مفاوضات للسلام ام ادراة للمعانات: مفاوضات السلام في اليمن.
جميع العوامل لمفاوضات السلام في اليمن موجودة. جميع الاطراف الداخلية والخارجية مدركين ان الحل العسكري بات صعبًا بعد سبع سنوات من الحرب، حتى ان وجد، سوف يكون محدودًا في مناطق محدودة. فلا بديل عن المفاوضات المباشرة. كذلك العوامل الانسانية والبئية تدفع نحو السلام. الحالة الانسانية صعبة جدا بسبب الحرب التي أدت الى انهيار العملة الوطنية. بالاضافة الى اللاجئين الذي اجبرتهم الحرب الى ترك منازلهم ومزارعهم، مصدر دخلهم الوحيد. كذلك، كارثة ناقلة النفط صافر التي تهدد الشواطي على البحر الاحمر، مصدر الاكل الوحيد للصيادين في تلك المناطق. وكذلك عوامل خارجية تساعد لبدء مفاوضات السلام جادة في اليمن. ادراة الرئيس الاميركي بايدن عينت مندوب خاصةً للسلام وكذلك فعلت السويد. هناك اجماع دولي واقليمي على السلام. رغم الحرب في اوكرانيا، ما زال العالم يضغط نحو السلام، ومازال مجلس الامن متحدا في هذا الشان. العامل الاخر والمهم، بان الشرعية اصبحت تضم جميع القوى الفاعلة من خلال المجلس الرئاسي، التي تحارب من اجل استعادة دولة القانون والدستور. مع كل تلك العوامل، ما زالت مفاوضات السلام بعيدةً، فماهي الأسباب لذلك؟ هناك اسباب كثيره، ولكن أهمها في نظري، هي ادارة الوسيط الأممي لملف الحوارات. بدلا من عقد مفاوضات شاملة للحل، عملت الامم المتحدة على تقسيم مشاكل الصراع وابعادها عن جوهر القضية وهو الانقلاب الحوثي. فقامت بعمل مفاوضات واتفاقات لكل مشكلة عن معزلا من الاخرى. اولها اتفاق الحديدة. كانت فرصة للضغط على الاطراف لايجاد تسوية شاملة، ولكن الأمم المتحدة جمعت الاطرف لحل مشكلة ميناء الحديدة من اجل منع كارثة انسانية. فتم الاتفاق على اتفاقية استكهولم، وفي احدى بنودها مكتوب : لا تعتبر هذه الاتفاقية سابقة يشار إليها في أي مشاورات أو مفاوضات لاحقة. بعنى أخر، ان اتفاقية مستقلة عن اي اتفاقيات مستقبلا، حيث تم عزل مدينة الحديدة عن المشلكة الاساسية وهي السلام الشامل العادل. ومازل هذا النهج مستمرًا الى يوميا هذا. فتح المطارات واليه اصدار الجوازات تم بنفس الاسلوب، بعزل تلك الاشكاليات عن الحل الشامل. حاليا، نسمع بان هناك مفاوضات من اجل توحيد البنك المركزي، نتجية للنهج الذي تتخذه الامم المتحدة. لا شك بان تلك اتفاقيات لها ايجابيات، خصوصا في الشان الانساني. وفي نفس الوقت كذلك، جميع تلك الاتفاقيات في خطر من الانهيار في اي لحظة، لسبب واحد انها لم تدخل في جوهر المشكلة، وهو اتفاق شامل للسلام. فبدلا من استغلال تلك الظروف والعوامل من اجل حوار مباشر يحل جميع المشكلات ويتسمر الى إتفاقية نهائية. يتم الان، فصل تلك الخلافات بحوارات واتفاقيات تعزلها عن بعضها وتبعدنا اكثر عن الحل النهائي. اخذت منا اشهر من اجل فتح مطار صنعاء، وبعدها اشهر من آجل إتفاقية الجوازات، فكم من الوقت نريد من اجل فتح الطرق الرئيسية في تعز؟ وكم وكم من الوقت الثمين والموارد من اجل هذا وذاك ؟ مايجري حاليا، يدل على ان النهج الدولي ليس مع مفاوضات سلام شاملة في اليمن، بل من اجل ادارة الازمة باتفاقيات هنا وهناك. وهذا يدل بان الحرب لن تنتهي قريبا. لا بديل عن حوار مباشر يناقش جميع المواضيع من اجل هدف واضح وهو الوصول الى اتفاقية سلام نهاية. دون ذلك، هي مغامرة نحو المجهول!