الجنوب امام تحول كبير ..وحضرموت تطلق الانذار الأخير

تتسارع الاحداث في الجنوب على المستويات السياسية، والعسكرية، ويبدو المشهد اكثر اثارة للانتباه من ذي قبل، كما يحظى التحول باهتمام اقليمي ودولي كبير. لقد كان لانتصارات شبوة التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية الاثر الاكبر من الاهتمام، حيث وجد المجلس الانتقالي الذي قاد هذه المعارك نفسه محاطا باهتمام اقليمي ودولي غير مسبوق، سوف يسهم على المدى القريب، والبعيد، في اتساع رقعة المناورات في الجنوب لصالح التمكين والترويج للقضية الجنوبية، واعادة الجنوب الي مساره الطبيعي ليكون بيد اهله، وقواه الوطنية، وفي المقدمة الممثل السياسي الجنوبي المجلس الانتقالي، الذي يبدو من مراجعة مسار الاحداث، والتطورات المتتابعة، انه يحقق نجاحات كبيرة غير مسبوقة تصب في مصلحة المشروع الجنوبي الذي يؤمن به السواد الاعظم من ابناء الجنوب، ويتطلعون الي تحقيقه. ان توقف قوات العمالقة الجنوبية عند الحدود الشطرية بين الجنوب والشمال، بعد ان حررت مديريات بيحان الثلاث، ثم توجه الانظار الي مديرية سيئون بوادي حضرموت، حيث اقيمت السبت مظاهرة مليونية تطالب برحيل المنطقة العسكرية الاولى، يعطي اكثر من رسالة ومدلول سياسي، بان مايجري في الجنوب يتم باهتمام، ودعم، اقليمي ودولي، سوف يفضي في الاخير بمنح السيطرة على الجنوب لقوى جنوبية جاهزة، ومستعدة، لتحمل المسؤولية، وابرزها المجلس الانتقالي الجنوبي، الاكثر قوة، وتاثيرا في المشهد. ويمكن القول ان حضرموت اطلقت مؤخرا الانذار الأخير لقوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة لوزارة الدفاع اليمنية، والتي يشرف عليها الجنرال علي محسن الاحمر، وذلك من خلال الفعالية الجماهيرية الحاشدة التي شهدتها مدينة سيئون عصر امس السبت، والتي نظمت بدقة مدروسة لاطلاع الاقليم، والعالم، بان الجنوبيين يرفضون بشدة استمرار تواجد قوات شمالية في اراض جنوبية، وانهم يعتبرون تلك القوات قوات احتلال، ينبغي رحيلها من الجنوب، وتسليم ما تبقى من الجنوب لأهله، دون قيد او شرط، مؤكدين ان كل الخيارات متاحة امام الناس لتحقيق اهدافهم المشروعة في استعادة كامل ارضهم وسيادتهم. ويعد وادي حضرموت من اهم المناطق التي يثار حولها الصراع منذ فترة طويلة، نظرا لاهميتها الاستراتيجية، والاقتصادية، بوجود الثروة النفطية فيها، وهي الشريان الذي يغذي الاقتصاد اليمني بنسبة تفوق ال80بالمائة من دخله القومي، ولهذا السبب تستميت السلطة اليمنية ومراكز القوى في الشمال في استمرار السيطرة على هذه المنطقة الهامة، لضمان تدفق عائدات النفط الي خزائنها الخاصة، حيث تكشف المعلومات الأخيرة ان نفط حضرموت يتم تصدير الجزء الاكبر منه ليباع في الخارج، وتورد العائدات المالية الي بنوك خارجية تحت اشراف السلطة الشرعية، التي تقوم بتوزيع هذه العائدات على هوامير الفساد، والمراكز النفعية، وصرف جزء منها كرواتب شهرية للرئاسة اليمنية، والحكومة، والسلطات الأخرى المقيمة في الخارج، ولمجاميع من المنتفعين، والمطبلين.. بالاضافة الي ذهاب حصة من النفط الخام المستخرج من ابار حضرموت الي محافظة مارب، حيث يتم تكريره هناك في مصفاة مارب، وبيعه في الأسواق لصالح هوامير الفساد، في السلطة الشرعية، وحزب الاصلاح، كما تؤكد معلومات متطابقة اخرى امتلاك نجل الجنرال علي محسن الاحمر، لمصافي صغيرة الحجم، تقوم بتكرير نسبة من النفط الخام المهرب اليها من حضرموت، وشبوة، ويتم بيعه في الأسواق في مناطق شمال اليمن، وتعود عائداته لمصلحة الجنرال العجوز، واولاده. ومن هنا يبدو ان الصراع على حضرموت سوف يتخذ اشكالا جديدة، ومتقدمة، في حال رفضت قوات المنطقة العسكرية الأولى مغادرة سيئون، وهذا الصراع ليس بمعزل عن اهتمامات ورغبات خارجية، واقليمية، ويمكن ادارك ذلك من خلال مشاركة المجلس الانتقالي في التظاهرات، ودعمه لها، وهو الذي يحظى بدعم خارجي كبير، قد يمكنه من السيطرة على حضرموت بواديها، وساحلها، عبر سيناريوهات متعددة، ربما قريبة الشبه بما حدث في سقطرى او شبوة. ان التحولات في الجنوب تبدو كبيرة ومتسارعة في ظل ركود جبهات القتال في الشمال، التي عجزت منذ سنوات خلت من تحقيق انتصارات مؤكدة على الحوثين، حيث ما يزال الحوثيون هم الاكثر قوة، ومناوره، من خلال امتلاك زمام المبادرة في تحريك الجبهات، وتحقيق الانتشار على مساحة كبيرة من الارض في الشمال، بينما تضيق المساحة يوميا امام السلطة الشرعية التي تتخذ موقف الدفاع وليس الهجوم. لذا يمكن قراءت المشهد جنوبا بان هناك ترتيبات تجري بضوء اخضر من التحالف، والمجتمع الدولي، لتمكين الانتقالي من السيطرة على كامل الجنوب، قبل توقف الحرب مع الحوثيين شمالا، لفرض خيارات الحل الشامل في اطار اليمن فيما بعد، اما عبر الفدرالية الثنائية، او منح الجنوب حكما ذاتيا في حال عدم توقف الحرب، على ان يكون الحكم الذاتي في الجنوب مشروطا بالاستفتاء الشعبي على شكل العلاقة المستقبلية بين الجنوب والشمال، وهو ما ادلى به رئيس المجلس الانتقالي، الرئيس عيدروس الزبيدي، لقناة سكاي نيوز عربية في حوار خلال الشهر المنصرم. وتأسيسا على بدء فمن المتوقع ازدياد وتيرة التحركات الشعبية، والجماهيرية، في حضرموت خلال الفترة القادمة، في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية بالطرق السلمية، في اطار الهبة الحضرمية الثانية، دون استبعاد توتر الاوضاع ودخول خيارات اخرى على الخط.. في الوقت الذي تشهد فيه محافظة المهرة تحركات شعبية مماثلة، وان كانت محدودة الحجم، الا انها تاتي ضمن سيناريوهات استعادة ماتبقى من الجنوب الي اهله، وطرد القوات العسكرية الطارئة، التابعة لمراكز القوى في الشمال، كما اشار السلطان بن عفرار في تصريحات سابقة له.

مقالات الكاتب