معتقلون في سجون الحوثي.. أبرياء يعيشون خارج نطاق الحياة
"محرمون من الوقت، من الزمن، من المكان.. يعيشون خارج نطاق الحياة".. آلاف من المدنيين يعيشون هذا الواقع المرير، يدفعون ثمناً لخطأ لم يرتكبوه، لواقعٍ لم يُخيَّروا بين البقاء فيه أو الهروب نحو واقع بشع آخر يمنحهم فرصة أخرى في عالم آثر الصمت.
16 ألفاً و565 مدنياً، بينهم 368 طفلاً و98 امرأة و385 مسنة اعتقلتهم مليشيا الحوثي الانقلابية في الفترة من سبتمبر 2014 إلى ديسمبر 2018.
أمانة صنعاء القابعة تحت سيطرة الحوثيين نالت النصيب الأكبر بواقع 2599 معتقلاً، ثم محافظة صنعاء (2223 معتقلاً)، ومحافظة تعز (1425 معتقلاً).
تقارير حقوقية كشفت أنّ مليشيا الحوثي نفّذت اعتقالات تعسُّفية طالت العديد من السياسيين والناشطين الحقوقيين والصحفيين والإعلاميين والنساء والأطفال، لأسباب سياسية وطائفية ودينية ومناطقية.
الاعتقال التعسفي يعتبر من أكبر الجرائم يرتكبها الحوثيون، وتشكّل إرهاباً حقيقياً وممنهجاً ضد حقوق الإنسان.
ومؤخراً، أصدر فريقٌ من الخبراء الدوليين والإقليميين بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تقريراً اتهم المليشيات الحوثية بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وشنت الهجمات العشوائية واستهدفت المدنيين في أعمال ترقى إلى جرائم الحرب.
وأوضح التقرير أنّ المليشيات استخدمت أسلحة لها آثار مدمرة واسعة النطاق كالصواريخ والمدفعية ومدافع الهاون، حيث وُجهت عمداً على المدنيين والأعيان المدنية وأدّت إلى قتلهم وإصابتهم، كما استخدموا الأسلحة عشوائياً في المناطق المأهولة بالسكان، في تعز وعدن والحديدة وراحت أعداد كبيرة من المدنيين ضحية قصف مليشيا الحوثي ودمّرت منازلهم وسبل عيشهم، كما قتلت النازحين في الحديدة أثناء فرارهم.
فريق الخبراء فحص وحقّق في حوادث إطلاق النيران من قبل قناصة الحوثي في تعز وعدن، التي أدت إلى مقتل المئات من المدنيين بين مارس ويوليو من عام 2015، كما وثق الخبراء قتل 200 مدني وإصابة 350 آخرين.
وعلى مدى العام الماضي 2018 استهدفت مليشيا الحوثي المدنيين عمداً وقتلتهم، وكذلك في عام 2015 حيث استهدفت المنازل السكنية وقتلت الأطفال، كما استهدف قناصة الحوثي الأطفال عمدًاً
ولفت التقرير إلى أنّ مليشيا الحوثي قامت في المدة من يناير إلى مارس الماضيين باستهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية عمدًا في الضالع، كما دمّروا منازل المدنيين في حجة، دون أي ضرورة عسكرية، مؤكداً أنّ استهداف المدنيين يمثل جريمة حرب.
وكشف أنّ مليشيا الحوثي استخدمت الألغام الأرضيّة ضد الأفراد والمركبات، ما أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمدنيين وقتل المئات، وتحقّق فريق الخبراء من قتل وإصابة ألغام زرعتها ميليشيات الحوثي للمئات من المدنيين في أبين والضالع والبيضاء والجوف وحجة وإب ومأرب وصنعاء وصعدة وشبوة، وكذلك قتلت ألغام الحوثي المضادة للمركبات المدنيين في الحديدة وهي أكثر المحافظات تضررًا من الألغام.
التقرير أشار إلى أنّ الحوثيين يزرعون الألغام عمداً في طريق المدنيين في انتهاك صارخ لاتفاقية حظر الألغام التي أقرتها سلطات الأمر الواقع، وبيّن أنّ المليشيات فرضت قيوداً بيروقراطية تسبّبت في تأخير الإغاثة والمساعدات الإنسانية، كما فرضت قيوداً على حركة العاملين الإنسانيين واستهدفتهم وقتلت أحد العاملين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إبريل 2018، ما أدّى إلى انسحاب العاملين الإنسانيين من مناطق معينة، وحولت المساعدات الإنسانية لصالحها وأعاقت الإمدادات الغذائية.
وتسبّبت مليشيا الحوثي بالتدابير التي اتخذتها في تفاقم الحالة الاقتصادية الكارثية ما أدى إلى المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، واتبعت ممارسات صارمة لجمع الضرائب لتمويل الجهود الحربية، وانتهكت الحق في العمل والحق في مستوى معيشي لائق بما في ذلك الحق في الغذاء والماء والحق في الصحة والتعليم.
على الرغم من بشاعة الجرائم التي وردت في التقرير الأممي بشأن انتهاكات الحوثيين، لكنّها ليست المرة الأولى التي يُكشف فيها النقاب عن هذه الجرائم، لكنّ الأمر الذي لا يقل ترويعاً هو ذلك الصمت الأممي الكبير إزائها.
وتُوجّه الكثير من الانتقادات للأمم المتحدة إزاء عدم اتخاذها إجراءات عقابية حاسمة ضد الإرهاب الحوثي المتصاعد، إلى الحد الذي وصل إلى اتهام المنظمة الأممية بمنح المليشيات تأشيرةً للاستمرار في هذا الموت المروّع.