هل بهجة العيد في اليمن حقيقة أم مصطنعة

ـ العربي الجديد
يرفض اليمنيون الاستسلام للظروف التي فرضتها الحرب منذ ست سنوات، وذلك من خلال الحرص على ممارسة الطقوس المعتادة لقضاء أيام عيد الفطر، ولو عبر فرحة مصطنعة تخنقها سلسلة أزمات مركبة تكاد لا تنتهي. فقد قذفت الحرب بأكثر من 18 مليون يمني إلى خط الفقر، ووفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي شهدت الفترة الماضية ارتفاعاً في أسعار السلع بمقدار 200 بالمائة عما كانت عليه قبل بداية الصراع في عام 2015، ما جعل أبسط الاحتياجات بعيدة عن متناول الناس بصورة متزايدة.
وحلّ عيد الفطر هذا العام ضيفاً ثقيلاً على مخيمات النازحين في محافظة مأرب والذين قذفت بهم الحرب إلى العراء ولا يزالون تحت رحمة قذائف شردتهم من تجمعات مختلفة جراء تصاعد الهجمات الحوثية، كما أدت إلى نزوح نحو 30 ألف شخص بعد إغلاق 4 مخيمات هي الخير والميل والتواصل وذات الراء، وفقاً لآخر إحصائية أممية. 
مع ذلك، شهدت العديد من المدن اليمنية، ترتيبات لاستقبال النسخة السابعة من عيد الفطر في ظل أجواء الحرب، حيث بدت الأسواق عامرة نسبياً بالمتسوقين لشراء مستلزمات العيد من ملابس وحلوى، رغم الارتفاع المهول في الأسعار التي تجعل المناسبة لا تعرف طريقها لمنازل الأسر الفقيرة وذوي الدخل المحدود. ورغم الأوضاع المعيشية الصعبة، يحاول المواطن اليمني توفير مستلزمات العيد لأطفاله وإدخال الفرحة إلى قلوبهم، بقدر استطاعته، للحفاظ على مشاعرهم، فيما يواصل حرمان نفسه من أبسط الضروريات. 
يؤكد عبدالرحمن القدسي، وهو موظف في شركة خاصة، أنه رغم شحوب ملامح العيد، إلا أنه سيحرص قدر الإمكان على "جلب الفرحة لأولادي وعدم ظهورهم منكسرين أمام باقي الأطفال الذين تتوفر لديهم الإمكانات للاحتفاء به بشكل أفضل". 
ويقول القدسي، وهو أب لخمسة أطفال، في تصريح لـ"العربي الجديد": "الشعب اليمني يستحق الاحتفاء بعيد أفضل بعد المعاناة التي عاشها منذ ست سنوات. هذا عيد الأطفال، لكن عيدنا الحقيقي هو انتهاء الحرب وزوال هذه الغمة". 
وأدى الانهيار غير المسبوق للعملة اليمنية أمام العملات الأجنبية إلى ارتفاع أسعار الملابس هذا العام بشكل قياسي. ووفقاً لعدد من تجار الملابس في مدينة تعز، لم يكن حجم الإقبال كبيراً كما هو الحال مع الأعياد السابقة. يقول عصام الدبعي الذي يدير مستودعاً لبيع ملابس الأطفال في شارع 26 سبتمبر بمدينة تعز لـ"العربي الجديد" إن "العشرات من زبائن المحل المعتادين لم يحضروا هذا العام للتسوق، فيما اكتفت بعض العائلات التي كانت تحرص على شراء 3 أطقم من ملابس الأطفال، على شراء طقم واحد هذا العام بسبب الغلاء". 
يرجع الدبعي ارتفاع الأسعار إلى انهيار سعر الصرف. ويشرح: "رغم أن البضاعة المعروضة في الأسواق قادمة من الأسواق الصينية والهندية المتواضعة، إلا أن الطقم الواحد للطفل يكلف هذا العام ما لا يقل عن 25 ألف ريال. تجدر الإشارة إلى أن الدولار الواحد يساوي نحو 600 ريال يمني في مناطق الحوثيين ونحو 900 ريال يمني في مناطق الشرعية، بحسب سعر الصرف الرسمي المعتمد. 
لم تكن ملابس العيد في متناول غالبية ذوي الدخل المحدود، والذين قرروا البقاء في مساكنهم بانتظار التفاتة إنسانية من التجار الميسورين أو المنظمات الإقليمية والمحلية التي تنشط خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان لتوزيع كسوة العيد وزكاة الفطر.