشرة، لكنه يمتلك حكومة تمارس مهامها وتسد الفراغ الناجم عن غياب الرئيس.

أوجه التشابه

ثمة تشابه بين اليمن ولبنان من حيث نفوذ القوى الشيعية التابعة لإيران وتأثيرها في صناعة  القرار وطبيعة الوصول إلى هذا الدور وموقف الدول الداعمة لها  وتداعيات ذلك على مستقبل البلدين، نستعرضها في النقاط التالية:

أولًا: في اليمن  توجد جماعة الحوثي المحسوبة على المذهب الزيدي المحسوب فكريًا على الشيعة، وهي جماعة مسلحة وإن بدأت تمارس السياسة بدون حزب وفي لبنان هناك حزب الله تنتمي إلى نفس الطائفة ولها جناح عسكري.

ثانيًا: استخدم الحوثيون السلاح لفرض  أنفسهم كقوة في المعادلة السياسية، ثم انتهى بهم الأمر إلى التحكم بالسلطة رقم واحد دون منازع، وبدأ هذا النفوذ بدخول  صنعاء في 21 سبتمبر بقوة السلاح؛ فيما اعتبره محللون حينها انقلابًا غير مكتمل الأركان استكمل فصوله في 22 يناير الجاري بعد إجبار الرئيس على الاستقالة.

 وفي لبنان، اعتمد حزب الله القوة بالسيطرة على بيروت في أيار 2008 لفرض نفسه كقوة مؤثرة تستطيع تعطيل القرار السياسي في البلاد لا يمكن اختيار رئيس حكومة أو رئيس للجمهورية دون موافقته.

ثالثًا: تتكئ جماعة الحوثي كحزب الله على أتباعهما من الطائفة الشيعية سواء في عدد المنتميين إليهما أو اقتصار المشروع السياسي على التعبير عن أتباعهما أكثر من تمثيله لغيرهم من المواطنين.

رابعًا: على مستوى الخطاب والشعار، يحمل الطرفان شعارًا مناهضًا لما يسميانه الهيمنة الأمريكية والصهيونية ويكثفان من خطابهما لأجل الحديث عن المقاومة وفلسطين ورفض الوصاية الخارجية وهما يرتبطان بطرف أجنبي هو إيران ينفذان أجنداته.

خامسًا: ولاء الطرفين لإيران وهي من تؤثر في سياستهما ومواقفهما الداخلية والخارجية وبفضلهما أصبحت طهران مؤثرة في هذين البلدين تستطيع مقايضة دول أخرى بملفاتهما.

سادسًا: موقف الدولة العربية الأكثر تأثيرًا في هذين البلدين وهي السعودية واحد مع اختلاف بسيط في تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية بخلاف حزب الله، وإن كان الموقف إجمالًا هو رفض هيمنتهما ودورهما.

أوجه الاختلاف

أولًا: الحوثيين أقرب لجماعة مسلحة صرفة لم تتخل عن العنف وتلقي السلاح وتؤسس حزبًا سياسيًا يمارس نشاطه وفق القانون، على العكس من حزب الله الذي يمارس العمل السياسي ويشارك في الانتخابات وفق القانون وإن لم يلقٍ السلاح؛ إلا أنه لا يعتمد عليه في الدوام لتحقيق أهدافه مثل الحوثيين.

ثانيًا: الحوثيون أصبحوا  المتحكمين بقرار السلطة فعليًا على الأقل في ظل الفراغ الدستوري وعدم التوصل لحل للأزمة القائمة، بينما حزب الله ليس الحاكم بمفرده، وإنما مؤثر في القرار السياسي مثل غيره من القوى السياسية.

ثالثًا: السلطة في اليمن لا تقوم وفق نظام المحاصصة الطائفية بخلاف لبنان، كما أن التركيبة الاجتماعية ليست مذهبية إلى درجة كبيرة مثل لبنان؛ بحيث إن أي إخلال بهذا التوازن يؤدي إلى أزمات سياسية واجتماعية.

رابعًا: الحوثيون لم يشاركوا في الحكم من قبل وليس لديهم خبرة كافية، وبالتالي فهم مضطرون للتحالف مع قوى أخرى مجربة كحال حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده الرئيس السابق علي عبد الله صالح بخلاف حزب الله الذي شارك بالحكم ولديه وزراء وتمثيل برلماني.

خامسًا: الحوثيون مصنفون كجماعة إرهابية من قبل دولتين عربيتين هما السعودية والإمارات، وهذا ما يضاعف مدى قبولهم خارجيًا خاصة من دولة مؤثرة في اليمن كالسعودية، وهذا ما لا ينطبق على حزب الله.

سادسا: الحوثيون لم يدخلوا بلدًا مجاورًا عسكريًا وإن خاضوا حربًا مع السعودية على الحدود، في حين يشارك حزب الله إلى جانب النظام السوري في قتال السوريين المعارضين.

ويبقى السؤال: هل تقترب اليمن من تطبيق النموذج اللبناني ويصبح تقاسم السلطة قائمًا على محاصصة طائفية وإن عبر الانتخابات؟ أم أن الاختلاف الاجتماعي ووجود الخصوم الأقوياء ومواقف الخارج سيبقي الأمر على حاله مع تغير في موازين القوى في المعادلة السياسية وتبدل خارطة التحالفات؟

عبدالله اليمني .. متابعات