عربي دولي
الأردن يرحب باستضافة السعودية للمحادثات الروسية الأمريكية
في الوقت الذي يتمسك فيه نازحو غزة بأرضهم رغم القصف الإسرائيلي والضغوط الدولية التي تسعى لتهجيرهم إلى خارج القطاع، نشهد في ارضنا الجنوب ظاهرة مختلفة تمامًا؛ حيث يتدفق النازحون من الشمال إلى الجنوب دون وجود مبررات قاهرة، بل ويتقبلون فكرة الاستيطان فيه كبديل عن مناطقهم الأصلية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبح الجنوب وجهة رئيسية لموجات نزوح من القرن الأفريقي، حيث تشير تقارير الهجرة الدولية إلى وصول نحو 76 ألف نازح أفريقي منذ يناير 2024، في حين بلغ عدد النازحين من القرن الأفريقي منذ يناير 2025 حوالي 15 ألف نازح، توزعوا بين شبوة وعدن وما جاورهما.
هذه الظاهرة ليست مجرد مصادفة، بل تبدو وكأنها جزء من مخطط يهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي في الجنوب، ما قد يؤدي إلى تداعيات ثقافية، دينية، اجتماعية، وتنموية، فضلًا عن تهديد اللحمة الوطنية الجنوبية التي ظلت متماسكة رغم التباينات.
يشكل هذا النزوح المتزايد عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على الحكومة والمجتمع المضيف، في ظل انعدام الدعم الدولي الكافي. فبينما تغدق المنظمات الدولية مساعداتها على بعض المناطق، لا يزال الجنوب يعاني من نقص حاد في الدعم، ما يطرح تساؤلًا: أين دور برنامج الغذاء العالمي تجاه أهالي المحافظات الجنوبية المحررة؟
إلى جانب الأعباء الناتجة عن النزوح، يتعرض الجنوب لحرب اقتصادية وخدماتية ممنهجة، تعمقت مع عجز الحكومة والمجلس الرئاسي عن تقديم المعالجات والإصلاحات الاقتصادية اللازمة لمواجهة هذا الواقع. وهذا يستدعي تبني سياسات جريئة وواضحة ترتكز على:
• إطلاق مشاريع تنموية وخدمية واقتصادية تخص الجنوب كمرحلة أولى، على أن تكون قاعدة انطلاق لإصلاحات أوسع تشمل باقي مناطق اليمن بعد التحرير.
• إصدار عملة جديدة خاصة بالجنوب، تُمكّن من السيطرة على المصارف وأسعار الصرف، ما ينعكس إيجابيًا على السوق المحلية ويحد من انتشار السوق السوداء للعملة.
• استعادة السيطرة على قطاع الاتصالات، بما يضمن الاستفادة من عائداته الضخمة في دعم الاقتصاد المحلي، بدلًا من استمرار تحويلها إلى جهات لا تخدم الجنوب.
في ظل هذه التحديات، يبقى تبني سياسات جريئة تخص الجنوب هو الطريق الوحيد لحماية نسيجه الاجتماعي والاقتصادي، وتثبيت دعائم التنمية المستدامة، ليكون نموذجًا لمرحلة إصلاحات أوسع مستقبلًا.