حفيدي (اليمني)
حين كنت أتابع مباراة الافتتاح لخليجي ٢٥ في مدينة البصرة العراقية مساء يوم ٦ يناير ٢٠٢٣م سألني حفيدي الصغير محمد، سميي، ذو التسعة اعوام عن طرفي المباراة فقلت له انهما العراق وسلطنة عمان، وتكررت اسئلة حفيدي عن الألوان والاهداف وغيرها. بعد اداء العشاء وتناول العشاء كنت على سريري أشاهد المباراة الثانية في اليوم الاول من ايام خليجي ٢٥ حين أتى حفيدي ليجد له متسع بجانبي ويسألني بهدؤه ورويته المعهودة، من ومن يلعبوا يا جدو؟، فقلت له، اليمن والسعودية، بدأ لي ان صغيري تذكر شيئا فجاة فاستوى في جلسته وقال لي بالحرف (اليمن اللي هو نحن؟)، فاخذته في حضني وقلت ضاحكا، نعم يا محمد، نحن هنا من جغرافيا مشتتة والقاسم المشترك الذي يجمعنا في هذه اللحظات هو اننا نستقبل اهداف الخسارة معا. كيف لي ان اشرح لك يا طفلي عن الخطأ التاريخي الذي ارتكبه اطفالا كبار لا زالوا يعيشون في سن المراهقة بعضهم اعتلى السلطة ونحن اطفال ولا زال هوس السلطة يراودهم ونحن قد اصبحنا على المعاش التقاعدي المبكر بعد حياة هي اقرب الى الكابوس منها الى حياة طبيعية. المباراة التي تراها يا صغيري تجمع بين افقر منتخب واغنى منتخب في خليجي ٢٥، منتخب اتى من معسكر تدريب ينعم بالرفاه والتجانس البدني والذهني. ومنتخب اتى من معسكر تدريب غير مترف، حضر من جغرافيا مشتتة، حكومة في صنعاء وحكومة في معاشق، وسلطة في مارب ومثلها في الغرب ومشروع دولة يتبناها صديقنا العزيز عقيل العطاس وصحبه. منتخب اتى من مناطق سيطرة جيوش، بعضها يقبض رواتب واكراميات ولا يقاتل، وبعضها يقاتل بنصف راتب كل بضعة اشهر وبعضها يقاتل بلا رواتب الا في المناسبات وبعضها اعلن السلام مقابل النفط، جيوش تتقاتل ولا تتحاور وجيوش تتحاور ولا تتقاتل. منتخب اتي من جغرافيا متنوعة حتى في الملازم ومتنوعة في الاسعار ومتنوعة في المعيشة، وفوق كل هذا التنوع المشتت نخب تحكم برواتب خرافية، احلامهم ليست كاحلامنا فهم يحلمون بهويات واوطان بديلة ينعمون فيها بثرواتهم التي جمعوها ليعيشوا حياتهم بعيدا عن بؤسنا. نم يا صغيري محمد، فاحلامنا أصبحت من الماضي واحلامكم مؤجلة حتى يقضي الله امرا كان مفعولا.