مكتب الثقافة بعدن ،، واقع عشوائي موجع ومبنى آيل للسقوط
عدن الحدث / متابعات
قادتني الصدفة وحدها لمرافقة وزيرة الثقافة أروى عبده عثمان لدى زيارتها لمكتب الثقافة بعدن فلم يكن في خطة عملي الخاصة بالتغطيات الإعلامية في ذلك اليوم أي ذكر لمكتب الثقافة، ولكن هي الصدفة وحدها التي قادتني لأكون متواجدة هناك في مكتب الثقافة.
حقاً هالني ما رأيت في مبنى الثقافة بعدن فكل ما في المبنى من أدوات وآثاث وحتى الموظفين ليس له صلة بعدن وثقافتها، فالعشوائية وحدها كانت الناطق والمتحدث الرسمي باسم مكتب ثقافة عدن والتي انعكست في ذلك اللقاء العشوائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فجاء المشهد صادما ومثيراً للدهشة، ليرسم وببنط عريض أكثر من علامة استفهام وتعجب على كل زاوية من زوايا هذا المبنى بأدواره الثلاثة والذي أسموه مكتب الثقافة، فيما الواقع يدل على أنه ليس كذلك.
على مدخل المبنى وممراته تناثرت القمامة وارتسم الزمان على جدرانه لتسجل التشققات حضورها بدقة واستقرت على زواياها بيوت العناكب تنسج منازلها براحة وأمان وسجلت الرطوبة حضورا قويا لتكون جزءا لا يتجزأ من واقع مر يعيشه هذا المبنى، لا أتحدث عن خرابة أو مبنى مهجور، ولكن عن مبنى يرمز إلى التطور الذي يعيشه أي وطن متحضر، قناعاتي أنا تؤكد لي بأن هذا المبنى لا يمكن أن يمثل ثقافة عدن، عدن مدينة الحضارة والتمدن والرقي، هذا المكتب بالتأكيد لا يمثلها ولا يمثل عدن.
لم يدر بخلدي وأنا أتجه إلى مبنى مكتب الثقافة بعدن أن أول ما سيقع عليه نظري تلك القمامة المتناثرة هنا وهناك، أما خارج المبنى وحوله فحدث ولا حرج، حيث تبدأ خطواتك إلى الثقافة مبنى ونشاط بالمرور وسط مقاهي ومطاعم شعبية مقتطعة من الدور الأرضي للمبنى الذي يقع فيه مكتبي الثقافة والإعلام وتم تأجيره لأصحاب تلك المطاعم، وما زالت مشاكله قائمة حتى اليوم.
زيارتي إلى مكتب الثقافة حملت الكثير من التساؤلات المُرة أين كان القائمون على هذا الصرح الذي حمل اسم الثقافة من مدراء وموظفين؟ فالمبنى يوحي إليك بأنه مبنى لا يرتاده أحد، وتحاصره المطاعم وهو أقرب من حيث الشكل إلى لوكندة أكثر منه إلى مكتب حكومي.
حين يأتي ذكر ثقافة عدن تدور في خاطرك تلك الأسماء والأعمال الإبداعية لأولئك العمالقة من أدباء وشعراء وكتاب وفناني زمن عدن الجميل، والذين اختفوا تماما من مكتب الثقافة بعدن ولم يعد يوجد فيه شيء يذكرك بهم، وبتراث وموروث وإبداعات ماضي عدن الجميل، وبرموزه الذين اشتهروا وذاع صيتهم داخل الوطن وخارجه.
لقاء الوزيرة المثقفة والأديبة مع موظفي مكتب الثقافة لم يكن لقاء جادا ومسؤولا يناقش واقع النشاط الثقافي بعدن وكيفية النهوض والارتقاء به، بل كان لقاء عشوائيا سادته فوضى وإرباك منقطع النظير وبصورة لا يقبلها العقل والمنطق ولا الضمير الإنساني، وأمام هذه الصورة ظهرت علامات التعجب والتقزز كانت ترتسم بقوة على وجه الوزيرة وكل من رافقها.
