كتبوا ولم يُكتب عنهم!!!
إذا كان هناك من هو بحاجة للكتابة عنه وتناول وتحسس واظهار خفايا أحواله وازاحة الستار عن جملة مجريات تفاصيل حياته. فإنه انما نحن الصحافيين الذين ينتظر منا الكتابة والكتابة عن كل شيء وفي كل شيء ما عدانا نحن المشتغلين في حقل الصحافة. ممن اذا حصل وأن عثر في سفر الكتابات على شيء فيه إشارة أو ذكر عن مشوار صحافي ما فإن تلك الكتابة تذهب اما إلى محاكمة او لنقل دراسة فعل واثر هذا الصحافي او ذاك فيما كتب وليس فيما كتب عنه وفيه أو ما كان واجب التطرق له من حياته. ليبقى هذا العكوف المنحاز والمقتصر على محاكمة وتقييم واثر وتأثير ونجومية هذا من ذاك ونجاح وفشل هذا من ذاك.... الخ من قضايا واحداث يتحول الخوض فيها إلى غطاء سميك يحجب تفاصيل هامة ومثيرة وأخرى مأساوية مفجعة ومخيفة من حياة الصحافي تحمل في جنباتها تجارب خصبة وهامة من حياة الصحافي. تفاصيل تتعلق ببدايات دخوله واختياره لهذه المهنة وما الأسباب التي اقلته الى مستوى معين أو أخذت بيده إلى مسافات ارفع والعكس. وما مدى تأثير واثر العوامل المحيطة من سلطة وعلاقات اجتماعية واستعدادات، ومستويات معيشة ومدى انعكاسها وتأثيرها المباشر وغير المباشر في تحديد منحى كتاباته وتوجهاته وتشكل وتبدل قناعاته. نقول ونؤكد على أهمية الكتابة في وعن حياة الصحافي الخاصة، والغوص عميقا في أدق تفاصيل مفردات عيشه، انتمائه، تقلباته السياسية والاجتماعية، وتأثير التجاذبات والمغريات وتشعب وترامي المسالك المشتعلة من حوله. إذ تظل هناك خفايا شخصية وارتباطات جهوية تحيط دوما بالصحافي والوسط الصحافي، يمكن وصفها بالمحيرة والغامضة والمثيرة لا بد من الولوج الى اعماقها والتوقف مليا أمامها لما لها من ارتباط وثيق بأداء وقرب وابتعاد الصحافي من جوهر نشاطه والمطلوب منه. وكما ان هناك في عالم الصحافة موهبة وملكات ومقدرات ومسؤولية والتزاماً، فإن في الآن نفسه هناك صناعة وإعداد واملاءات تقف خلف وجود ونوع نشاط كل صحافي، ونقصد بالصناعة هنا تلك التي تأتي متضمنة دلائل يصعب فهمها بدون فتح الأبواب المغلقة والمحذورة من حولها. إذ يمكن أن يظهر صحافيون بشكل فجائي وكأنهم خلقوا من العدم يتم من خلالهم تأسيس خط سير ومنحى كتابي يحمل غايات مرسومة سلفا وحتى خارج إرادة الصحافي نفسه الذي تم صناعته خارج مفاهيم الكفاءة ولا تعير اهتماما لامتلاكه ابسط الشروط اللازمة للكتابة الصحافية أو الخبرية أو غيرها من فنون العمل الصحافي المتعدد والمتنوع. لتصبح مجرد اسم والقاب تقف وتتصدر المشهد الصحافي، الذي تعمل تحت ادارته وتوجيهه وهي نماذج يكفي أن تحاط بالشهرة والمركز والثروة لتتبوأ هذه المراكز. وما نحاول تبيانه هنا يتلخص في أنه وبسبب من غياب الكتابة عن أوضاع شاغلي المهنة لا يمكن الحد من فوضى وتردي وضعف العمل الصحافي ومن وقف دورة العبث المترتبة على وجوده التي تقف حائلا أمام الاطلاع على خبايا تكشف الأسباب والأهداف من وراء بروز وتصدر هكذا حالات محيرة كابحة يجري فرضها وتهيئتها بهدف جعل الواقع وإمكانيات التغيير اكثر صعوبة وأكثر استحالة. خلاصة القول اننا نحتاج إلى أن نكتب عن أنفسنا والى من يكتب عنا نحن كصحافين نحمل رسالة مقدسة، وأن ننفض عن كواهلنا متاعب ومترتبات من خلال كشف وفك مغالق كثير من الغموض والملابسات المحيطة بنا والتي تقف خلف حجب وبهوت خيار «نكون او لا نكون».