عدن وعبث الأسلحة النارية
ربما لا يوجد وعي ديني ولا ضمير إنساني لدى من فقد قلبه الخوف من احتمال حدوث إضرار جسيمة بحياة الآخرين ومن تخلو نفسه من الإشفاق على الأبرياء حين تٌهدد حياتهم بسلوكيات الاستهتار والطيش . في السنوات القليلة الماضية تغلغلت سلوكيات مستهترة بحياة الآخرين وبرزت مظاهرها في انتشار الأسلحة النارية بين الشباب وحملها في الشوارع والأسواق والأماكن العامة وذلك في مختلف مناطق محافظة عدن وكأن عدن جبهة قتال وليست عاصمة او مدينة متحضرة وراقية قد تحررت منذ أكثر من عامين والمفروض ان يسودها الأمن والاستقرار ويعم السلام جميع مناطقها. هناك من يحاول ان يعزز غرس هذه العادة الدخيلة والغريبة على سكان عدن المسالم والواعي والمتسلح بالعلم في وقت السلم والمجاهد الشجاع حامل بندقيته في وقت الحرب، فحول بعض الشباب الى وقود ووسيلة لبلوغ هدفه وتنفيذ مخططه الذي يرسم من خلاله صورة مغايرة لواقع عدن الحقيقي وثقافة سكانها السليمة فدفع شبابها بنشر هذه الظاهرة السئية لكي ينزلقوا الى منحدر التخلف ويضعوا صورة مدينتهم عدن في قائمة المدن المتخلفة ، فانجر كثير من الشباب وأغرتهم مساحة الحرية الزائفة التي تندرج في سياق الفوضى والعبث فسلكوا دربها وادخلوا مفاهيم خاطئة جعلت حمل الأسلحة النارية وإطلاق الرصاص في الهواء وإقلاق السكينة العامة سمة أساسية من سمات إحياء الأفراح في عدن مع علمهم يقيناً لا ريب فيه بمخاطرها الكارثية التي قد تهدد حياة الأبرياء ، والكل لامس او سمع عن المآسي التي حدثت ولازالت تحدث من جراء الاستهتار وعدم الاستشعار بأخطار وعواقب اطلاق الرصاص في الإعراس او إثناء حدوث بعض المنازعات أكان على أراضي او غيره في أماكن مأهولة بالسكان فالرصاص قد لا يصيب هدفه وينطلق في اتجاه المارة او الموجودين قرب مكان إطلاقه وبذلك يتسبب في قتل نفس بغير حق وان أصاب هدفه جر خلفه ويلات لا تطاق ، كما ان الرصاص الراجع بعد تحليقه في الهواء قد يصادف اثناء وقوعه جسد ضحية متواجدة في العراء ، وقد رصدت بالفعل كثير من حالات القتل والإصابة من الرصاص الراجع . فالمؤسف في جرائم الرصاص الراجع التي ترتكب بشكل مستمر ان يكون ضحاياها من قتلى او جرحى مسالمين ولا تربطهم صلة معرفة بمطلقي النار الذين لم يضعوا في حسابهم عواقب وإبعاد أفعالهم الرعناء والمفجعة على الأبرياء الآمنين. لقد لفت نظري صباح الجمعة الماضية عند خروجي من المنزل وجود (مخدره) لحفل زواج على مسافة بعيدة في نفس شارع سكني وفي الحقيقة ليست هي ما أثار انتباهي فقيام مثلها امر معتاد ولكن اللافتة الكبيرة المعلقة أعلاها هي الجديد -على الأقل بالنسبة لي -وقد أعجبت وسعدت في نفس الوقت بالعبارة التي كتبت عليها وبالخط العريض وهي "يمنع إطلاق الأعيرة النارية "، فكان موقف صاحب الحفل عقلاني ومتزن فقد منع ممتشقي الأسلحة النارية من إطلاق النار وأخلا مسؤوليته في حال مخالفة احدهم قراره الصائب، وقد نال موقف صاحب الحفل رضا واستحسان جميع من قابلتهم من الجيران والأصدقاء، وتم الفرح ليلتها مع الحفاظ على السلامة والسكينة في الحي . فهذا هو عين الصواب الذي أضاف فوق فرح الزواج رضا القلب وهدوء النفس وراحة الضمير ، فاعتقد ان على جميع العقلاء الاقتداء به والحث على ذلك. كما ينبغي على السلطة ان تقوم بدورها في حماية الرواح المواطنين ومنع قتل النفس بغير حق والحفاظ على السكينة العامة والهدوء .وان تتخذ قرار حازم وشجاع يمنع حمل الأسلحة النارية وإطلاق الرصاص في محافظة عدن ، ويقوم محافظ محافظة عدن الأستاذ عبد العزيز المفلحي مع مدير امن المحافظة اللواء شلال علي شائع بالإعداد والتنسيق لحملة كبيرة من اجل انجاح تنفيذ هذا القرار والقضاء على هذه الظاهرة المزعجة والخطيرة وتشارك في هذه الحملة جميع الجهات المختصة من مدراء عموم مديريات وجهات إعلامية وتوعوية ومراكز شرطة وعقال حارات ويتم محاسبة ومعاقبة معرقلي ومخالفي تنفيذ هذا القرار عبر الجهات القانونية وستلقى هذه الحملة ترحيب شعبي كبير من جميع ابناء عدن وأتصور ان تسلك بقية قيادات المحافظات الأخرى نفس الطريق والله من وراء القصد.