أهمية الاستثمار في طاقات الشباب ومواهبهم
لا شك بأن الوباء شكل صدمة لنا جميعاً، لكن أثره الأكبر قد يمتد ليصل جيل الشباب، خاصة وأن العديد من الشركات التي تواجه مشاكل مالية ومستقبلاً غامضاً اتخذت قراراً بتجميد عملية التوظيف ووقف برامج المتدربين واستقطاب الخريجين الجدد لأنها شهدت نقصاً في المصادر اضطرها إلى عدم تدريب مواهب جديدة. لكننا نرى بصيص أمل في المستقبل في ظل تحسن استقرار الشركات وتأقلمها مع الوضع الجديد، وإعلان الحكومات عن حوافز لمن يساعد على إدخال الشباب إلى قوى العمل. لذا فقد حان الوقت للاستفادة من برامج الدعم ومنح المواهب الشابة الفرص التي تستحقها. وعلاوة على أن هذا الأمر قد يغير حياة الأشخاص، فسوف يكون له أثر إيجابي على الشركات في المدى البعيد. دورة ابتكار قيّمة ويرى مارفن أوبرمان، مدير قسم الموارد البشرية في سايج أفريقيا والشرق الأوسط أنه: "علاوة على الحوافز المالية المؤقتة، ثمة أسباب عديدة تدفع الشركات لأن تنشط في البحث عن المواهب الشابة الآن. إن الموظفين الذين يدخلون سوق العمل للمرة الأولى يتميزون بالحماس ويجلبون طاقة إيجابية ومتجددة. والأهم من ذلك أنهم يساعدون الشركات على توليد أفكار جديدة وقدرات تقنية جديدة." ويضيف: "يتمتع الشباب بشكل عام بدرجة عالية من الكفاءة التقنية وهم جاهزون تماماً لدعم التقنيات الناشئة في أي شركة. كما أن أدوات مثل الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والروبوتات وإنترنت الأشياء، تعتبر هامة جداً في تسريع مسيرة الرقمنة في عالم ما بعد الوباء. " يتميز الموظفون الشباب بأنهم يساعدون الشركات على الاستفادة من أحدث الأدوات والتقنيات وتسريع وتيرة التغيير لتلبية احتياجات العملاء المتغيرة. كما أن إدخال الشباب إلى قوى العمل سيكون له أثر متكرر على الابتكار، إذ أن المواهب الجديدة تشجع على زيادة تبني التقنيات الجديدة وتخلق بيئة محفزة وجذابة للموظفين الشباب. إن الشركات المعززة بأحدث التقنيات تجتذب مزيداً من المواهب الشابة، وهكذا تتوفر لدينا دورة قيّمة من الابتكار تساعد دوماً على توليد أفكار ورؤى وقدرات جديدة. مساعدة الشباب على تأسيس موطئ قدم لهم بالنظر إلى تحديات سوق العمل، ما زال استقطاب أفضل المواهب الشابة صعباً نوعاً ما. وللمحافظة على التنافسية، يتعين على أقسام الموارد البشرية التفكير بالأشياء التي تجتذب الأجيال الشابة الداخلة لسوق العمل. ولن تتمكن الشركات من الاستحواذ على اهتمام الموظفين الشباب الجدد إلا عبر الاستماع إليهم وتلبية متطلباتهم. إن الشركات الأكثر نجاحاً وتطلعاً إلى المستقبل هي التي تدرك أن عوامل أخرى غير الرواتب الجيدة تشكل محفزات أساسية لأجيال الشباب، وهذه العوامل تشمل مثلاً وجود بيئة عمل تعاونية وممتعة وتوفر إجازات لإنجاز أعمال خيرية، وهي محفزات داخلية تزيد الإنتاجية وتعزز المعنويات. لكن التحدي القائم من ناحية المواهب يتمثل في أن طبيعة المحفزات الداخلية تختلف من موظف إلى آخر. وإن وجود مسارات مهنية ثابتة وباقات من المحفزات مهما كانت مميزة ومغرية في سوق العمل، لن يحقق جميع ما يطمح إليه الشباب. لذا، ينبغي على أقسام الموارد البشرية اتخاذ نهج مخصص للتعامل مع الموظفين ووضع خطة مهنية مخصصة مع حوافز وظروف تشجعهم على النجاح في مسيرتهم المهنية. ينطبق هذا الأمر على جميع الموظفين، لكنه مناسب بشكل خاص للشباب الذين بدؤوا مسيرتهم المهنية للتو. إن هذا المستوى من الإدراك يتطلب نهجاً متكاملاً في التعامل مع بيانات الشركة. ومن خلال الحوسبة السحابية، تصبح بيانات الموظفين كثيرة وقابلة للنفاذ بسهولة في أي مكان وزمان. من الصعب في هذه الفترة غير المسبوقة من حياتنا أن نتوقع كيف ستتغير متطلبات العملاء وكيف ستتعرض العمليات للتوقف أو التغيير الجذري. يجب أن تتحلى الشركات بالمرونة والقدرة على التكيف للبقاء في المنافسة. وسوف تظل هذه التحديات قائمة إذا رفضت أي شركة تبني التغيير. ومن هنا يكتسب اجتذاب الشباب إلى قوى العمل أهميته، إذ يساهم الموظفون الشباب في تعزيز مرونة الشركة وضمان توفر المهارات التقنية والابتكار اللازم للنجاح. وفي حين قد يشكل استقطاب الشباب مغامرة بحد ذاته، فإنهم سيكتسبون الخبرة مع مرور الوقت. وقد يكون جيل الشباب الذي يعمل عن بُعد هو الترياق الذي تحتاجه الشركات للنجاح والازدهار في عالمنا الجديد. -انتهى-