أسباب تدهور القوة الشرائية للعملة المحلية أمام العملات الاجنبية من منظور اقتصادي

رصد/ شائف الحدي

شهدت العملة المحلية في الفترة الأخيرة تدهورًا ملحوظًا أمام النقد الأجنبي (العملة الصعبة) مما أدى إلى عجز البنك المركزي عن إدارة السوق المالية ولجوئِه إلى ما يسمّى بعملية تعويم العملة (جعل سعر صرف العملة محررا بشكل كامل، بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده بشكل مباشر ويتم ترك تحديد سعر الصرف لقوى السوق وآلية العرض والطلب بشكل كامل، وتمتنع الدولة عن أي تدخل مباشر أو غير مباشر)، وعدم قدرة البنك على ضخ كميات من العملات الصعبة إلى السوق المحلية، ونورد في هذا السياق أهم النقاط التي أدت إلى تدهور العملة المحلية أمام العملة الأجنبيّة: 1 ــ توقف الصادرات المحلية مقابل الواردات، حيث أصبحت الواردات تساوي 90% مقابل 10% للصادارت. 2 ــ توقف عملية الإنتاج في القطاع العام والخاص نتيجة إختلالات إدارية أو أضرار الحقت بالمنشآت أو ارتفاع في أسعار المواد الخام المستوردة؛ وهذا أدى إلى زيادة استيراد السلع من الخارج، وهي التي كانت تنتج محليًا من سابق. 3 ــ توقف صادرات النفط والغاز في مختلف المناطق نتيجة الحرب، والتي افقد البلد 70% من مورد كان يرفد الموازنة العامة؛ وهذا كان يمثل مصدر كبير من الدخل القومي بالنقد الأجنبي (العملة الصعبة). 4 ــ استمرار الحكومة في طباعة المليارات من العملة المحلية دون غطاء من العملة الصعبة أو احتياطي نقدي كافي. 5 ــ عجز البنك المركزي عن إدارة السوق المالية من خلال قيامه بتعويم الريال وعدم قدرته على ضخ كميات من العملات الصعبة إلى السوق المحلية لتغطية الطلب والاحتياج من العملة الصعبة. 6 ــ قيام كثير من التجار والمضاربين بأسعار العملة بافتتاح محلات صرافة دون تراخيص رسمية وبعيدًا عن المعايير المتبعة بهذا الشأن، كما أن محلات تجارية كبيرة وصرافيين متنقلين يقومون بالمضاربة في السوق السوداء بأسعار العملة؛ وهذا زعزع استقرار سعر الصرف. 7 ــ عدم الثقة من قبل الشركات والبيوت التجارية والتجار في البنوك العامة والخاصة؛ وهذا أدى بهم إلى التعامل مع محلات الصرافة الخاصة دون رقابة رسمية أو قيامهم بتخزين العملة المحلية أو النقد الأجنبي في منازلهم. 8 ــ النفقات الكبيرة من قبل مرافق الدولة والمسؤولين دون اعتبار بأن البلد في وضع حرب؛ وهذا أدى إلى إهدار نسبة غير قليلة من الإيرادات. 9 ــ عدم تسديد الإيرادات في المحافظات الواقعة تحت سيطرة ميليشيات الحوثي إلى البنك المركزي عدن. 10 ــ لا توجد عملية ضبط حقيقية للإيرادات المحصلة في المنافذ البرّية والبحريّة والجويّة؛ وهذا من شأنه أن يضيع على البلد موارد أساسية من النقد المحلي والأجنبي. 11 ــ في حالة تحويل العملة المحلية مقابل عملة أجنبيّة؛ فهذا لا يكفي الاحتياطي ويجب على البنك المركزي في العاصمة عدن إيقاف عملية تحويل العملة والتخفيض من قيمتها. 12 ــ لم تقم الدولة بضبط وتنظيم عملية الاستيراد وخصوصًا أن هذا الجانب يكلف البلد مئات الملايين من النقد الأجنبي مثل استمرار إستيراد المعدات والآليات كالناقلات الكبيرة والسيارات والكماليات المتنوعة. 13 ــ من أهم أسباب انخفاض القوة الشرائية للريال مقابل العملة الأجنبية، هو انخفاض العرض وكثرة الطلب على العملة الصعبة مثل أيّ سلعة يعمل على ارتفاع قيمتها في السوق، وكذلك عامل التضخم له أثر حاد على العملة الأجنبيّة، حيث يتم التحول من العملة المحلية إلى العملة الأجنبيّة وأيضًا معدلات الفائدة لها أثر على الإقبال على العملة الصعبة وانخفاض العملة المحلية والحروب والأزمات الاقتصادية وانهيار الأسواق المالية. 14 ــ سحب الميليشيات في صنعاء الاحتياطي النقدي الأجنبي من البنك المركزي؛ وهذا أفرغ الخزينة العامة من مبالغ كبيرة كانت تغطي أو تحصن الريال وتحافظ على قوته الشرائية وسعر الصرف أو تغطي طباعة أيّ فئة من الريال بشكل إضافي. 15 ــ قيام الحكومة الشرعية بطباعة مئات المليارات من فئة 500 ريال وفئة 1000 ريال على أساس أنها بديلا للأوراق التالفة التي تقرر إتلافها في عهد حكومات مجور وباسندوة وبحّاح؛ ولكن لم يتم ذلك؛ بل إن المليشيات الانقلابية أنزلت تلك الأوراق التالفة إلى السوق المحلية للتعامل بها وتعثرت حكومة الشرعية بسحب تلك الأوراق التالفة بسبب أن الميليشيات الإنقلابية لا تسمح بتحويل مبالغ مالية إلى المحافظات المحررة إلاّ بشكل زهيد. 16ــ ومن مسببات انخفاض قيمة العملة: • العرض والطلب. • التضخم. • السياسات الاقتصادية. • الظروف الاقتصاديـــة. • الظروف السّياسيــــــــة. • الفساد المالي والإداري. • الانخفاض الهائل لسعر العملة. • انخفاض معدل الفائدة. • النزاعات والحروب. • عــدم الأستقــــرار. الخلاصـــة: إذا لم تأخذ الحكومة بالحقائق التي ذكرناها سلفًا؛ فإن التدهور في سعر العملة المحلية (الريال) مقابل النقد الأجنبي سيستمر إلى مستويات كارثية ومعه سيواصل الاقتصاد المحلي التدهور إلى الحضيض، فهل تدرك وزارة المالية وكذا محافظ البنك المركزي في العاصمة عدن تلك الحقائق والتعامل معها بمسؤولية وطنية كاملة أم أنهم سيتبعون المعالجات الترقيعية (حقن تخدير للوضع) ثم تعود الأمور مرّة أخرى إلى التدهور من سيء إلى أسوأ..!! ✺ كاتب ورجل أعمال.