هنا موطن التصالح والتسامح
على وجه هذه الأرض المباركة، تدافعت الجماهير تحت جبروت التهديد والوعيد لنظام الاحتلال اليمني، فتدشن أول تأسيس مبادئ التصالح والتسامح وبالذات في جمعية ردفان بعدن يوم 13 يناير 2006م، على أمتداد الأرض الجنوبية وتحت سمائها تم وضع اللبنات السياسية لتوطيد قيم المودة والالفة ونبذ عيوب الماضي المثخن بجراح المأسي واوجاع الصراعات التناحرية غير المبررة، في مثل هذا اليوم التاريخي المجيد قبل اكثر من 18 عاما، توافق أبناء الجنوب وتعاضدت معنوياتهم وتأصلت مواقفهم على ضرورة غرس قيم المحبة وأخلاقيات التسامح فيما بينهم لتجاوز المحن والمكائد العبثية، وتحويل ذلك اليوم المشؤوم من يوم لاستذكار الكارثة الدموية التي حلت بهم، إلى يوم تنتهي فيه وتزول أسباب وعوامل التحريض لإشعال نيران المناكفات والفتن بين ابناء الوطن الجنوبي الواحد. لقد كانت الدعوة في ذلك اليوم للتصالح والتسامح الجنوبي موفقه وفي توقيت مناسب لاستجابة الشعب قاطبة من أراضي المهرة شرقا إلى باب المندب غربا، حيث جاءت الدعوة لانقاذ انفسهم من هيمنة نظام التخلف القبلي وتخليص وطنهم المقدس من ويلات الطغيان والاستبداد، ومن أساليب التهميش والإقصاء، ومن عربدة الغزاة وتصرفاتهم الانتقامية في الاستيلاء والبسط والاستحواذ على مقدرات وممتلكات دولة شعب الجنوب المستقلة. نعم: كان ذلك اليوم حدثا تاريخيا مجيدا لاستنهاض الوعي الجنوبي، واستلهام ثقافته المدنية والحضارية واستعادة حريته وكرامته، والإعلان عن العزيمة والإصرار على حتمية التحرير والاستقلال من نظام همجي متخلف علميا وثقافيا واجتماعيا، نظام مدمن على عادات وتقاليد الاستقواء والتعالي والغرور، نظام متمرس على الفيد والمحسوبية والبسط بالقوة على الممتلكات العامة والخاصة، نظام لا يعرف ولا يؤمن بقيم العدل والمساواة الاجتماعية، ولا يفقه لنواميس الأعراف الإنسانية، نظام سياسي يقوم على التسلط والبطش وفرض جبروت الغاب على الفقراء والبسطاء والمعدمين، نظام سياسي مجرد من احترام القوانين ولا يؤمن بضوابط الدولة وإجراءاتها المشروعة. هذه الصفات وغيرها من عيوب هيمنة نظام سلطة الجمهورية العربية اليمنية، هي من كانت الدافع المعنوي لأبناء شعب الجنوب، في توحيد جهودهم وتصميمهم على الترفع في نسيان خلافاتهم وطمس ومسح عوامل تمزقهم وتبايناتهم، فكان لهم ما ارادوا بمشيئة الله تعالى، ولنا أن نتذكر بامعان كيف كنا في تلك الأيام والسنوات السوداء، واين صرنا؟ وما حققنا؟ وأين كان مصير تلك القوى القبلية المتطرفة وجحافل جيوشهم المتعربدة؟ ولماذا تمزقوا وتناثروا في مشارق الأرض ومغاربها، يلاحقهم الخزي والعار وتطاردهم لعنات التاريخ. تهانينا الحارة لشعبنا الجنوبي الصامد والصبور، ولأبطاله المناضلين الأوفياء ورجاله الشجعان اصدق معاني التبريكات والتقدير والاحترام، بمناسبة الذكرى 18 ليوم التصالح والتسامح المهيب.