الشرق الاوسط : مساعٍ انقلابية في صنعاء لـ «نهب» أموال ضحايا شركات الأسهم الوهمية
أفادت مصادر يمنية في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية تسعى للسطو على أموال آلاف المساهمين في عدد من الشركات الوهمية التي كان أنشأها مقربون من الجماعة في السنوات الماضية بعد أن أوهموا الضحايا بمنحهم أرباحا مضاعفة لقاء المساهمة بمدخراتهم. ورغم احتجاجات المساهمين المتواصلة أمام مقرات السلطات الحوثية الانقلابية في صنعاء، فإن الجماعة لا تزال تعتقل مؤسسي هذه الشركات وترفض إعادة أموال الضحايا المقدرة بمليارات الريالات (الدولار نحو 600 ريال). وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، بأن المئات من المحتجين (أغلبهم من فئة النساء)، خرجوا هذا الأسبوع في وقفة احتجاجية للمرة الثامنة على التوالي للمطالبة باستعادة أموالهم، بعد قرار الجماعة التحفظ على أموال تلك الشركات وحجز المسؤولين عنها. وكثفت الأجهزة الأمنية للميليشيات الحوثية - وفق المصادر - نشر عناصرها في محيط مكتب النائب العام للجماعة وفي محيط مكتب رئاسة حكم الانقلاب وفرضت طوقا أمنيا على المحتجين، وهددت بالاعتقال والسجن كل من يقوم بتصوير أو توثيق الوقفة الاحتجاجية. وتحدثت المصادر عن سخرية أحد قادة الجماعة في مجلس حكم الانقلاب بعد أن قال للمحتجين: «تنازلوا عن أموالكم ونحن على استعداد كامل بإطلاق سراح مندوبي الشركات شرط التنازل الخطي». وفي حين أثارت تلك السخرية حفيظة مساهمين محتجين كُثر، عبر عدد منهم لـ«الشرق الأوسط»، عن غضبهم من مقايضة الميليشيات لهم بالتنازل عن أموالهم مقابل الإفراج عن مندوبي الشركات المحتجزين، وأكدوا أن الجماعة غير جادة في إعادة أموالهم المنهوبة واكتفت بإيقاف الشركات واعتقال المندوبين ومصادرة الأموال لمصلحة الميليشيات. وكشف (أحمد. ع) وهو أحد المساهمين عن وجود المئات من المخدوعين في صنعاء ومحافظات إب وذمار وعمران وحجة والمحويت وريمة وغيرها الذين ساهموا بأموالهم بعدد من الشركات الوهمية التي عملت بكل حرية ودون مضايقات في مناطق سيطرة الجماعة. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن الأساليب التي تتبعها كثير من الشركات ساهمت بشكل كبير في كسب ثقة المواطنين، وهو الأمر الذي دفع المئات من النساء والرجال والشباب إلى إخراج مدخراتهم وبيع ما يملكون للاستثمار فيها. واتهم قيادات في الجماعة بوقوفها المباشر وراء دعم وحماية مندوبين لكثير من الشركات الوهمية وإفساحها المجال أمامها للعمل في نطاق بسطتها دون قيود أو مضايقات. وأضاف أن «الميليشيات في الوقت الحالي وبهدف نهبها للمبالغ المصادرة من قبلها قامت باعتقال مندوبي عدد من الشركات وعملت على إخفائهم والتحفظ عليهم». وتوقع أن تكون الجماعة قد أطلقت سراحهم بهدف إخفائهم عن أنظار المساهمين الذين لا يزالون ينظمون وقفات احتجاجية لمطالبتهم بإعادة أموالهم. من جهتها، تحكي أماني مسعد وهي مشاركة في الاحتجاجات لـ«الشرق الأوسط»، قصتها مع إحدى الشركات الوهمية والتي قامت قبل نحو شهر بتسليمها مبلغ 7 ملايين ريال بهدف الحصول على أسهم وأرباح مضاعفة. وتقول أماني (35 عاما) من صنعاء، «فور سماعي خبر إيقاف المؤسسة التي أودعت فيها أموالي وشقيقاتي أصبت بهبوط حاد نقلت على إثره للمشفى لتلقي العلاج، ولا أزال أعاني من خوف وقلق شديدين على الأموال التي بات مصيرها اليوم مجهولا». كانت أفادت تقارير محلية في صنعاء بأن العشرات من الشركات الوهمية جمعت على مدى السنوات القليلة الماضية من المواطنين بطرق احتيالية في مناطق الحوثيين مبالغ مالية كبيرة تقدر بمليارات الريالات. وخلال السنوات القليلة الماضية انتشرت وبشكل كبير بمناطق سيطرة الانقلابيين العديد من شركات ومؤسسات بيع الأسهم المالية الوهمية ووقع نتيجتها ضحايا يمنيون بالمئات ممن خسروا رؤوس الأموال بمجملها، بعد أن منّتهم تلك الشركات بمكاسب جيدة في بادئ الأمر. وكان ناشطون محليون على مواقع التواصل، حذروا بوقت سابق من الوقوع في فخ تلك الشركات الوهمية، وأطلقوا حملة توعية عن الاستثمار بهذه الشركات تحت شعار «لا تكن سمكة»، محذرين من انخداع المواطنين بالأرباح السريعة. وأكد بعض الناشطين لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة المدعومة من إيران تركت تلك الشركات منذ خمسة أعوام ماضية تسرح وتمرح وتمارس النهب والسلب وفق أساليب وطرق ممنهجة بحق أموال وممتلكات اليمنيين بمناطق سيطرتها وعندما سنحت لها الفرصة انقضت عليها ونهبتها كلها. وفي وقت سابق كانت مصادر محلية في صنعاء كشفت لـ«الشرق الأوسط»، عن أن إجمالي عدد الشركات والمؤسسات الوهمية التي مارست مختلف أساليب الاحتيال بحق مواطنين يمنيين ونهبت أموالهم ومدخراتهم يصل إلى أكثر من 12 شركة ومؤسسة وهمية تقف خلفها وتمولها وتدعمها قيادات حوثية بارزة. وفي الوقت الذي بات فيه آلاف المساهمين في قلق شديد بعد قيامهم ببيع حاجياتهم وتسليم رؤوس أموالهم لهذه الشركات التي ليس لها وجود على أرض الواقع ولا تملك سجلات تجارية ولا حسابات بنكية ولا يعلم مصادر دخلها، كان فرع البنك المركزي اليمني الخاضع لسيطرة الانقلابيين بصنعاء أصدر قراراً بحجز أموال أشخاص وشركات تنشط في بيع للأسهم الوهمية للمواطنين. ورغم توجيه الحوثيين لجميع شركات ومنشآت الصرافة بحجز أموال أشخاص وشركات تنشط في بيع الأسهم الوهمية وتطبيق إجراءات العناية الواجبة وإجراءات العناية الخاصة للتعرف على العميل والمستفيد الحقيقي والتأكد من حصول الشركات على التراخيص القانونية، فإن خبراء اقتصاديين استبعدوا تماما قيام الميليشيات بإعادة المبالغ المالية المنهوبة لأصحابها.