متى تصحوا ياقيادة!
مدة صلاحية الأحزاب في الجنوب لا تتجاوز ثلاثين سنة، ولم تنحدر بريطانيا في الجنوب إلا بعد مشروع الاتحاد الذي شكل بمفهوم سياسي دخيل لمجتمع لا يعلم إلا سلطان السلطنة التي يعرفها وينتمي إليها. ولو نظرنا للتغيرات في الشكل السياسي للجنوب لوجدنا تغيرات كبيرة مختلفة حدثت فيه خلال ستة عقود منصرمة، بالمقابل ظلت السلطنة بعمر مئات السنين لعدم وجود أحزاب فيها، ولاختلاف العادات والتقاليد في سلطنات الجنوب، أكانت في مناطق صحراوية متقاربة من بعضها أو على الشريط الساحلي أو السلسة الجبلية المتقاربة في أرض الجنوب. فكيف للأحزاب أن تفلح في توحيد فكر دخيل مهما سعت في إيجاد قواعدها على أرض الجنوب !!! ونستطيع القول حقيقة إن حزب الإصلاح في الجنوب يسير على خطى الحزب الاشتراكي في عام تسعين تسعمائة وألف، أي أنه في مرحلة الانحدار، كما أن المؤتمر الجنوبي يعاني وبشدة من شلل تام سيعرضه حتما للذوبان في تشكيل جديد لم يبصر النور بعد. فالجنوب حقيقة لا يعرف إلا هرما واحدا فقط يحكمه بالقوة واللين في آن واحد، وهذه الإستراتيجية التي لعب عليها نظام عفاش “المترجل جبرا”، فصمد في الجنوب قرابة العقدين من الزمن. ولأن الرفاق بعد 67م على أرض السلطنات جنوبا لم يعوا ذلك فقد أرهقوا أنفسهم في صراعات امتدت 25عاما، وهذا يؤكد عدم القبول بالآخر، ولأن شعب الجنوب يفضل العودة للأصل، وهي الانتماء للسلطنة حين الاختلاف، وهنا أستطيع أن أوجه أسباب عدم القبول بالآخر من وجهة نظري إلى الجينات المتأصلة فينا نحن الجنوبيون ككل، ولأن الرفاق سابقا تجاهلوا تلك الجينات وسعوا لنقل ثقافة جديدة لا تتناسب مع ثقافات سائدة فينا منذ مئات السنين فقد فشلوا. كما أن صراعاتهم جعلت منهم فريسة سهلة للانقضاض عليهم وعلى الأرض من المتربصين، فقد كانت النتائج المنشودة منهم سلبية ولم يقدموا نموذجا يشكرون عليه أثناء فترة حكم كلا منهم مجتمعين أو كلا منهم على حدة، حيث حكموا مساحة جغرافية تصل إلى 380 ألف كم، فيها من الثروات ما يكفي لمئات السنين القادمة، في ظل تعداد سكاني يقل عن ثلاثة مليون نسمة حرموه زيادة التناسل من خلال التعدد. وكانت نهاية تلك الصرعات الداخلية ذهابهم لمغامرات بشعب وأرض، وإقحام شعب الجنوب في تجربة جديدة أطلقوا عليها الوحدة “حد زعمهم” فشلت في مهدها، بسبب إغفالهم عن فكرنا المتأصل فينا منذ مئات السنين، ومع ما حصل وما نتج عنه من إخفاقات شديدة خلال خمسة وخمسين عاما مضت احتوت الكثير من التجارب، لأزلنا نلتمس ونرى أنهم لم يستفيدوا منها بل يمارس الأبناء نفس أخطاء الأباء والقيادات التي عفى عليها الدهر. وهذا حقيقة ما دفعني لكتابة هذه السطور مناشدا فيها كل شعبنا في الجنوب بعدم الانجرار خلف الصراعات، فنحن لا نريد إعادة التاريخ المعاصر، الذي كان في الستينات والسبعينات من القرن الماضي والذي لأزلنا نعاني آثاره السلبية حتى الآن، داعيا فيها كل مراكز القرار بالسعي إلى لملمة الصف الجنوبي والقبول بالآخر والتأسيس لما ينشده الشعب ككل في ظل احتفاظ شعوب السلطنات الجنوبية بخصوصياتها. وأذكر مراكز القرار المتبعة بدون استثناء بأن الفرصة سانحة والمجتمع الدولي والإقليمي سيستجيب لإرادة الشعب متى ما قدمنا نموذجا جيدا وضمانات مستقبلية تحقق مصالحهم في ظل المحافظة على مصالح الجنوب كأرض وإنسان.