"اعلان عدن التاريخي"..بداية خروج المارد السياسي الجنوبي للنور

عدن الحدث -متابعات
 
برز مؤخرًا اسم اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، وهو الكيان الضخم الذي نشأ في أعقاب إعلان عدن التاريخي، وهو اليوم الذي احتشد فيه أبناء الجنوب اليمني في الرابع من مايو عام 2017، بعد قرار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بإقالة اللواء الزبيدي من منصب محافظ عدن، وهو القرار الذي كانت توابعه لها صدى كبير في عالم السياسة اليمنية، عملت على تقديم المجلس الانتقالي الجنوبي كمعبر أساسي عن تطلعات شعب الجنوب اليمني الذي رأى فيه الخلاص من الكثير من الأزمات المحدقة بشعب الجنوب، كما بات ذلك الكيان يناضل من أجل حقوق ذلك الشعب التاريخية.
يعد المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن هو أحدث الهيئات والكيانات السياسية الضخمة صاحبة الصيت الذائع والموقف الجاد، وقد تم الإعلان عن تدشيه في الحادي عشر من شهر مايو من عام 2017، ويرأسه اللواء عيدروس الزبيدي، ويمثل إعلان عدن التاريخي نقطة البداية لخروج ذلك المارد السياسي إلى النور، حيث أخد الكثير من الخطوات السياسية الجادة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، كما بات يحظى بالكثير من الاحترام العالمي، وذلك بعد الزيارات الخارجية التي قام بها اللواء عيدروس الزبيدي بصفته رئيسًا للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى دولًا ذات ثقل سياسي عالمي وأبزرها روسيا والمملكة المتحدة، وكذلك دولًا بمنطقة الشرق الأوسط، مستهدفًا عرض أخر ما توصلت إليه القضية اليمنية، وكذلك لعرض قضية شعب الجنوب اليمني بشكل خاص.
الأوضاع السياسية قبل التدشين
يصعب على المراقبين للأوضاع في اليمن توقع ما ستؤول إليه الأحداث، ففي كل لحظة لابد أن يكون هناك جديد قد ينسف الكثير من التوقعات السابقة، غير أن الثابت في قرارة الأنفس أن المجلس الانتقالي الجنوبي بات يمثل قوة ارتكاز لدى الكثير من أبناء الجنوب اليمني، الذين عانوا الكثير من سوء الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية جراء قرار الوحدة الصادر في مايو 1990، فمع الرغبة الجنوبية في إحداث نوع من الاستقرار السياسي بشكل عام في اليمن من خلال الوحدة بين الشمال والجنوب، إلا أن الأزمة تكمن في أن الجنوب اليمني عانى سنوات طويلة من النظام السياسي أنذاك، فضلًا عن المعلومات الواردة بشأن تجاهل أبناء الجنوب في المناصب السياسية، علاوة على تهميش كبير للجنوب ما نسف مبادئ ومواثيق الوحدة، وانتهاءً بالحرب التي شنها الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح على الجنوب في صيف 1994م.
ومع بزوغ شمس الربيع العربي على بعض الأنظمة العربية التي باتت في عداد المفقودين، حاول الرئيس الأسبق صالح لملمة أوراقه والخروج بأقل الخسائر، إلا أنه في ذلك الوقت برزت إحدى القوى اليمنية المتمثلة في حزب الإصلاح الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تحالفت مع الحوثيين ضد حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يرأسه علي عبد الله صالح في ذلك الوقت، فيما استمرت الخلافات بين كافة الأطراف حتى صعد الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي للسلطة، وباتت أراضي اليمن تحت يد ميليشيات الحوثي التي سيطرت على الكثير من المحافظات اليمنية، وعلى كامل المؤسسات الوطنية اليمنية وسط تخاذل الحكومة الشمالية أمام الحفاظ على كيانها من بطش الميليشيات المسلحة.
عيدروس الزبيدي.. القائد العسكري المحنك
بزغ نجم اللواء عيدروس الزبيدي مبكرًا، وبات من أهم الوجوه السياسية في اليمن على الإطلاق، وصاحب الكاريزما الذي يناضل من أجل قضة شعب نال من الوجع ما يكفيه، فرأى أن قضية الوحدة باتت تجربة فاشلة جراء ما لاقاه شعب الجنوب من إهمال وتهميش، فأخذ على عاتقه مهمة إعادة الأمانة إلى أصحابها وعودة الأمور إلى نصابها، فما أن بدأت الأحداث العسكرية في فترة الربيع العربي في عام 2011، حتى أعلن الزبيدي عودة النشاط المسلح لحركة "حق تقرير المصير" في جنوبي اليمن، وأسس في أوائل 2014 "المقاومة الجنوبية" التي أصدرت أول بيان لها ونشرته محطة تلفزيون تابعة للحراك الجنوبي.
