: الأسواق الشعبية أكثر إقبالا لأنها تناسب محدودي الدخل

عدن الحدث


مازالت أسواق عدن الشعبية مستمرة في أجوائها منذ العقود الماضية، حيت توجد في المحافظة عددا من الأسواق منها (سوق السيله - سوق الشيخ - سوق الطعام - سوق البهره - سوق الخسا ف -سوق الطويل -وسوق اللحوم والأسماك -سوق الحراج  - سوق الذهب - سوق الزعفران - سوق الخضروات والفواكه) وغيرها من الأسواق، ففي مثل هذه الأسواق كل ما يمكن اقتناؤه وشراؤه من ملابس وحاجات منزلية وحلوى طازجة وأسواق أخرى تمتلئ بمختلف السلع والبضائع وهناك أسواق لبيع العطور والبخور.                                                                         


عند دخولك الأسواق الشعبية المكتظة بالباعة والمشترين عشنا دقائق نستمع إلى نداء الباعة، ترتفع أصواتهم من كل مكان وهم يقومون بالترويج للبضائع وإخبار المشترين بمواصفات السلعة، وشوارع يقف فيها البائعون الجائلون بعرباتهم الخشبية، وأصحاب البسطات كلاَ يحمل في يده عينات من بضائعة الملونة، ومجموعة من المتأملين لا عمل لهم أو هدف سوى المشاهدة.

ويؤكد الساكنين بالقرب من تلك الأسواق انها توفر لهم كل ما يتطلبونه من احتياجات، فمثل هذه الأسواق لا تخلو ليلا نهارا خاصة أوقات المناسبات، وبعد الأعياد بالذات تخلو الأسواق من البشر وتصبح ساكنة، فالكثيرون يذهبون لقضاء إجازات العيد في القرية، لكن سرعان ما يعود الجميع وتعود الحياة من جديد في هذه الأسواق.                                                                                                                                

 حنين الى اسواق زمان                                                                 

بحسب العم عبد الله الكبير تحدث قائلا: ( كان زمان دنيا كنا مرتاحين نأكل ونشرب بفضل ربي الآن تعب، يبتسم يضيف الرجل السبعيني: كل شي حلو مثل العسل كنا نبيع من جميع الأشكال والأنواع ومن كل حاجة من مسارف جحال مجامر عزف ومسابح كنا نعلقها على الجدران ونفرش الأرض لا عند الرصدة كان الناس يتوافدون من كل مكان السوق حياة ).

كما التقينا أبو أحمد ويقول: ( كان السوق من قبل ليس بهذا الحجم كان بسيط وصغير ازدادت الآن أحجام الأسواق ومقتنياتها وكثرت احتياجات الناس واختلط القديم بالجديد لكن تظل أهمية السوق كما هي ).       

أحد بائعي ملابس الأطفال ويعمل في السوق منذ سبع سنوات أختار هذا النوع من الأسواق لأنها أكثر إقبالا للناس خاصة في أوقات رمضان وأوقات المدارس ويعتقد أن ملابس الأطفال هي أفضل المبيعات، لكن الأوضاع قد اختلفت منذ فتح المحل إلى الآن، فقد فتحت العديد من الأسواق المركزية المنافسة وازداد الغلا الذي أصبح أكبر مشكلة للناس، وهم كباعة يواجهون صعوبات في الإيجارات والضرائب.

هموم ومعاناة                           

 كما التقينا كذلك ببائع مستلزمات خياطة ويقول أنه يعمل في السوق منذ أن كان عمره سبع سنوات أي أن عمر المحل يقدر ب أربعين سنة يقول أن هذه الأسواق هي ملتقى كل المحافظات ويعتقد أن الأزمة الاقتصادية قد تسببت في العديد من التغيرات مثل التغير المستمر في العملات، يفضل أوقات الإجازات ففيها تكثر المناسبات ( الأعراس ) باعتباره كبائع لمستلزمات الخياطة، ويواجه مشكلات مع أصحاب الضرائب خصوصا عندما يستفزوننا، فلا يكتفون بأخذ الضريبة بل يطالبون بنصيبهم ونصيب مدرائهم.                                                        

أحد بائعي الأقمشة يرى أن أكثر الأوقات إقبالا من الزبائن هي أوقات الإجازات، فمثل هذه الأسواق لا تهدأ إلا بعد الأعياد، ويواجه هو الأخر مشكلة الضرائب ويضيف إليها مشكلة النظافة فلا يرى لعمال النظافة أثر فالمكان يظل لأيام دون تنظيف إذا لم يقم هو بتنظيفه.             ويشكو بعض الباعة من تبدل الأحوال حيث كانت حركة الناس أكبر وازدحامهم أكثر ويرجع هذا إلى الغلا وعدم توفر الدخل الكافي للناس.                                         


