صحيفة بريطانية : اليمنيون يحبسون أنفاسهم مع انتهاء الهدنة وعدم اتفاق الفرقاء على تمديدها
العرب.. متابعات
تنتهي الهدنة الإنسانية التي رعتها الأمم المتحدة في اليمن الخميس من دون اتفاق بين الفرقاء على تمديدها، رغم مساهمتها إلى حد كبير في خفض العنف في البلد الفقير وسماحها لليمنيين بالسفر من مطار صنعاء للمرة الأولى منذ ست سنوات في رحلات تجارية آخرها بين العاصمة اليمنية والقاهرة الأربعاء.
وتقول أوساط سياسية إن عدم التوصل إلى اتفاق رسمي يضع اليمن بين سيناريوهين: الأول استئناف القتال، وهذه المرة لن يكون كسابق الجولات بل أكثر شراسة وعنفا، لاسيما بعد الترتيبات التي جرت في السلطة الشرعية. والثاني: التأني من الجانبين وتجنب كليهما إطلاق الرصاصة الأولى لفسح المجال أمام المبعوث الأممي هانس غروندبرغ لمواصلة جهوده في تمديد الهدنة.
وتشير الأوساط إلى أن الساعات المقبلة ستكون محددا للسيناريو الذي سيتبناه الطرفان، وإن كان تمديد الهدنة يخدم صالح كليهما، حيث أن السلطة الشرعية الممثلة في مجلس القيادة الرئاسي ما تزال في مرحلة ترتيب أوراقها بشأن سبل إدارة المرحلة وبالتالي أي تصعيد قد تكون له مفاعيل سلبية، فيما منحت الهدنة المنتهية الحوثيين مكاسب عجزوا عن تحقيقها عسكريا خلال السنوات الماضية، وهو ما يجعلهم يميلون إلى خيار تمديدها.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في الثاني من أبريل الماضي بوساطة من الأمم المتحدة، وتضمنت جملة من البنود من بينها السماح برحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي، ورفع الحصار عن موانئ الحديدة، وفتح طرقات المحافظات المحاصرة وفي مقدمتها تعز جنوب غرب البلاد.
وقد أوفت السلطة الشرعية والتحالف العربي الداعم لها بالتزاماتهما بشأن تلك البنود، لكن الحوثيين رفضوا تنفيذ الجانب المتعلق بهم وخصوصا فك الحصار عن تعز، وهو ما أدى إلى تعثر إمكانية تمديد الهدنة.
وقال مسؤول في الحكومة اليمنية الأربعاء إنّ مجلس القيادة الرئاسي أبلغ المبعوث الأممي صراحة بأنّ السلطة المعترف بها "تطالب بتطبيق كامل بنود الهدنة، بما في ذلك رفع الحصار عن تعز، للموافقة على تمديدها".
وفي اتصال بين رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا المسؤول اليمني إلى "مضاعفة الضغط على الميليشيا الحوثية للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق الهدنة، وفي المقدمة فتح معابر تعز".
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن المحادثات الرامية إلى تمديد مفاعيل وقف إطلاق النار “لم تنته بعد لكن يبدو أنها تواجه بعض الصعوبات".
وأشارت في تصريح للصحافيين إلى أن بلادها تعتبر وصول المحادثات إلى مأزق مشكلة، قائلة "أشجع الفرقاء في الجانبين على مواصلة تلك الجهود وعلى إيجاد سبيل سلمي لتوفير المساعدات الإنسانية للشعب اليمني".
ومنذ العام 2014 يدور النزاع في اليمن بين الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى في شمال وغرب البلاد، وقوات الحكومة المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية. وتسبّب النزاع بمقتل أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو بسبب تداعيات الحرب، وفق الأمم المتحدة.
ويتهم الحوثيون المدعومون من إيران الرياض بفرض "حصار" على اليمن خصوصا بإغلاق المطار أمام الرحلات التجارية منذ 2016، في حين يربط السعوديون إجراءاتهم بمحاولة منع تهريب أسلحة للحوثيين الذين هاجموا مرارا أراضي المملكة.
وخلال فترة الهدنة تبادلت الحكومة اليمنية والحوثيون اتهامات بخرق وقف إطلاق النار، لكنها نجحت بالفعل في خفض مستويات العنف بشكل كبير.
وبموجب اتفاق الهدنة، كان يفترض السماح برحلتين تجاريتين من مطار صنعاء أسبوعيا، لكن خلافات حول مصادر جوازات السفر قلّصت أعداد هذه الرحلات. والأربعاء نقلت طائرة تابعة للخطوط اليمنية العشرات من المسافرين من صنعاء إلى القاهرة في أول رحلة تجارية بين العاصمتين منذ 2016.
وأفاد المكتب الإعلامي للمبعوث الأممي إلى اليمن بأنّ 77 شخصا استقلوا الطائرة التي أقلعت صباحا من المطار المغلق أمام الرحلات التجارية منذ نحو ست سنوات، فيما أفاد شهود عيان بأنه لم يُسمح للصحافيين بدخول المطار.
وهذه سابع رحلة تجارية تنطلق من العاصمة صنعاء منذ بدء سريان الهدنة. والرحلات الست الأخرى كانت بين صنعاء وعمّان ونقلت غالبيتها مرضى يمنيين.
ويتهدد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن، فيما يحتاج الآلاف وبينهم الكثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى علاج طبي عاجل لا يتوافر في البلد الذي تعرّضت بنيته التحتية للتدمير.
ويعتمد نحو 80 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات للبقاء على قيد الحياة. وكانت منظمات إغاثية عاملة في اليمن دعت أطراف النزاع الثلاثاء إلى تمديد الهدنة، وقالت المنظمات في بيان "لا تدعوا شهر يونيو هو الشهر الذي يُستأنف فيه القتال"، مضيفة "لقد تعبت العائلات اليمنية من القتال".