صنّاع الخصومة

استطيع القول إن جل أبناء الجنوب (بوعي او بدون وعي) لم يبرعوا في شيء أكثر من براعتهم في صناعة الخصومات والأحقاد منذ الحرب الأهلية التي سبقت رحيل بريطانيا عن الجنوب.. هذه حقيقة لا ينكرها الا مكابر، وأصبح احدنا يفضل ان يكون مغردا منفردا على ان يكون جزء من جوقات نشاز تؤسس لصراع جديد، او ان يكون من جماعة (طز) حد تعبير المرحوم عمر الجاوي عندما كان الجنوب منقسما بين طغمة وزمرة وكان (انا طز) رده حين سوئل هل انت طغمة او زمرة. قرأنا في اخبار صباح هذا اليوم 18/9/2017 عن منح جائزة (اليسون دي فورج) للناشطة اليمنية في مجال حقوق الانسان السيدة أروى عثمان، وهي جائزة تمنح من قبل منظمة (هيومن رايتس ووتش) وقد وصفت ديباجة قرار المنح (بأن السيدة عثمان عرضت حياتها للخطر خلال ممارسة نشاطها..) وهذه حقيقة لا يستطيع احد انكارها. بعض الزملاء من الجنوبيين عبر عن امتعاضه من اصرار المنظمات الدولية على حصر جوائزها في اليمن، وهو امتعاض مشروع اذا ما اخذنا في الحسبان ان هناك ناشطات جنوبيات عرضن حياتهن للخطر وهن يمارسن حقهن في الدفاع عن حق الانسان الجنوبي في تحرير ارضه وتقرير مصيره، ومنهن الناشطة الجنوبية زهرة صالح التي فقدت احدى قدميها نتيجة لممارسة نشاطها، فحقوق الانسان كل لا يتجزأ ولا يخضع للتصنيف السياسي لهذه الحقوق والا فقدت هذه المنظمات مصداقيتها. لكن دعونا نضع النقاط على الحروف ونقر بأن هناك ضعف جنوبي في مخاطبة الخارج، وعدى عن الجهود التي تبذلها الرابطة وتاج فلا شيء يستحق الذكر، وكل ابناء الجنوب في الخارج لم يتمكنوا من التوظيف السياسي لما يعتمل في الداخل الجنوبي ولم يحققوا اختراقا لاي منظمة او مؤسسة حكومية خارجية فكل ما نلمسه من نشاطهم هو لقاءاتهم الخاصة وولائمهم التي يقيمونها وينشروا اخبارها لنا في وسائل التواصل التي اصبحوا ينافسونا على (النباح) فيها في الهجوم على بعضنا البعض، ف99% من كتاباتنا وحوارتنا مكرسة للهجوم على الشرعية او المجلس الانتقالي رغم ان الحنكة السياسية تقتضي ان نفهم ان دور كل من الشرعية والمجلس الانتقالي مختلفان وقد يحدث شيء من التباين تفرضه وظيفة ودور ومهام كل منهما. نحن في الجنوب نجيد الصراع فيما بيننا ولا نحفل كيف يرانا العالم فنحن كعازفين كل عازف واقف بشارع اخر او دولة اخرى ونحلم بصناعة معزوفة تطرب العالم.. يسري ذلك على الجميع في الداخل والخارج. نحن نعاني من متلازمة (الشرعية والمجلس) كما عانينا قبل ذلك من متلازمات الطغمة والزمرة واليمين الرجعي والانتهازي واليسار الانتهازي وحدث في ذلك ولا حرج. مغادرة مربع صناعة الخصومة شرط للانتقال الى السلم الاجتماعي الحقيقي.. وعدم الالتفات لمنشورات الطابور الخامس (كمحاولة البعض تصوير ما حدث شرق عدن بأنه صراع جنوبي جنوبي بين الحرس الرئاسي والحزام الامني) شرط لتعافي عقولنا من التلوث الإعلامي.. نحن أصحاب قضية اكبر من الإفراد والجماعات ويجب ان نرتفع الى مستواها..وندرك ان المجلس الانتقالي مظلة جنوبية يجب ان تتسع لكل الطيف الجنوبي، ليس له خصومه مع اي طرف جنوبي بما في ذلك الرئيس ومن يقول بغير ذلك فهو خصم للجنوب ايا كان الشعار الذي يرفعه او الثوب الذي يلبسه..

مقالات الكاتب