في زيارتها لمكتب الثقافة بعدن - وهي الأولى للوزيرة أروى عثمان بعد تعيينها بهذا المنصب - التقت بالموظفين فيه، حيث تسيد الموقف الصراخ والفوضى والزحمة وتدافع الموظفين، ووسط تلك الفوضى حضرت الوزيرة وبرفقتها الفنانة أمل كعدل التي حاولت أن تمتص غضب الموظفين بالغناء فضاع صوتها بين التصفيق والصراخ والخبط على الأدراج فصمتت عن مواصلة الغناء، حينها صرخ أحد الموظفين وهو يدق على الطاولة “اقلبوها رقص”، رد عليه آخر بالقول: “أنت تشوه مدنية عدن”، توقفت عند هذه العبارة وسألت نفسي: ماذا يفعل الجميع إن كان كل واحد منهم يشوه عدن وبطريقته.
أحدهم صرخ مطالبا الوزيرة أن تخرج من هنا بقرار مستعجل بإنشاء صندوق التراث - وحسب قوله - إن هذا الصندوق هو محرك الثقافة ورافدها الاقتصادي، حيث يرفد خزانة الدولة بصنعاء بالمليارات.
اشتكى الموظفون الذين كانوا يتبادلون الاتهامات المخزية فيما بينهم وتنطق ألسنتهم بألفاظ لاتليق أن يتفوه بها أناس يعملون بمجال الثقافة، انشغل الجميع بالمواجهات فيما بينهم وتركوا الوزيرة توزع نظرات الحيرة والاستغراب، تحاول قدر الإمكان أن تدرك ما يدور في أروقة مكتب الثقافة الذي تخلى عن مهامه فلم نجد له فعالية تذكر إلا بمجال الرقص والغناء، وكأن الرقص والغناء هما ركيزة وأساس العمل الثقافي بعدن، الذي طاله الإهمال والتشويه والطمس سواء عن جهل أو تعمد.
تقول رئيس قسم المعاشات بالمكتب: “أطلب من وزيرة الثقافة أن تولي اهتماماً بمرفقنا، وتتعرف بجد على الواقع الذي نعيشه، وأطالب أن تكون مديرة المكتب امرأة، فقد سئمنا الرجال، فنحن النساء نعاني الكثير، فالمكتب لا يصلح ولا يقوم بالمهام المطلوبة منه، وقيادة المكتب تتعامل معنا بنظام الفواتير ونحن نرفض ذلك، 170 ألف ريال تصرف للنظافة بينما النظافة غائبة ولا يوجد بالمكتب ماء ولا حمامات ولا نجد حتى قلم للكتابة، رغم أن الفواتير التي تقدم لشراء المواد المكتبية والقرطاسية ترفع “بالهبل” لكن لا نرى تلك المواد”.
وتضيف: “لدينا 75 موظفا متقاعدا وملفاتهم في هيئة المعاشات، ورغم هذا مازالوا يأتون لاستلام بدل المواصلات ولدينا 43 موظفا لا نراهم إلا يوم استلام الراتب، وفي الهيكلة الوظيفة للمكتب أربع وظائف فقط تقاسمها الكبار”.
وتحدث موظف بالعلاقات العامة في مكتب الثقافة من ضمن مجموعة “خليك في البيت” حيث قال: “إذا لم يساعد الموظفون أنفسهم لن يساعدهم أحد فالمكتب لم يعد يحصل على أي دعم لإقامة الفعاليات، وكثير من الشباب اعتمدوا على أنفسهم وقدموا شيئا لهذا المدينة، منهم المخرج المسرحي عمرو جمال”.
في تصريح لـ«الأيام» عبرت الوزيرة أروى عبده عثمان عن صدمتها لواقع مكتب الثقافة لمدينة عدن وقالت: “لا يصلح أن يكون المكتب في هذا الموقع الذي تحيط به المطاعم الشعبية ومفارش بيع السمك وتتراكم به القمامة، وهذا المبنى آيل للسقوط ولا يمكن أن يكون مكتب للثقافة”.
وأكدت على “ضرورة نقل مكتب الثقافة إلى موقع آخر، وأن يتم تعيين مسؤول عليه شخص مثقف بالدرجة الأولى ومن الكفاءات الوطنية التي تزخر بها عدن”، معبرة عن “أملها في أن يتولى منصب مدير الثقافة بعدن امرأة من نساء عدن المثقفات القادرات على تسيير دفة وأنشطة مكتب الثقافة بالشكل الصحيح”.
