لأن المواجهة حاسمة.. إعلام الجنوب مدعو لأن يكون في خط الدفاع الأول
يقف الجنوب اليوم أمام مفترق خطير للغاية؛ فإما مواصلة نضاله وثباته على ذات الطريق ونفس المسار الذي رسمته دماء عشرات الألاف من الشهداء والجرحى وعمدته عذابات ومعاناة وألام أهلنا خلال عقود ثلاثة من الزمن؛ أو القبول المذل بما يطرح من تسويق لعناوين التسوية الغامضة والمقلقة؛ وهذا من المستحيل أن يقبل به أحرار وحرائر الجنوب؛ لأن شعبنا متسلحاً بعدالة قضيته الوطنية ومشروعيتها التاريخية؛ ولديه من الإرادة أصلبها ومن الصبر الإيجابي أطوله؛ ومن القدرة على التحمل ما يفوق تصور أعدائه. فشعبنا مؤمن وعلى يقين تام بأن خطواته تقترب من تحقيق النصر مهما تعرجت وتشعبت به سبل الوصول إلى غاياته الوطنية الكبرى ولن يساوم عليها؛ ولن يقبل بأن يكون شريكاً ملحقاً أو هامشياً في مفاوضات التسوية الشاملة؛ ولن يكون مجرد شاهد زور على حفلة مراسم تغيب عنها قضيته وكما يريد لها أن تكون. إن الحرب على الجنوب متعددة العناوين والميادين؛ ورغم نجاحات الجنوب السياسية والعسكرية والإعلامية وكان آخرها نجاح مؤتمر الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين الذي يعول عليه شعبنا كثيرا؛ إلا أن الصورة مازالت قاتمة والمشهد العام المحيط بالجنوب هو الآخر مازال ضبابياً؛ والمخاطر محدقة ومن كل الإتجاهات. وتشن اليوم حرباً إعلامية كبرى منظمة وغير مسبوقة؛ سخرت لها عشرات القنوات الفضائية ومئات المواقع ناهيك عن توظيف شبكة التواصل وعلى نطاق واسع وما يصاحبها من حملات الشائعات؛ والتي تتولى جميعها بث روح اليأس والإحباط في نفوس الناس وخلط الأوراق عليهم؛ وإرباك حركتهم والنيل من تماسك صفوف جبهتهم الداخلية التي كانت وستبقى الهدف الرئيسي لكل تلك القوى السياسية والمنظمات والجماعات الإرهابية على تعدد مسمياتها. إن كل هذا وغيره يتطلب مواجهة إعلامية يقظة شجاعة وفعالة ومنظمة؛ ليكون الإعلام الجنوبي في خط الدفاع الأول عن الجنوب وقضيته الوطنية؛ وهذا ما يستدعي بالضرورة مغادرة أساليب الإعلام المتوارثة وتجاوز نمط التقليد والمحاكاة لوسائل وتجارب أخرى لها وظائفها وأهدافها وقضاياها؛ والإبتعاد عن المبالغة بالنجاحات وتضخيمها والتوقف عندها دون التعرض لجوانب القصور والتنبيه لمصادر الخطر؛ بالإعتماد على المعلومات والتحليل السياسي العميق؛ بعيداً عن السطحية والخفة وترديد القوالب والمعاني والمصطلحات والمفردات السياسية الخائبة المستهلكة المعلقة فوق سماء الحقيقة والواقع؛ والتي تتعمد مخاطبة المشاعر وإثارة الإنفعالات العابرة ولا تصل إلى عقول الناس؛ ولا تترك أثراً في نفوسهم ولا تحفزهم كثيراً للنهوض والإستعداد لمواجهات حاسمة تتعلق بمستقبلهم ومستقبل أجيالهم. فالإعلام بكل وسائله المتاحة للجنوب ليست بقليلة والخبرة متوفرة وجيل جديد قد دخل بقوة إلى ساحة الإعلام ويحتاج للمساعدة والتوجيه؛ والمطلوب أيضاً تنظيم وتعبئة كل الجهود وتنسيق النشاط على هذه الجبهة الخطيرة وجعله متناغماً وقادراً على المواجهة مع توفير الإمكانات اللازمة بالضرورة ومن كل الجهات القادرة على ذلك؛ لأنه دعم مطلوب وملح وسيذهب للمكان الصحيح المستحق؛ حتى يتمكن من القيام بدوره المطلوب وإستغلال ما هو متاح وبمسؤولية وطنية. ...