إيران وتصدير الموت
قبل أيام كشفت مصادر إعلامية نقلاً عن مسؤول عسكري إيراني أن الحرس الثوري أرسل، ويرسل، قادة ومدربين إلى ساحات المعارك لدعم ميليشياته في المنطقة في إطار التدخل العسكري لطهران في عدد من الدول العربية. المصادر نقلت عن نائب عميد ما تسمى «جامعة الإمام الحسين»، المتخصصة لإعداد ضباط وكوادر الحرس الثوري، إيفاد عدد من القادة والمدربين من هذه الجامعة إلى ساحات معارك وصفها ب«جبهات المقاومة»، والتي تعني حلفاء إيران في المنطقة، خاصة في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث تشهد بعض هذه الساحات حضوراً فاعلاً للحرس الثوري، وأخرى تشارك فيها بالخبرات والتدريب والدعم المالي والإعلامي وغيرها. يرى القائد العسكري أن الجامعة، التي يرأسها «تسعى لتخريج ضباط قادرين على القتال في الحرب الحقيقية، وبمعنى آخر أن يستطيع هؤلاء الأفراد التواجد في ميادين المعارك المختلفة الجارية هذه الأيام»، على حد تعبيره، وأن الجامعة أوفدت عدداً من قيادييها ومدربيها إلى الجبهات المختلفة، حيث تم إيفاد بعض الكوادر مرة واحدة وبعضهم الآخر عدة مرات لتنفيذ المهمات المنوطة بهم ومن أجل حصولهم على الخبرة في هذه الأنواع من الحروب. الأمر ليس جديداً، فحضور عناصر الحرس الثوري الإيراني قائم، وهم موجودون مع قدر كبير من الفعالية في هذه البلدان منذ سنوات عدة، وثلاثة آلاف قتيل سقطوا من الحرس الثوري خلال الحرب التي تدور في سوريا، عدد لا يستهان به، وهذا يعني أن الحرس الثوري شارك ويشارك بفعالية في كل المعارك جنباً إلى جنب مع أفراد الجيش السوري، وفي لبنان لا يخفي زعيم «حزب الله» الإرهابي حسن نصر الله الحضور الإيراني، السياسي والمالي معاً، وفي اليمن فإن الوجود الإيراني لم يكن جديداً، وفي خضم الحروب الست التي خاضها نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح ضد جماعة الحوثي، كان الحضور الإيراني ماثلاً على شكل خلايا نائمة حوكم أفرادها من قبل القضاء وتمت إدانتهم وسجنوا، لكن الجماعة أفرجت عنهم بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء في مثل هذا الشهر من عام 2014. لا تكفي الإشارات الصادرة من أطراف إقليمية ودولية عدة لخطورة ما تقدم عليه إيران من سلوك يتنافى مع وظيفتها كدولة؛ فإيران نفسها تؤكد على لسان رئيس جامعة الإمام الحسين العسكرية عن إرسال طلبة الجامعة إلى كل من سوريا والعراق ليتدربوا ميدانياً في صفوف قوات الحرس الثوري المتواجدة هناك، في إطار برنامج تدريبي مخصص لإعداد الضباط، وبالتالي حول الإيرانيون بلدين عربيين إلى ميادين حية لتدريب قواتهم العسكرية. لا تنطلي على أحد التصريحات الزائفة التي نسمعها من قبل المسؤولين الإيرانيين عن الدعم المادي والتسليحي للجماعات التي يطلقون عليها «حركات المقاومة» في المنطقة، لأنها في الأساس لا تعدو عن كونها ميليشيات وتنظيمات تستهدف التخريب في البلدان التي تتواجد فيها، فالموت هو السلعة الوحيدة التي تجيد إيران تصديرها إلى جيرانها العرب والمسلمين، تحت شعارات ثورية براقة تسمى مجازاً «حركات مقاومة».