أما عن السيرة الذاتية العسكرية للواء عيدروس الزبيدي، فهي حافلة بالكثير من المعلومات التي تشي بأن الزبيدي من أهم القادة العسكريين الذين قد يغيرون مجرى تاريخ وجغرافيا اليمن حاليًا بما قدمه من جهد وضغوط سياسية رمت أحجارًا كثيرة في بركة السياسة اليمنية الراكدة، فحركت الأمواج لما فيه صالح القضية الجنوبية، وربما شعب الشمال أيضَا.
لقد سبق أن شارك الزبيدي في العمليات العسكرية ضد قوات علي عبد الله صالح والحوثيين في الضالع ولحج وعدن، وبعد اغتيال محافظ عدن اللواء جعفر محمد سعيد أواخر 2015 عينه الرئيس منصور هادي محافظا لعدن لكنه أقاله في ابريل 2017 وعنيه بمنصب سفير في وزارة الخارجية، وبعد ذلك بفترة قصيرة كلفه الحراك الجنوبي بتشكيل قيادة سياسية لادارة وتمثيل جنوبي اليمن، فتم الإعلان عن تكوين "المجلس الانتقالي الجنوبي" برئاسة الزبيدي.
ومن خلال رؤيته كقائد عسكري، أدرك الزبيدي أنه للحصول على الحق فلابد لذلك الحق من قوة تحميه، فنجح بجدارة سياسية وعسكرية في بناء جيش جنوبي وطني متين خلال أقل من عامين، وواستطاع تشكيل عدة ألوية وقوات منها (15) لواء صاعقة، (6) ألوية مقاومة جنوبية، ولواء العاصفة، و(5) ألوية إسناد ودعم، ولواء حماية المنشآت، وقوات الحزام الأمني في كلًا من العاصمة عدن، ولحج، وأبين، والضالع، وسقطرى، وقوات النخبة الشبوانية، وقوات النخبة الحضرمية، وألوية مكافحة الإرهاب، ولواء مهام خاصة بشبوة، واللواء الأول مشاه، ولواء الشهداء وغيرها من التشكيلات العسكرية الجنوبية التي تنطوي تحت القوات المسلحة الجنوبية، حتى باتت أراضي الجنوب هي البقعة الأمنة في الأراضي اليمنية كافة.
المستوى السياسي
ومن أجل عدالة الطرح، عمل الزبيدي بشكل مكثف على طرح قضية الجنوب بشكل عادل آملًا أن تكون تلك القضية على مائدة المجتمع الدولي في القريب العاجل، فبذل جهودًا ضخمة لعرض تلك القضية في ظل رغبته الجامحة والعادلة في استعادة دولته، فنجح في نقل الاهتمام بقضية الجنوب من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي في مختلف المحافل الدولية، وهو ما يمثل خطوة شديدة الأهمية فيما يتعلق بتحقيق حلم شعب الجنوب.
كذلك كان للعمل الدبلوماسي دورًا كبيرًا في إحداث نوع من الاختراق في تلك القضية، حيث تمكن الزبيدي ورجاله في المجلس الانتقالي من إعلاء القضية الجنوبية هي محور الاهتمام بشكل خاص، بعد كل ما طاله الجنوب من إهمال متعمد خلال الثلاثين عامًا الماضية.
وقد كان أبرز الوقائع التي برز فيه المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني كقوة لا يستهان بها توقيع اتفاق الرياض في العاصمة السعودية، مع الحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي، وهو ما أعطى للمجلس الانتقالي ثقلًا سياسيًا قويًا في العالم العربي والمجتمع الدولي كشريك سياسي وأساسي في عملية التحول السياسي في اليمن.
كما يمثل ذلك الاتفاق أهم المحطات السياسية في تاريخ الجنوب، كونه أعطى الجنوب شرعية دولية ممثلة بشرعية المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس الزُبيدي، الذي أعلن بنفسه أن ذلك الاتفاق هو الخطوة الأولى في سبيل استعادة دولة الجنوب وعدالة قضيته.