مستشفيات القطاع الخاص بلا رقابة ولا شرف مهنة
فضلاً عن الأسعار المبالغ فيها، والتي تُعجز المقتدر قبل الفقير، فإن المستشفيات الخاصة مازالت كما يبدو في مأمن من كل الشروط والواجبات والمسؤوليات التي تقع علها بدءاً من المكان المناسب لوجودها، فهي أي هذه المستشفيات لا تجد مانعاً من أن تقام وتنشر لافتاتها وتفتح أبوابها في أي ركن أو زاوية أو شارع وداخل أي شقة أو عمارة سكنية. ومروراً بممارسة النشاط التطبيبي الذي تريد وبالكادر الصحي والطبي المتوفر الذي لا يجد هو الآخر مانعاً ان يكون شريكاً مع صاحب رأس المال الذي أوحى له إلهامه وعبقريته الربحية بفتح مشفى، وهو كادر لا تنقصه الخبرة أو التأهيل المناسب أو الدرجة العلمية وحسب، بل ينقصه أيضاً - وبوفرة - الشعور بالمسؤولية واحترام المهنة والالتزام بشروطها وعهودها، فتجدهم مستعدين أن ينخرطوا وبكل أريحية في بوتقة واحدة مع صاحب (المحل) أو المستشفى ليعينوه ويعملوا معه ويسهلوا عليه طرق الربح وجني الأموال من عباد الله الذين ابتلاهم الله بالمرض وحرمهم من الولادة في مجتمع سليم ومتعافٍ وسلط عليهم حكومات ومسؤولين غير مهتمين ولا مشغولين بصحتهم وتحسين أوضاعهم الصحية. وانتهاء بشيوع واستفحال حالات غض الطرف والتساهل وعدم القيام بواجب الرقابة الدورية والمنتظمة على وجود هذه المستشفيات القاحلة من الخارج والداخل، التي تصرف مخلفاتها في شبكات الصرف الصحي، وليس لها مساحات خضراء ولا حدائق ولا مرافق صحية ولا أماكن زيارات مريحة، ولا تصاميم هندسية ولا .. ولا .. ولا رقابة على مستوى خدماتها وكفاءة موظفيها من أطباء وصحيين وأجهزة. فلا رقابة حاضرة، ولا جهات مسؤولة لها بصمات واضحة وبينة في وجود ونشوء نشاط هذه (المسالخ) التي تسمى اعتباطاً وبلا وجه حق مستشفيات خاصة، والتي اصبحت تخطئ، وتسعر، وتمارس كل مستقبح مع المرضى الوافدين في غفلة من جهات الرقابة، التي بات غيابها مثيراً للشك والريبة، والتي اصبحت تشكل شريكاً رئيسياً في كل ما يحصل من جرائم، وسلب، وتحايل، وامتهان لمهنة الطب آخرها ما جعلني اعاود الكتابة عن هذه المستشفيات ذلك المربي الفاضل (كامل) الذي جاءني صوته من خلفي مردداً اسمي داعياً إياي أن أقول شيئاً في فقدانه زوجته في أحد المستشفيات الخاصة بسبب الاهمال الذي دفّعه دم قلبه لعلاج زوجته التي توفيت على أحد الاسرة بعد يوم من قدومه إليها والمشفى بلا كهرباء وزوجته وابنته تقطران دماً بدل العرق، والأجهزة المؤجرة بعشرات الآلاف يومياً متوقفة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وغياب العمال العاملين على مولد الكهرباء الخاص بالمشفى. شاهدت الدموع في عينيه وهو يصف لي ما حدث، وكل ما استطعت قوله له هو أنني سأفعل، وانصرفت إلى أوراقي وقلمي.