من تعلّى "هدش"
مهما نكتب أو نشيد فلا نقدنا يجدي ولا إشاداتنا تفيد، فالكل من حولنا - مسؤولا كان أو مديرا مدنيا أو عسكريا أو سياسيا- يتصرف وفق هواه وقناعته وولائه لا مرجعية يرجع إليها ولا قانون يحتكم له ولا تشرع يضبطه ويضمن سلامة تصرفاته. فأينما كان مسؤولا صغيرا أو كبيرا أو متوسطا، يكون من حقه أن يعمل ما يشاء وفيما يشاء ووقتما يشاء لأنه أصبح على ثقة أن لا أحد هناك سيسأله أو سيحد من تصرفاته، لا بل أن إقدامه على ارتكاب المخالفات وتجاهل اللوائح والقوانين وعدم احترامه للوظيفة العامة وتحوله إلى عبء على المجتمع يزيد من مكانته ويرفع من صيته ويعزز من قدراته وقدرته على التحدي والتجبر والظلم وارتكاب المخالفات فجميع ما يقوم به من ممارسات ضد مرفقه أو تعامله مع مواطن أو تماديه في التحدي.. تتحول هذه المناكر إلى نياشين يتبجح بعرضها والتجول بها ونشرها مفاخرا بها، فتصبح بقدرة قادر مؤهلات عالية المكانة والقيمة تفوق بمكانتها كل المؤهلات العلمية والأدبية والثقافية والفنية والمعرفية والحضارية، مؤهلات تفتح له وأمامه كل الأبواب التي تمكنه من مواصلة دوره الضار والمدمر على مؤسسته والمجتمع والدولة والنظام والحق العام. إنه مبدأ من تعلى هدش ، فكلما ارتقى درجة كانت إصاباته محققة وأضراره بالغة فهو لا يهتم كم رأساً أصاب وكم روحا ازهق وكم حلما أسقط بل يزداد تعفرتاً وتنمراً كلما كان رصيد فجائعه أوسع وأضخم، مقدما بذلك دليلا صريحا على عدم وجود دولة أو قوانين اونظم يمكن أن تخشى وتحترم.