ميثاق الشرف .. وثيقة للتفاهم وأساس للإتفاق على برنامج العمل الوطني ر

كثر الحديث عن أهمية التوافق على ميثاق الشرف الوطني الجنوبي وبأقرب وقت ممكن؛ وهذا أمر مفهوم ومحل ترحيب ومطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى؛ بالنظر لما سيتضمنه من توافق وتعهدات وإلتزامات متبادلة؛ وسيصبح العمل بموجب ما تم التوافق عليه من قبل كل الأطراف الموقعة عليه ملزما للجميع؛ وأي خروج عن ذلك سيكون إخلالا بالتعهد وخروجا عن الإجماع؛ لأن ذلك سيصبح بعد القبول به والتوقيع عليه وثيقة وطنية وسياسية مرحلية هامة . ووثيقة هامة كهذه لا يمكن أن تتحول إلى مجرد كلمة شرف تقال ويخضع الأمر بعد ذلك لتغيير المواقف أو للأمزجة المتقلبة؛ أو لأي حال من أحوال الإبتراز من قبل هذا الطرف أو ذاك أو من قبل أي شخصية تكون قد وافقت ووقعت عليه؛ وبالتالي فإن من سيقدم على مثل هذا السلوك سيتحمل وحده تبعات ذلك سياسيا ووطنيا وتاريخيا؛ فقضية الجنوب الوطنية أكبر من أن يجعل منها البعض مجالا لممارسة أهوائهم وأمزجتهم التي تتحكم بها مصالحهم الخاصة ورغباتهم الشخصية وحساباتهم السياسية قصيرة النظر التي سترتد سلبا عليهم بالضرورة . إن وثيقة أو ميثاق الشرف المراد الوصول إليه في إطار آلية الحوارات الجنوبية التي ينتظر أن تشهد ديناميكية فعالة وسرعة أكبر خلال قادم الأيام؛ لن يكون في نظرنا غير إطار منظم لقواعد وأسس ومبادئ العمل الوطني الجنوبي؛ توضع فيه آلية واضحة لأسس بناء الثقة المتبادلة وتجاوز ما قد حصل من عثرات ومسببات أضرت بالصف الوطني الجنوبي؛ وكيفية معالجة المشكلات والتباينات التي قد تحصل بين أطرافه المختلفة؛ ولكنه ليس بديلا للإتفاق على برنامج العمل الوطني الشامل الذي يعكس ما تضمنه ميثاق الشرف وبصورة أوضح وأكثر تفصيلا؛ والذي ستوضع فيه كذلك الرؤية المتفق عليها وطنيا وسياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا؛ وعلى صعيد العلاقات الخارجية بكل جوانبها وأبعادها إقليميًا ودوليا . إن كل ذلك يتطلب بالضرورة وضع الأسس والمنطلقات المتفق عليها وطنيا بشأن التعامل مع المشكلات المختلفة؛ وبما يضمن إتقان فن الحركة والتحرك في الميدان السياسي وبإلمام عميق وواسع لكل خطوة؛ الأمر الذي يفرض معه ضرورة الفرز الدقيق والموضوعي بين المهمات المختلفة وأدوات ووسائل تحقيقها؛ حاضرا ومستقبلا وبصورة تقوم على الوضوح التام بين ما هو تكتيكي وماهو إستراتيجي وبين الآني والمرحلي؛ وما يستلزمه ذلك من مرونه ومراجعات عند ظروف معينة وتوزيع الأدوار وفقا لذلك وبتنسيق وتناغم تام بين مختلف الجهات المعنية . كما أن الضرورة تستدعي أن يشمل البرنامج وضع الأسس والقواعد المنظمة والمحددات المطلوبة لطبيعة العلاقات مع الشمال وفي كل المجالات؛ والتي ستحكمها مستقبلا العلاقة بين دولتين شقيقتين مستقلتين بعد أن فشلت الوحدة وبكل المقاييس؛ وأسقطت بالحروب العدوانية المستمرة على الجنوب؛ وتفرضها كذلك الحقائق الموضوعية ومنطق المعطيات القائمة وما وصلت إليه الأوضاع؛ والحاجة المشتركة للأمن والإستقرار والتنمية والتعاون الأخوي المثمر . وبالنظر كذلك لخصوصية هذه العلاقات المحكومة بعوامل التاريخ والجغرافيا وتأثير الصلات والعلاقات الإجتماعية المتبادلة والمتفاعلة ووفقا لظروف وإعتبارات كثيرة؛ والتي لا يمكن شطبها من ميدان العلاقة بين الشعبين الشقيقين وبما يضمن المصالح والمنافع المتبادلة بينهما وعلى قواعد وإتفاقات وضوابط وإجراءات تنظم كل ذلك . ر

مقالات الكاتب