عبدالقادر رويشد.. الطبيب الإنسان ورمز العمل الصحي في حضرموت
تحل علينا اليوم الخميس 14سبتمبر 2023م الذكرى السنوية الثانية عشر لرحيل احد مؤسسي العمل الصحي بحضرموت الأستاذ الطبيب عبدالقادر علي رويشد، الذي رحل عن عالمنا بعد رحلة عطاء لسنوات طويلة، وهب فيها حياته لخدمة الناس، فقد كان قدوة حسنة للعاملين في المجال الصحي، ويمثل جيلاً من المؤسسين للخدمات الطبية العلمية الحديثة، والذين ضحوا وتفانوا وإجتهدوا و واجهوا وتحدوا وأنجزوا الأساس الصلب الذي تحمّل البناء الشامخ للأجيال التي أتت من بعدهم.
إنطفأ نوره، والذي يعد أحد أهم شموع مدينة الشحر التي تتلألأ وتضي في الليالي الحالكة بالظلام، لأجل أن ينعم الجميع بالصحة والسلامة. وكان يطلق عليه "الدكتور رويشد".. نعم انه دكتور، وان لم يكن قد حاز على شهادة الدكتوراه الدراسية أو التعليمية، لكنه حاز على الدكتوراه الفخرية في الطب الإنساني، والرحمة الملائكية، حاز على الدكتوراه في النزاهة والضمير الحي والشرف والكرامة في المعاملة والأخلاق.
تخرج في منتصف خمسينيات القرن العشرين، وعمل مساعداً طبياً بمستشفى الشحر، وبعدها كافح في جولاته في الأرياف طبيباً مُعالجاً، وبرزت شخصيته الطبية الإنسانية، فكان الطبيب الإنسان في مناطق ريفية نائية، عانى للوصول إليها ماعانى، ونجح بتوفيق الله في معالجة مرضاه، وأنقذ من كاد أن يُهلك منهم. وكثيرة هي بصمات الراحل رويشد، منها تبرعه لمعالجة المبدعين مجاناً، وخدمته الطبية لزوار عيادته من الذكور والإناث.. صغاراً وكباراً.
لقد رحل عنا وكانت حياته حافلة بأعمال الخير والعطاء، متميز بالإبداع والمعرفة والعمل الدؤوب، كان خلوقاً وهادئ الطبع، مليئاً بالمشاعر الجياشة، مُحباً للخير، ساعياً إلى تحقيقه، وقد إستطاع بفضل الله ومساعدة رفاق دربه ان تثمر جهوده المستمرة في المتابعة مع الجهات الرسمية بتحقيق الكثير من المشاريع الخدمية كالمستشفيات والوحدات الصحية في مديرية الشحر وضواحيها، والمديريات الشرقية، وكذلك المشاركة في المخيمات الطبية التي تقام من وقت لآخر. بالإضافة إلى ذلك فإن عيادته الخاصة ومخزن الأدوية الملحق بها، قد ساهما في دعم المريض المحتاج للمساعدة، ويكاد علاجه ومايتطلبه من دواء يصرف له بالمجان، أو بسعر رمزي لايزيد عن نصف تكلفته. كما يحتفظ الطبيب رويشد في عيادته بجناح خاص لصرف بعض أدوية الأمراض المزمنة بالمجان، وهو يسعى في توفيرها من بعض أوجه الخير.
عند وفاته.. كانت الجموع الغفيرة التي شاركت في موكب تشييع جنازته مظهراً مُعبراً عن حجم التقدير الذي تكنه هذه المدينة لابنها عبدالقادر، وتعبيراً إضافياً لوفائها تجاه الدور النبيل الذي إجترحه عطاءً وفعلاً. هكذا عايشه الناس والكل له شاهد، كم كان إسمه راسخاً في الشحر خاصة وحضرموت عامة، كرسوخ الجبال، وفي ذاكرة و وجدان كل من عرفه. لقد تحمل راضياً عبئاً عظيماً نذر له حياته ونشاطه، لذا فالرجال الكبار يظلون في الوجدان سيرة تروي لمن بعدهم بكل توثباتها و وهجها.
رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه دار الجنان.