شكاوى البائعين

أحد بائعي الجلبيات الذي يعمل منذ العام 2002 قال أن الأسواق الشعبية تشكل حالة أفضل وأرقى من الأسواق الرسمية، وأكثر الأوقات إقبالا في شراء الجلبيات هي فترة الصيف، ويرى أن هناك اختلاف منذ أن فتح المحل إلى الآن فالأسعار تزداد من فترة لأخرى، ويواجه كذلك مشكلة الضرائب ومشكلة انقطاع الكهرباء، وقد كان أحد المتعرضين للسيول في سوق السيله ووصلت خسائره إلى ( 700 ) ألف ريال، وقال لنا أن المصائب التي تأتي من الله يكون تعويضها سهل، لكن مصائب البشر يصعب تعويضها لأن البشر ما ترحم        


رمضان اكثر اقبالا

 وفي محل ( بهارات أبو عارف ) الذي ما زال صامدا منذ أكثر من ثلاثين عاما تحدث صاحبه قائلا: أن هذه الأسواق هي المنبع التجاري للمبيعات بمختلف أنواعها، وبالنسبة له يرى أن أكثر الأوقات إقبالا من الناس في رمضان ونهاية الشهر عند استلام الرواتب، ويرى أن المنافسة تزداد بسبب ازدياد محلات البهارات، والأسعار

 وفي  أحد محلات أدوات التجميل تحدث صاحبها إلينا قائلا: منذ أن فتح المحل قبل عشرين عاما إلى الآن تبدلت الأحوال، قال أنه كان لا يستطيع الجلوس بالقرب من محله بسبب زحمة السير وزحمة المشترين، بعكس ما هو عليه الآن نكافح من أجل لقمة العيش، ويرجع ذلك إلى استمرار ارتفاع الأسعار وقلة دخل الفرد.           

معاناة من الكهرباء

وفي لقائنا مع أحد بائعي الأحذية يرى أنه في كل سنة تقل حركة الناس ويقل فيها العمل بسبب تدهور السوق خاصة بعدما تعرض سوق السيلة للسيول والحرائق، وكان أحد المتضررين من ذلك وقد بلغت خسائره أكثر من مليون ريال، ويعاني من انقطاع الكهرباء لذلك لجا هو وغيره من الباعة إلى استخدام المولدات الكهربائية، ورغم كل ذلك إلا أنه يرى أن هذه الأسواق هي الأفضل فالسلع التي توجد فيها توجد في أماكن أخرى لكن بسعر أكبر لذلك نجد أن الناس أكثر إقبالا إلى مثل هذه الأسواق.                                                    


تراث في أسواق عدن                                                                                 


يحتل الجانب التراثي في السوق الشعبي بدكاكينه مكانا مهما ومن السلع القديمة التي تباع في مثل هذه الأسواق: الأدوات والأواني المصنوعة من العزف ( أوراق النخيل )ومنها:  المسرفة والمهجان والعزفة والأُجبه والأجب، وجميعها أواني يوضع فيها الطعام لكن تختلف من حيث الأحجام من الأصغر إلى الأكبر، إضافة إلى المحمل ويستخدم أثناء جمع المحصول الزراعي، والسلق ( الرعض) قطعة صغيرة متنقلة للجلوس عليها، إضافة إلى المكانس العزفية والمشاجب. 

او الأدوات والأواني المصنوعة من الفخار ( الطوب ) ومنها: البكمه والقشوة وكلاهما تستخدمان لوضع السمن البلدي فيهما ، الكوز والشربة وتستخدم للمياه الخاصة بالصلاة أو الشرب، الجمنه والمقهر والجحله (جره ) وتستخدم لنقل المياه إلى المنزل، والزير ويستخدم كخزان منزلي للمياه أو للسبيل على الطرقات، والحيسي ويستخدم لشرب الماء والقهوة، والمدره والحرضه لوضع الطعام فيهما، والمافي (تنور) والمكدنه (غطاء التنور)، إضافة إلى المجمرة كانت ولا تزال تستخدم للبخور.            

وهناك أدوات وأواني قديمة منحوتة من الأشجار ومنها: القوبة والقزع تستخدمان للشرب، الربع ويستخدم لكيل الزبيب أو البن، والثمين لكيل الطعام (الحبوب)، والجفنه وتستخدم للطعام الشعبي ( العصيد والفتة )، حيث تنتشر روائح التوابل الحارة والحبوب والبخور، كذلك تنتشر روائح الفل والكاذي العطرة، كما شاهدنا معاصر يباع فيها السمسم والدهن البلدي، كل هذا مختلط بملامح العصرنه من بنوك ومصارف ووكالات سفر وسياحة وانترنت. 

صحيفة "الامناء"