"الايام"
قادتني الصدفة وحدها لمرافقة وزيرة الثقافة أروى عبده عثمان لدى زيارتها لمكتب الثقافة بعدن فلم يكن في خطة عملي الخاصة بالتغطيات الإعلامية في ذلك اليوم أي ذكر لمكتب الثقافة، ولكن هي الصدفة وحدها التي قادتني لأكون متواجدة هناك في مكتب الثقافة.
حقاً هالني ما رأيت في مبنى الثقافة بعدن فكل ما في المبنى من أدوات وآثاث وحتى الموظفين ليس له صلة بعدن وثقافتها، فالعشوائية وحدها كانت الناطق والمتحدث الرسمي باسم مكتب ثقافة عدن والتي انعكست في ذلك اللقاء العشوائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فجاء المشهد صادما ومثيراً للدهشة، ليرسم وببنط عريض أكثر من علامة استفهام وتعجب على كل زاوية من زوايا هذا المبنى بأدواره الثلاثة والذي أسموه مكتب الثقافة، فيما الواقع يدل على أنه ليس كذلك.
على مدخل المبنى وممراته تناثرت القمامة وارتسم الزمان على جدرانه لتسجل التشققات حضورها بدقة واستقرت على زواياها بيوت العناكب تنسج منازلها براحة وأمان وسجلت الرطوبة حضورا قويا لتكون جزءا لا يتجزأ من واقع مر يعيشه هذا المبنى، لا أتحدث عن خرابة أو مبنى مهجور، ولكن عن مبنى يرمز إلى التطور الذي يعيشه أي وطن متحضر، قناعاتي أنا تؤكد لي بأن هذا المبنى لا يمكن أن يمثل ثقافة عدن، عدن مدينة الحضارة والتمدن والرقي، هذا المكتب بالتأكيد لا يمثلها ولا يمثل عدن.
لم يدر بخلدي وأنا أتجه إلى مبنى مكتب الثقافة بعدن أن أول ما سيقع عليه نظري تلك القمامة المتناثرة هنا وهناك، أما خارج المبنى وحوله فحدث ولا حرج، حيث تبدأ خطواتك إلى الثقافة مبنى ونشاط بالمرور وسط مقاهي ومطاعم شعبية مقتطعة من الدور الأرضي للمبنى الذي يقع فيه مكتبي الثقافة والإعلام وتم تأجيره لأصحاب تلك المطاعم، وما زالت مشاكله قائمة حتى اليوم.
زيارتي إلى مكتب الثقافة حملت الكثير من التساؤلات المُرة أين كان القائمون على هذا الصرح الذي حمل اسم الثقافة من مدراء وموظفين؟ فالمبنى يوحي إليك بأنه مبنى لا يرتاده أحد، وتحاصره المطاعم وهو أقرب من حيث الشكل إلى لوكندة أكثر منه إلى مكتب حكومي.
حين يأتي ذكر ثقافة عدن تدور في خاطرك تلك الأسماء والأعمال الإبداعية لأولئك العمالقة من أدباء وشعراء وكتاب وفناني زمن عدن الجميل، والذين اختفوا تماما من مكتب الثقافة بعدن ولم يعد يوجد فيه شيء يذكرك بهم، وبتراث وموروث وإبداعات ماضي عدن الجميل، وبرموزه الذين اشتهروا وذاع صيتهم داخل الوطن وخارجه.
لقاء الوزيرة المثقفة والأديبة مع موظفي مكتب الثقافة لم يكن لقاء جادا ومسؤولا يناقش واقع النشاط الثقافي بعدن وكيفية النهوض والارتقاء به، بل كان لقاء عشوائيا سادته فوضى وإرباك منقطع النظير وبصورة لا يقبلها العقل والمنطق ولا الضمير الإنساني، وأمام هذه الصورة ظهرت علامات التعجب والتقزز كانت ترتسم بقوة على وجه الوزيرة وكل من رافقها.
