عادل اسماعيل .. قصة جحود أخرى
عادل اسماعيل .. قصة جحود أخرى * كان لنا شرف الكتابة عن سيرة بعض الرموز الذين صنعوا تاريخ رياضتنا ، وتركوا بصمة كبيرة على صفحاتها ، وذلك في محاولة بسيطة علنا نرد بعض جميلهم ونلفت نظر المسؤولين بأن رعايتهم وتكريمهم حق وليس حسنة ، ولكن في كل مرة تتكرر المواقف التعيسة ونجد أن جميعهم ضحية الجحود ذاته!. * كانوا قيمة وهيبة ، وكانت شمسهم تشرق في حياتنا كل صباح بفخر ، وحناجرنا تهتف بأسمائهم طرباً وعشقاً ، وأصبحوا في زمن (الصعاليك) يعيشون على هامش وطنهم ، ومنهم من رحل عن الحياة بصمت مؤلم. * الفقيد عادل إسماعيل رحمة الله عليه ـ لا يحتاج إلى بطاقة تعريف ، فقد عاش ناراً على رأس علم ، ونخشى في حضرة تاريخه ألا نوفيه حقه ، ونخاف أن يخوننا اجتهادنا ، وتخذلنا الكلمات ، وتصبح مجرد إسقاط واجب ، ولا نبرىء أنفسنا من وزر التقصير ، ونقر بأن موقفنا جاء متأخراً ، ولكن حسبنا أننا لا نملك غير سلطة مشاعرنا وقلمنا. * بلغت رياضة عدن والجنوب في النصف الثاني من القرن العشرين ذروة مجدها، وكانت أنديتها حبلى بالنجوم، ويكاد يكون جميع لاعبي كرة القدم من طراز رفيع ، وكل منهم سيد مكانه ، وسلطان مركزه ، ووسط كل تلك الأحجار الكريمة ، كان الفقيد عادل إسماعيل يصنع أسطورته بإخلاص وثقة ، ويحفر إسمه على صفحات رياضتنا بأحرف من ذهب. * حين كان كثير منا لم يولد بعد ، وبعضنا ما زال يحبو على الأرض ، كان الفقيد حينها يحلق في سماء النجومية ، ويقف على قمة جبل شمسان بعظمة وكبرياء يحرس أحلام جماهير مدينة المعلا وشغفها بناديها ، وكانت تزين ذراعه شارة قيادة منتخبنا الوطني ، ويقود عمالقة كرة القدم ، وأعظم من أنجبتهم ملاعب الجنوب طوال سنوات تاريخها الذي يمتد إلى أكثر من قرن. * صورة منتخب الجنوب الوطني ، بقمصانه الزرقاء التي حرص شقيقنا ، وفقيدنا الغالي عادل الأعسم ـ رحمة الله عليه ـ على تعليقها على جدار منزلنا الخشبي حينها ، الكائن في العريش ، ما زالت مطبوعة في وجداني منذ كنت صغيراً وعندما تنظر إليها يقشعر بدنك ،ويسكنك شعور بالهيبة والوقار ، وسألته حينها عن الصورة ، فقال إنها للمنتخب المشارك في بطولة كأس آسيا .. وذكر اللاعبين بالإسم : جمال حبيشي ، عزيز سالم ، طارق السيد ، عمر السيد ، حسين عمار ، حسين جلاب ، أبوبكر الماس ، عثمان خلب ، مبروك مهدي ، نور الدين عبد الغني ، والكابتن عادل إسماعيل ، وحدثني وعلى وجهه ابتسامة عريضة قال : "شوف شارة القيادة (مخيطة)على قميص عادل إسماعيل ، ولا أعتقد بأن أحداً يتجرأ على انتزاعها منه ، وهو مازال على المستطيل الأخضر" .. في إشارة منه إلى جدارته بحملها ، وأنه قائد بالفطرة. * الفقيد عادل إسماعيل قصة معاناة أخرى ، ونعتقد بأن شيئاً ما بداخلنا يجعلنا نتألم ، ونشعر بأننا مارسنا جحودنا عليه بشكل أو بآخر ليس فقط في مرضه ، ومعاناته ، ولكن طوال حياته!. * كثيرون إنحنوا بعد رحيله ، ولكننا لا نعلم إن كان إنحناءهم تواضعاً لتاريخه ، أو أن نظراتهم سقطت في التراب ، خجلاً من مواقفهم! .. نعتقد بأن رسائل التعزية والمواساة لا تشفع لهم ، أو تعفيهم من جحودهم وتجاهلهم لمعاناته في أصعب لحظات حياته. * اللهم لا اعتراض ، إذ لا يسعنا إلا أن نترحم على فقيدنا الغالي الكابتن عادل اسماعيل ، وندعو له رب العرش أن يغفر له ، وعزاؤنا أنه سيعيش في قلوبنا إلى الأبد ، وكل الذين جحدوه سيمرون في حياتنا كسحابة صيف.