ثرثرة شعب جائع ..

الناس حائرة لاهثة لا تدري ما أصابها أو مصابها ! تصعد إلى حافلة ، أو تذهب لإتمام معاملة من أي نوع ، وما أن تجلس إلَّا وتجد ذاتك في خضم جدل مقرف لا ينتهي . الجميع ساسة وزعماء وأنبياء ، أيضًا . يخوضون في كل شيء ، ويختلفون في اتفه الأشياء . روسيا ، أوكرانيا ، الشرعية ، الانتقالي ، الحكومة ، الحوثي ، العليمي ، عيدروس ، طارق ، السعودية ، الإمارات . كل هذه القضايا تجدها حاضرة بقوة واين ذهبت أو حللت ؟! . الشرف والخيانة ، النزاهة والفساد ، التوحد والتجزئة ، معاشيق وجولد مور ، عدن وصنعاء ، الريال والدرهم والدولار ، قوات العاصفة والأحزمة ودرع الوطن ، جيش وأمن الجنوب واليمن . كم نهب فلان ؟ وكم سطا زعطان ؟ من يحمي هذا الهامور ومن يخفي ذاك القاتل ؟ من النافذ الشريك في شركة عقارات أو صرافة ؟ ومن الرؤوس الكبيرة المشاركة في صفقة القرن ، عذرا ، مساحات شاسعة من أرض الدولة في حرم جامعة عدن أو في بئر احمد وجعولة وصلاح الدين وووو الخ ؟؟ . المؤسف أن الحياة الكريمة ، الوطن والمواطنة ، القانون والنظام والدولة والقضاء ، الاقتصاد والموارد ، التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية ، أولويات وضرورات ؛ فهذه المفردات غائبة ، مفقودة في زحام البحث عن بناء الذات ، وفي غمرة تفشي ظواهر غريبة تماثل جائحات كورونا ، والضنك ، والكوليرا. كلام سفسطائي عبثي وبلا تحفظ أو منتهى . لا أحد يستطيع القول : توقفوا أيها الانبياء والسادة والزعماء والأبطال ، فما تفعلونه في أنفسكم وفي وطنكم يخجل الموتى في الثرى ، ويزيد البلاء والعناء . موارد البلاد وثروتها تنهب وتسرق وتبدد وتهدر بتوجيهات وأوامر من رأس هرم الدولة ، من مجلس الرئاسة ، ومن الحكومة ، ومن سلاطين وأمراء القوة والنفوذ وسلطة الأمر الواقع . صمتكم مصادرة لارادتكم الحُرَّة في اختيار من ترونه آهلًا لحمل المسؤولية والواجب ،وصمتكم جريمة لا تغتفر ، وفي الحالتين هذا الصمت الذي تجاوز حدوده ، هناك من فهمه أو فسره باعتباره تفويضًا كي يتربع على رؤوسكم البلاطجة والقتلة واللصوص . ينبغي أن توقفوا الثرثرة في كل القضايا والمشكلات الدائرة في العالم ، ويكتفى بالحديث عن حالنا المزري ، والا ننتظر حلولًا جاهزة تأتينا من الخارج . نعم يكفي إهدار الوقت في ثرثرة بلا فائدة أو معنى ، فهذه الثرثرة مزقت نسيجنا ، وعفرت دمائنا ، واهدرت كرامتنا ، وزادت من اعداد المتسولين في الأسواق والطرقات ، وعلى أبواب ونوافذ المنظمات والمؤسسات الإغاثية والإنسانية . ما فائدة النقاش في التفاصيل إذا كان الجوهر غائبا أو مفقودا ؟ وما جدوى الكلام في النتائج إن كنَّا لم نفهم أو نعي بعد جذور ومقدمات وأسباب مأساتنا الراهنة ؟! .

مقالات الكاتب