رهينة أفغاني محرر يروي فظاعات داعش وتوحشها
كابول - لا يزال الطالب محمد يوسف يحمل على وجهه صور العذاب والخوف التي عاشها طيلة تسعة اشهر اسيرا لدى تنظيم الدولة الاسلامية الذي ارغمه على دفن رأس رهينة آخر.
وبعد نحو عشرة ايام من الافراج عنه ليس بأيدي جنود افغان او من حلف شمال الاطلسي وانما بأيدي مقاتلي طالبان، لا تزال عيناه حمراوين وغائرتين ولا يزال غير قادر على النظر في عيني محدثه.
"سألتهم مرة عن الخطأ الذي ارتكتبه لأستحق ذلك (...) قلت لهم أنا سني (...) فقالوا لي انني قبلت بهذه الحكومة وأني استحق قطع رأسي"، قال طالب الهندسة البالغ من العمر 23 سنة لوكالة فرانس برس في منزل اقرباء له في كابول في حين كان عمه يبكي بصمت وهو يصغي إليه.
وروى يوسف وهو من الطاجيك كيف حمل بيديه العاريتين رأس رهينة آخر هو موظف حكومي يدعى عبد الفتاح قطع التنظيم رأسه مع اثنين آخرين أمامه. "قالوا له: أنت عدو الله". واضاف يوسف "قمت بنفسي بدفن رأسه اكراما له".
تلقي قصة يوسف الضوء على الفظاعات التي يرتكبها التنظيم المتطرف الذي حقق تقدما في افغانستان بعد ان انضم اليه عدد من قياديي طالبان ومن المقاتلين الاجانب في حين شكلت اعتداءات باريس في 13 نوفمبر دليلا على توسيع نطاق عملياته وعلى المجازر العشوائية التي يرتكبها والتي قال يوسف انها اعمال قتل لا علاقة لها بالدين او العرق أو القومية.
اختطف يوسف في ولاية غزني الجنوبية في فبراير عندما قام مسلحون بتوقيف حافلة كان يستقلها من مدينة هرات في الغرب حيث يعيش باتجاه كابول.
وكان الخاطفون من اوزبكستان التي يأتي منها عدد كبير من المقاتلين في صفوف التنظيمات المتطرفة.
وروى انهم قالوا للرهائن انهم سيبادلونهم مع رفاق لهم تعتقلهم الحكومة.
اقتيد يوسف مع نحو ثلاثين آخرين بالسيارة في رحلة استغرقت ست الى سبع ساعات الى معسكر معزول في منطقة بعيدة، وهو يشعر بالخوف من ان يقتل في اي لحظة.
وفي المعسكر بدأت عملية تعذيب الرهائن. "كانوا يركلوننا او يلكموننا ويضربوننا بالسياط والعصي. كانوا يطلبون منا رفع أيدينا وابقاءها مرفوعة لخمس او ست ساعات". وكانوا يقيدون الرهائن ويعصبون عيونهم ويحرمونهم من الأكل.
وتابع "كانوا يعطوننا القليل جدا من الأكل والماء. فنجان من الشاي في الصباح وقطعة خبز، وطبقين من الأرز في المساء لخمسة عشر شخصا".
واضاف "كانوا يقولون لنا انه ان لم تقم الحكومة بمبادلتنا فسنقطع رؤوسكم. ليس مهما ان كنتم من السنة او الشيعة. نريد تحقيق هدفنا".
انقذتنا طالبان
سمع يوسف بما حدث قبل تسعة ايام في باريس وكيف فتح مسلحون النار في مسرح وعلى رواد المقاهي وقتلوا 130 شخصا واثاروا الذعر في اوروبا.
لكنه لم يستغرب هول ما حدث وحدة العنف فهو يصف عناصر تنظيم الدولة الاسلامية بانهم "ليسوا سوى اعداء للبشرية".
ورغم اعلان الحكومة عن قيامها بالعملية التي افضت الى انقاذ ثمانية رهائن بينهم يوسف في 10 نوفبر، يقول يوسف ان مقاتلي طالبان هم من افرجوا عنه.
"دارت معارك على مدى ثلاثة ايام وثلاث ليال" بين طالبان والمقاتلين الأوزبكيين الذين يعلنون ولاءهم لتنظيم الدولة الاسلامية و"عندما جاء طالبان وقالوا لنا انتم احرار، لم نصدق ذلك،" قال الشاب.
واضاف ان مقاتلي طالبان اخذوا الرهائن الى منزل وفكوا قيودهم. قال الرهائن انهم يشعرون بالجوع "فاحضروا لنا طعاما ولبنا ويخنة وارزا، الكثير من الطعام".
بعدها سلم مقاتلو طالبان الرهائن الى اعيان محليين.
وصف مراقبون ما قام به الطالبان بانه نوع من "العلاقات العامة" او الدعاية التي تقوم بها الحركة بهدف تحسين صورتها والتخلص من وصفها بالتشدد والقسوة.
وقال مايكل كوغلمان المحلل في مؤسسة وودرو ولسون البحثية ان طالبان تسعى بذلك الى تقديم نفسها بوصفها بديلا "ليس سيئا" عن حكومة كابول.
اما يوسف فقال "نعم، انا ممتن لطالبان. لقد احسنوا معاملتي". ولكن بعد اكثر من عشرة ايام من الافراج عنه لا يشعر يوسف انه "في حالة جيدة".
وروى كيف تسمَّر امام باب الحمام لنصف ساعة لاعتقاده انه مغلق وان احدا يختبىء خلفه، عندما نقل الى المستشفى بعد الافراج عنه.
واضاف "عندما عدت الى وعيي ادركت ان الباب كان مفتوحا (...) لست بكامل قدرتي الذهنية الآن".
لا يعرف يوسف ماذا ينتظره ولكنه لا يزال بطريقة ما يحلم بالمستقبل، بأن يصبح مهندسا، بأن يواصل دراسته، ربما في الربيع.
ولكنه لا يريد ان يبقى في هرات، فهو لا يحتمل الطيران ومن غير المحتمل أن يسلك طريق البر.
وقال "انا خائف جدا".