المؤتمر “المنتفض”… أين مرساه ؟
كالعادة لا ينشغل الناس بجوهر الحدث ومضامينه وإنما بالأشخاص الفاعلين في هذا الحدث . الذين يحبون علي صالح قرروا أنه قتل في بيته مقاوماً وبطلاً ، وهم يصرون على ذلك لأسباب كثيرة من بينها طَي صفحة الماضي بمنعطف حاد يخفي عيوبها إلى الأبد . أما خصومه فقد قرروا على نحو مختلف أنه قتل وهو هارب نحو بلدته سنحان ، وهم بهذا لم يكتفوا بقتله على ذلك النحو الوحشي ، وإنما لتكون موتته مخزية ولحرمانه من أي تعاطف ، حتى انساني ، لا سيما وأن صالح كثيراً ما استخدم تعبير “الفار” نكاية بخصومه . لا أهمية لهذا الجدل في ذاته ، وإنما في صلته بأين سيرسو قارب المؤتمر “المنتفض ” المتحرك وسط أجواء شديدة الضبابية . لم ينتبه الجميع إلى أن حدثاً بهذا المستوى لا يجدي معه تمضية الوقت في البحث عن كيف قتل صالح ، ولكن لماذا قتل ؟ وما الذي سيترتب على هذا القتل من تبدلات في المشهد السياسي ؟ وما هو مصير المؤتمر الشعبي بعد رحيله؟ حتى الان ، شكل رحيل صالح خسارة متبادلة لطرفي تحالف الانقلاب ، فالحوثيون خسروا المظلة السياسية والشعبية التي قدمها صالح لهم ، ومؤتمر صالح خسر العامل الحاسم لوجوده ولاستمراره كقوة سياسية فاعلة في معادلة المشهد كاملاً . ولم يعد التحالف الانقلابي بتلك القوة والتنوع الذي كان عليه بعد أن بقي بلون واحد . ولا يبدو إلى الان أن هذه الخسارة لطرفي التحالف الانقلابي قد انعكست إيجابياً على الطرف الآخر من معادلة المشهد ، أقصد الشرعية والمقاومة ، على أي نحو كان . إنكسار التحالف ، مع ما انتهى إليه ، كان لا بد أن يعقبه إعادة صياغة المشهد بما يتفق مع ما تحدث به الرواة عن انتفاضة شعبية معبرة عن تبدلات سياسية جوهرية لدى المؤتمر الشعبي ، غير أن متابعة الاحداث بالعين المجردة لا تدل على أن أياً من شروط التبدل تلك قد توفرت ، فما لم يحسم المؤتمر ” المنتفض” أمره ويلتحق بالشرعية ، ويعيد ترتيب أوراقه مع بقية أجنحة المؤتمر تحت قيادة الرئيس هادي ، في خطوة تصحيحية تاريخية تأجلت كثيراً، فإن ما ينتظره من مستقبل لن يكون بعيداً عما تعرضت له أحزاب يمنية كثيرة شارك هو في تفكيكها وتقطيعها حسب الحاجة . لا يحتاج الأمر إلى مداولات ومشاورات وإنما الانطلاق من جوهر فكرة “الانتفاضة” ودوافعها … فهذا هو العامل الحاسم في تقرير المسار .. لا بد من البحث في جوهر ودوافع الفكرة ، وهذا هو الذي سيقرر ما إذا كانت إنتفاضة للتغيير أم مجرد رد فعل للدفاع عن النفس . الرد على ذلك بيد المؤتمر “المنتفض” ولا سواه .