من يتنازل؟ وعماذا؟
في ظل أجواء الحديث عن تمديد الهدنة مع الحوثيين، وهي الهدنة التي لم يتقيد بها الحوثيون، وظلوا يخرقونها منذ الاتفاق عليها، في ظل هذه الأجواء يدور الحديث عن قبول بعض الأطراف داخل الشرعية (الجديدة) بتقديم تنازلات جديدة للجماعة الحوثية التي اعتادت ممارسة الابتزاز على المجتمع الدولي والإقليمي والمحلي، من خلال سياسة "اعطونا كل ما نريد وإلا فلن نوقف الحرب" وعندما تحصل هذه الجماعة على ما تريد فإنها أيضا لا توقف الحرب بل تخترع آلاف الأسباب لمواصلتها، لأن الحرب بالنسبة لهذه الجماعة هي مشروع استثماري يدر عليها المليارات بعناء أقل من عناء الاستثمار في التنمية والإعمار وبناء الإنسان. من أغرب ما في حرب "الشرعية-الحوثيين" في اليمن أن "الشرعية" المنقلب عليها والمطرودة من عاصمتها والعاجزة عن استعادة قرية من قرى المناطق الواقعة تحت الاحتلال الانقلابي للحوثيين وحلفائهم، هذه الشرعية هي من تمول الانقلابيين وتزودهم بكل ما يضمن مواصلة حربهم هذه حتى في ظروف الهدن المختلفة التي وقعوا عليها. نحن هنا لا نتحدث عن تهريب الأسلحة الإيرانية عبر الشواطئ والموانئ (غير القانونية) التي تسيطر عليها قوات الشرعية منذ نشطون حتى بير علي وقنا وسواحل شبوة وأبين وسواها، قبل أن تنسحب من بعضها هذه القوات (الشرعية)، بل نتحدث عن تقارير رسمية عرضها الحوثيون في برلمانهم عن كميات الوقود التي يحصلون عليها من حضرموت والمسيلة وشبوة، ولا ندري عن نفط مأرب لآنه موضوع تحت التكتم الشديد من قبل الشرعية وقيادتها المحلية في المحافظة، كما نتحدث عن مشاريع رسمية وردت في مشروع موازنة الدولة للعام 2022م كنفقات لعى مختلف أبواب الموازنة في محافظات سيطرة الحوثيين. تقول التسريبات الأخيرة (شبه الرسمية) إن آخر التنازلات التي يطالب بها الحوثيون هي قيام الحكومة "الشرعية" بتسليم مرتبات مقاتلي الحوثيين وكل قواهم الوظيفية ومتقاعدي المناطق التي يسيطرون عليها، وبمعنى آخر أن تقوم السلطة "الشرعية" المُنقَلَب عليها، بتوفير مرتبات ومستحقات المقاتلين الذين انقلبوا عليها ويشنون الهجمات على محافظات الجنوب ( التي يفترض أنها مناطق حضور الشرعية).