صحيفة العرب.: تعثر إغلاق ملف الأسرى مؤشر على استعصاء الحل السلمي في اليمن

عدن - خاص

انتهت جولة مفاوضات بشأن تبادل للأسرى بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمتمرّدين الحوثيين الأحد دون إحراز أي تقدم وذلك بعد مرور نحو شهر على انطلاقها. ويؤشّر فشل المحادثات التي احتضنتها العاصمة الأردنيّة عمّان برعاية أممية على حالة من الانسداد الشامل في جهود التهدئة التي تسعى الأمم المتّحدة إلى إرسائها أملا في إفساح المجال أمام مسار سلام مدعوم من قبل إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن. ويقول متابعون للشأن اليمني إنّ التساهل الذي أظهرته واشنطن مع الحوثيين بإلغاء تصنيف جماعتهم منظمة إرهابية، وأيضا بوقفها الدعم اللوجستي للتحالف الذي يتصدّى لهم بقيادة السعودية، بصدد تحقيق نتائج عكسية تماما لما يراد من تهدئة للصراع، حيث بدا الموقف الأميركي مشجّعا للجماعة المدعومة من إيران على تصعيد الحرب في مأرب وبعض مناطق الساحل الغربي اليمني وعلى التصلّب في مختلف الملفات وتسييسها بما في ذلك ملف الأسرى ذو الطبيعة الإنسانية. وقال مسؤول يمني مقرب من مشاورات الأسرى إنّ “جماعة الحوثي سعت بكافة الطرق إلى إفشال هذه الجولة رغم قيام الجانب الحكومي بتقديم تنازلات في سبيل إنجاحها”. وكان ملف الأسرى جزءا من اتّفاق السويد الذي تمّ التوصّل إليه سنة 2018 برعاية أممية حول الوضع في محافظة الحديدة ومثّل الإنجاز الجزئي الوحيد للمبعوث الأممي مارتن غريفيث، حيث مكّن من إرساء تهدئة هشّة في المحافظة ذات الموقع الإستراتيجي المطلّ على البحر الأحمر غربي اليمن، على الرغم من أنّه لم يتمّ تنفيذ أغلب بنوده بما في ذلك ما يتعلّق بالأسرى. وقال المسؤول لوكالة الأناضول مفضّلا عدم ذكر اسمه إنّ “جماعة الحوثي قدمت أسماء أسرى لا وجود لهم وطالبت بالإفراج عنهم سعيا منها لإفشال جولة المحادثات”. كما اتّهم الجماعة برفض “تبادل الصحافيين الأربعة المختطفين لديها والمحكوم عليهم بالإعدام مقابل إطلاق سراح أسرى حرب حوثيين”. الانتقال لمناقشة مسائل سياسية وعسكرية أهم من ملف الأسرى سيكون أمرا بالغ الصعوبة وبحظوظ نجاح ضئيلة وأشار إلى أنّ “الفريق الحكومي طالب مرارا مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث بالضغط على الحوثيين لإنجاح الجولة لكن دون جدوى”. وفي 24 يناير الماضي بدأت مفاوضات جديدة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي حول تبادل الأسرى والمحتجزين في العاصمة الأردنية عمّان بعد إطلاق سراح 1065 أسيرا ومعتقلا في أكتوبر الماضي في صفقة تبادل بين الجانبين. وفي مشاورات السويد 2018 قدّم الطرفان كشوفات أكثر من 15 ألف أسير ومعتقل ومختطف، بينما لا يوجد حاليا إحصاء دقيق بعدد أسرى الطرفين لاسيما أن آخرين وقعوا في الأسر بعد تلك السنة. ويقرأ متابعون للشأن اليمني في تعثّر محاولة التوصّل إلى اتّفاق بشأن الأسرى مؤشّرا سيّئا على ضعف حظوظ التوصّل إلى اتّفاق سياسي أشمل ينهي الأزمة اليمنية سلميا. واعتبر مصدر يمني أنّ فشل أفرقاء الصراع في الاتّفاق على ملف ذي طبيعة إنسانية دليل على اتّساع هوّة الخلاف بينهما، قائلا إنّ الانتقال في إطار أي عملية سياسية قد تدفع باتّجاهها الأمم المتّحدة والمجتمع الدولي لمناقشة مسائل سياسية وعسكرية وأمنية جوهرية ومصيرية سيكون أمرا بالغ الصعوبة وبحظوظ نجاح شبه منعدمة. ومع رواج خطاب أممي ودولي قوي بشأن ضرورة حلّ الأزمة اليمنية سلميا بالاستناد إلى رغبة الإدارة الأميركية الجديدة في ذلك، شهد الصراع المسلّح في البلد خلال الأيام الماضية تصعيدا كبيرا بسبب إطلاق جماعة الحوثي هجوما من عدّة محاور على محافظة مأرب شرقي العاصمة صنعاء بهدف انتزاعها من سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا نظرا لأهمية موقعها وثرائها بمخزونات النفط والغاز. ومن شأن السيطرة على مأرب أن تُكسب جماعة الحوثي في حال تحقّقها عناصر قوّة جديدة وأن تجعلها في حالة تفوّق نوعي على السلطة الشرعية، ليس فقط ميدانيا على اعتبار المحافظة هي آخر معقل لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي في محافظات شمال اليمن، ولكن سياسيا أيضا حيث سيكون المتمرّدون في موقع من يملي شروطه خلال أي مفاوضات سياسية قادمة، وهو ما يفسّر مبادرتهم بالهجوم على المحافظة بمجرّد ظهور الدعوات الأميركية لحلّ سلمي في اليمن