على هامش العمرة
بسم الله الرحمن الرحيم (على هامش العمرة) نزلت في مكة المكرمة ولم أسكن في أي فندق لقد نزلت على أخوة أقارب _ الحمدلله_ ونزلت المدينة المنورة وكان لي مثل ذلك فلم أحتج أن أنزل فندقا من فنادقها الكثيرة مثل سائر الحجيج من كل مكان. أما جدة فإن لي فيها أهلا وأقارب كثر وهذا فضل من الله بيد أنني لو سافرت صنعاء أو تعز أو الحديدة لتوجهت بشكل مباشر إلى أحد الفنادق ، على الرغم من وجود أصدقاء وزملاء هناك ، لكن ليس إلى حد أن أقيم عندهم ، ليس ذلك فحسب ولكن حتى إذا زرت حواضر الجنوب المختلفة من غير عدن فانني سأحتاج إلى فندق أيضا رغم أنها مدن تنتمي إلى وطني الحبيب الجنوب ، وعلى الرغم من أن هناك أيضا أصدقاء وزملاء ومعاريف فيها ، لكنهم في مكة وجدة والمدينة أكثر قربا وعددا ، وهذه المسألة ليست فردية تخصني أنا ، فهي تخص الكثيرين من أبناء الجنوب ومن أبناء الشمال ، فمن هم هنا بوجه عام كُثر ، وجزء كبير منهم يقيمون مع عوائلهم وذراريهم ، وقد استقروا هنا، ولكن القليل منهم من يحمل الجنسية السعودية وهذه الأمور تخص هذه الدولة وسياستها في المعاملة مع موضوع المواطنة وإزاء الأجانب بشكل عام والعرب بشكل خاص ، مع انهم هنا يسمون غير السعوديين بالأجانب ، وقد وجدت عندما كنت في العراق أن الأجانب هم غير العرب أما العرب فيسمونهم الأشقاء العرب وكذلك في سوريا ، المهم أن هذه الملاحظة تدل على كثرة اليمنيين هنا وأنهم استفادوا كثيرا من هذه البلد وهي استفادت منهم بصرف النظر عن العلاقات السياسية بين البلدين ، لقد استفاد الناس من هذا البلد المبارك وما فيه من غنى وحركة أعمال ونهضة وسعة مساحة. وطال ما انتقدنا السعودية فيما كتبناه ولكن كمنظومة حكم ،وانتقدنا سياستها إزاء اليمن ، لكن شعوب شبه الجزيرة العربية شعوب متجاورة ويحب بعضها بعضا على الرغم من التنوع بينها والخصوصيات فإن الروابط جدا قوية ومتينة. في حقيقة الأمر أنا فرحت عندما وجدت الشوارع نظيفة والحياة منظمة وحركة المرور تنساب بسلاسة والطرق الواسعة والجسور العملاقة والانفاق الطويلة فضلا عن وجود الدولة بقوة ولكن ليس من خلال المظاهر المسلحة ، وكذا التنظيم المدهش ، رغم الزحمة في الحرم بشكل عام وفي مكة والمدينة وغير هما عموما فرحت عندما وجدت القطار يشق الطريق في أقل من ساعتين بين مدينة وأخرى . إن كل هذا التحضر يخدم العرب والمسلمين جميعا ، فنحن أخوة والخير يجمعنا كلنا ولا غنى لنا عن هذا البلد، مع أن المغتربين هنا يشكون كثيرا من بعض الأمور مثل ما يسمى سعودة الأعمال وكثرة الضرائب وحق الإقامة وحق المعاملات والعقوبات على كل صغيرة وكبيرة من الأخطاء ، لكن الناس هنا عاشت واشتغلت وفي كل عام يقولون لنا السعودية انتهت وانتهى الشغل فيها ولكن نجد أن الناس يعملون ويكسبون ويبنون وما تزال الهجرة تتدفق إليها على الرغم من كثرة الشاكين وقلة الشاكرين . أي تقدم في أي بلد عربي فانه يسرنا ويسعدنا، ولقد تذكرت مدينتي عدن المغلوبة على أمرها وكيف انقلب النظام فيها إلى فوضى عبر السنين والايام وكيف صارت مدنيتها وحضارتها المادية والثقافية، فكدت أذرف الدموع ،أين الشوارع النظيفة أين (الفوتبات) الذي يلمع ، بل أين الاضواء وهيبة المدينة وأين إشارات المرور خاصة الضوئية التي لم يعد لها أي أثر في عدن ، وقد كانت عدن حافلة بها في أماكن كثيرة ، عدن التي عادت للوراء سنين وسنين. صرنا نتلمسها في مدن أخرى ، كأنما مستقبل المدينة كان في الماضي ، كما قال البردوني : لماذا الذي كان ما زال يأتي لأن الذي سوف يأتي ذهب لماذا أبو لهب لم يمت وكل الذي مات ضوء اللهب وأخيرا ماذا احدث عن مناسك العمرة وكيف وجدت الناس هناك وكيف كان الشعور وكيف كانت الزحمة والرحمة معا لاسيما في رمضان ؟ وكيف تحس بجلال بمكة وجمال المدينة ،وكيف تجد تلك المشاعر الروحانية؟ لعل هذا يكون في منشور آخر إن شاء الله تعالى.