الاستقلال .. الحلم الذي لم تتحقق أهدافه !

كل عام في يوم الثلاثين من نوفمبر يمر أمامي شريط ذكريات .. أتذكرُ ذلك اليوم تماماً ، حينها كنت طفلاً لم يبلغ الحلم ، لكنني كنتُ شديد التركيز والاستماع لما يدور حولي من أحداث بعضها كنت أعيها وبعضها وعيتها عندما كبرت .. في ذلك اليوم سكتت أصوات الهاون والبرن والبازوكا ووضعت الحرب أوزارها .. كانت الفرحة تغمر كيان (الشعب) الحالم بمستقبل أفضل وأروع على يد ثوار الجبهة القومية الذين حصدوا النصر لوحدهم ، وفي الطرف الأخر المنهزم كانت الغصة تملأُ الحلق ، والانكسار يعلو هامات الرجال ، الذين ناضلوا أيضاً من أجل تحقيق ذلك اليوم ووجدوا أنفسهم خارج دائرة النصر ! كنت اسمع عبر إذاعة عدن كل يوم الخطابات والأناشيد الوطنية الحماسية التي لم نألفها من قبل ولكنها كانت جميلة تلهبُ المشاعر والأحاسيس وتذكي الحماس في النفوس ( برع يا استعمار، أيا ثورة الشعب دومي منارا ، بالنار والحديد والكفاح المجيد ، كل الشعب قومية ) . معظم الناس في ذلك اليوم لم يأبهوا أن مواطنين ومناضلين شرفاء غادروا إلى الشمال والدول المجاورة ودموع أعينهم تنهمر بشدة ، تاركين خلفهم مدنهم وقراهم و بيوتهم وأراضيهم وممتلكاتهم خوفاً من بطش الحُكّام الجدد ، ومن لم يهرب كان مصيره مجهولاً . كان ذلك في دائرة أول صراع دموعي للاستيلاء على الحكم تساجلت فيه المخابرات البريطانية مع المخابرات المصرية التي خسرت السجال بسبب الهزيمة التي لحقت بمصر والعرب في يونيو 67م ـ نكسة حزيران كما يحلوا لهم تسميتها ـ كما لعبت بريطانيا بالورقة الرابحة لديها وهي دخول جيش الاتحاد النظامي لحسم الصراع على الحكم وإفشال اجتماعات القاهرة التي كانت تجري تحت رعاية الرئيس جمال عبدالناصر بين الجبهة القومية من جهة وجبهة التحرير من جهة أخرى للتقاسم والشراكة ، وفعلا تدخل الجيش وحسم الصراع لصالح الجبهة القومية . بمناسبة مضي خمسون عاماً على ذلك اليوم ، دعونا نسأل أنفسنا سؤال مهم : ماذا تحقق للشعب خلال هذه الفترة ؟ أو بصيغة أخرى : هل أهداف الاستقلال تحققت كلها ؟ اشك أننا نتفق على إجابة ، بل اجزم إننا لن نتفق على أي شيء ! كل عام وانتم بخير .

مقالات الكاتب