في زيارتها لمكتب الثقافة بعدن - وهي الأولى للوزيرة أروى عثمان بعد تعيينها بهذا المنصب - التقت بالموظفين فيه، حيث تسيد الموقف الصراخ والفوضى والزحمة وتدافع الموظفين، ووسط تلك الفوضى حضرت الوزيرة وبرفقتها الفنانة أمل كعدل التي حاولت أن تمتص غضب الموظفين بالغناء فضاع صوتها بين التصفيق والصراخ والخبط على الأدراج فصمتت عن مواصلة الغناء، حينها صرخ أحد الموظفين وهو يدق على الطاولة “اقلبوها رقص”، رد عليه آخر بالقول: “أنت تشوه مدنية عدن”، توقفت عند هذه العبارة وسألت نفسي: ماذا يفعل الجميع إن كان كل واحد منهم يشوه عدن وبطريقته.
أحدهم صرخ مطالبا الوزيرة أن تخرج من هنا بقرار مستعجل بإنشاء صندوق التراث - وحسب قوله - إن هذا الصندوق هو محرك الثقافة ورافدها الاقتصادي، حيث يرفد خزانة الدولة بصنعاء بالمليارات.
اشتكى الموظفون الذين كانوا يتبادلون الاتهامات المخزية فيما بينهم وتنطق ألسنتهم بألفاظ لاتليق أن يتفوه بها أناس يعملون بمجال الثقافة، انشغل الجميع بالمواجهات فيما بينهم وتركوا الوزيرة توزع نظرات الحيرة والاستغراب، تحاول قدر الإمكان أن تدرك ما يدور في أروقة مكتب الثقافة الذي تخلى عن مهامه فلم نجد له فعالية تذكر إلا بمجال الرقص والغناء، وكأن الرقص والغناء هما ركيزة وأساس العمل الثقافي بعدن، الذي طاله الإهمال والتشويه والطمس سواء عن جهل أو تعمد.
تقول رئيس قسم المعاشات بالمكتب: “أطلب من وزيرة الثقافة أن تولي اهتماماً بمرفقنا، وتتعرف بجد على الواقع الذي نعيشه، وأطالب أن تكون مديرة المكتب امرأة، فقد سئمنا الرجال، فنحن النساء نعاني الكثير، فالمكتب لا يصلح ولا يقوم بالمهام المطلوبة منه، وقيادة المكتب تتعامل معنا بنظام الفواتير ونحن نرفض ذلك، 170 ألف ريال تصرف للنظافة بينما النظافة غائبة ولا يوجد بالمكتب ماء ولا حمامات ولا نجد حتى قلم للكتابة، رغم أن الفواتير التي تقدم لشراء المواد المكتبية والقرطاسية ترفع “بالهبل” لكن لا نرى تلك المواد”.
وتضيف: “لدينا 75 موظفا متقاعدا وملفاتهم في هيئة المعاشات، ورغم هذا مازالوا يأتون لاستلام بدل المواصلات ولدينا 43 موظفا لا نراهم إلا يوم استلام الراتب، وفي الهيكلة الوظيفة للمكتب أربع وظائف فقط تقاسمها الكبار”.
وتحدث موظف بالعلاقات العامة في مكتب الثقافة من ضمن مجموعة “خليك في البيت” حيث قال: “إذا لم يساعد الموظفون أنفسهم لن يساعدهم أحد فالمكتب لم يعد يحصل على أي دعم لإقامة الفعاليات، وكثير من الشباب اعتمدوا على أنفسهم وقدموا شيئا لهذا المدينة، منهم المخرج المسرحي عمرو جمال”.
في تصريح لـ«الأيام» عبرت الوزيرة أروى عبده عثمان عن صدمتها لواقع مكتب الثقافة لمدينة عدن وقالت: “لا يصلح أن يكون المكتب في هذا الموقع الذي تحيط به المطاعم الشعبية ومفارش بيع السمك وتتراكم به القمامة، وهذا المبنى آيل للسقوط ولا يمكن أن يكون مكتب للثقافة”.
وأكدت على “ضرورة نقل مكتب الثقافة إلى موقع آخر، وأن يتم تعيين مسؤول عليه شخص مثقف بالدرجة الأولى ومن الكفاءات الوطنية التي تزخر بها عدن”، معبرة عن “أملها في أن يتولى منصب مدير الثقافة بعدن امرأة من نساء عدن المثقفات القادرات على تسيير دفة وأنشطة مكتب الثقافة بالشكل الصحيح”.
"الايام"
