تقفوا في طريقنا
*الحقيقة المجردة تجعل الواقع أكثر قبحاً مما قد نتصوره، وصرنا أكثر قناعة بأن هذه الحرب لابد أن تتوقف. * تلميذة في الصف الرابع الأبتدائي، خرجت من بيتهم وبطنها خاوية، فسقطت مغشياً عليها من شدة الجوع ، وحين سألتها المعلمة عن مرضها، كانت إجبتها مؤلمة، وتجعلنا نبصق في وجه كل المسؤولين، قالت : " أبي عسكري لم يستلم راتبه ومن أمس الظهر لم يدخل جوفنا شيء من الطعام " . * لست رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء ولا محافظاً أو مسؤولاً صغيراً بالدولة، ولكنني شعرت أن كل كلمة قالتها هذه الطفلة طعنة في إنسانيتي وضميري، فكلنا متهمون بجوعها، بعد أن سمحنا لهم ببيع آدميتنا بالقطعة والجملة واكتفينا بالسكوت والفرحة. * كيف يستطيع المسؤولون الذهاب إلى مضاجعهم وخمسون مليون بطن ونفس معلقة في رقابهم؟، ولا نستطيع أن نتخيلهم يداعبون أبناءهم، وهم يشاهدون صور ملايين من أطفال شعبهم، اجسادهم عظم دون لحم ، ويحفر الفقر والجوع على أضلاعهم مأساة لم يعرفها العالم المحتضر منذ سنوات، و تدينها إنسانية المؤمنين بالله، وكذلك الملحدين الذين لا رب لهم و لا دين!. * عادة الحكومة إلى عدن، وحسبنا أن في جعبتهم الكثير ، ولكن حياتنا زادت معاناة، فالوزراء الجدد مازالوا يجربون امتيازات السلطة و يختبرون ميزانية الكرسي، ونسمع عن ترؤس ( معين ) اجتماعاً وتشكيله لجنة، ولم نرى غير وقاحتهم تبيع الكلام. * ولم يقفوا عند إذلالهم بطوننا، ولكنهم استخفوا بعقولنا أيضاً، فـ (جريري) شركة النفط رفع سعر الوقود وقالوا زيادة مؤقتة، ولم تمض أيام و زادوا رفعوا سعره، وأعتذروا للمواطن عن الجرعة الجديدة وتركوا كذبتهم الأولى دون اعتذار ، وحدثونا عن خطتهم السحرية لوقف إنهيار العملة، وأعلنوا مزاداً لبيع الدولار، فباعته سمسرتهم بالمزاج ، وقفز الدولار ، حتى بلغ عتبة (2000 ريال)، وحين كان لابد من كبش فداء، قرروا الإطاحة بمحافظ البنك و نائبه، في محاولة لنزع فتيل الشارع الذي يوشك على الانفجار. * نبصم بالعشر على قرار إقالة قيادة البنك المركزي، ولكننا لسنا متأكدين أن كانت معاناتنا ستنتهي، فالفساد منظومة وليس أفراد، فـ ( الفضلي) المحافظ رقم أربعة الذي تتم إقالته منذ نقل البنك إلى عدن، وكل إدارة تاتي اضرط من اختها، والذي لا يعلمه الناس أن مسؤولين كباراً ويشغلون مناصب مهمة، ويكاد يكون معظمهم، إن لم يكن كلهم فاسدين، كانوا يلعثون للجلوس على كرسي محافظ البنك المركزي، صحيح الذي اختشوا ماتوا. * بعد نبأ تعيين قيادة جديدة للبنك المركزي، وفي ليلة (تفرعن) الريال اليمني في السوق، ولا نحتاج لخبير لكي نفهم اللعبة، وأن هناك سلطة عميقة تحرك مطابخها خيوط سوق العملة، بل نظنهم عصابة يحكموننا باسم الدولة ويديرون الأزمة بالأزمة، نعتقد أن وجع البلاد في الرأس، وطالما نعيش أزمة وصاية، ستستمر سياسة عقابنا. * نخر فسادهم حياتنا وخبز أطفالنا ومستقبل أجيالنا، وعندما نحاول الخروج إلى الشارع، نجدهم يبهررون بصميلهم، حتى أننا أصبحنا لا نعلم من معنا ومن الذين يتحالفون ضدنا ويباركون سياسة تجويعنا، لا تقفوا في طريق الناس، فمن لم يكن بصفهم اليوم، سيخرج من حساباتهم غداً. * ربنا لا تولي علينا قليل أصل وحقير نسب وناقص أخلاق و دين. - نشر بصحيفة الأيام عدد اليوم