الآن حصحص الحق

زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى بريطانيا لم يكن الغرض منها التشاور حول الأزمة في اليمن والجنوب هذا أمر واضح وان كانت حاضرة في المحادثات هذا مؤكد. التأكيد في البيان الختامي للزيارة على أن الحل السلمي هو الطريق الوحيد المتاح هذا هو جوهر الاتفاق بين السعودية وبريطانيا بعد أثبتت ثلاث سنوات أن لا شرعية على الأرض تستطيع حسم الصراع حول صنعاء عسكريا وأنها أعجز من أن تحقق ذلك. المرور على المرجعيات الثلاث في بيان الزيارة ليس إلا من باب المجاملة فمن لا يمتلك القوة لتحقيق النصر فلا ينتظر من العالم أن يدخل في حرب غير محسوبة لكي يعيده لكرسي الحكم في صنعاء. اليوم وبعد ثلاث سنوات من الحرب لم يعد أمام الجميع إلا وضع الأمور على الطاولة في وضح النهار. الحرب لم تبدأ يوم 26 مارس 2015م وإنما يوم 19 مارس عندما اقتحمت اللجان الشعبية والحراك الجنوبي معسكر الصولبان بعد رفض السقاف تسليم المعسكر وقاد تمرد للاستيلاء على المطار و الانقلاب على هادي و أنتشر بعدها القتال ليصل إلى قاعدة العند حتى جاءت العاصفة وتشكلت المقاومة الجنوبية وصمدت في ظروف قاسية و قاومت بشكل أسطوري آلة الحرب اليمنية وتم تحرير عدن وباقي مناطق الجنوب وعندما كان الحديث يدور حول الأزمة آنذاك ويأتي ذكر القضية الجنوبية ترتفع هرمونات الأدرينالين لدى الأشقاء في اليمن وفي دول التحالف بحجة أن هذا الوقت ليس مناسب لمناقشة القضية الجنوبية وأن المعركة مع الحوثي هي الأهم و قلنا فليكن ذلك وعليه تصرف الجنوبيون بما تمليه عليه مواقفهم الوطنية والقومية وقاموا بدورهم على أكمل وجه بل وأكثر وساهموا في تحرير مناطق ليست في أرضهم. اليوم بعد أن اتضح للجميع ما كنا قلناه في السنة الأولى للحرب أن أشقائنا اليمنيين في الشرعية ليسوا معنيين بقتال الحوثيين ولا هو وارد في نيتهم , وأثبتت السنوات الثلاث ذلك فصار لزاما أن يتحدث الجنوبيون بصراحة و شفافية مع أشقائهم في التحالف بشأن القضية الجنوبية وأن يقولوها بكل وضوح و هو أن يتم الفصل بين القضية الجنوبية والقضية اليمنية في صنعاء فإن كان للأشقاء قضية مع اليمن فهذا أمر يمكن إدارته بشكل مستقل كما تقتضيه ظروف المصالح والحسابات السياسية الخاصة بكل دولة ولكن بمعزل عن القضية الجنوبية وربط مصيرها بحل أزمة الحكم في صنعاء. الجنوبيون دفعوا في هذه الحرب و يدفعون اليوم أثمان غالية جدا في هذا الصراع فأرضهم كانت المواجهات فيها هي الأعنف والقتل في صفوفهم هو الأكثر ومواجهة الإرهاب اليمني المزروع والموجه "يمنيا" في الجنوب أكثر شراسة و الاهمال المتعمد وإفشال كل خطط تأهيل الجنوب بعد الحرب تم تجميدها بل وساءت حياة الناس إلى درجة لم يعرفها الجنوب عبر كل تاريخه الحديث, ولذلك حان الوقت وحصحص الحق لكي توضع القضية الجنوبية في مكانها المستحق ويتم البحث في كيفية الخروج من هذه التجربة الوحدوية الفاشلة التي تسببت في كل هذه الكوارث لأن المماطلة في ذلك أو محاولة التسويف لا تعني إلا أمرا واحدا وهو أن دول المنطقة والتحالف العربي غير مهتمة بالأمر وهذا يعني أنها تضع نفسها مع قوى الاحتلال اليمني في موقف واحد وضد إرادة الجنوبيين. *- أكاديمي وباحث سياسي

مقالات الكاتب