بس يا عيد!
لم يعد بمقدورنا ان نستقبلك ونودعك باسمك وصفتك كعيد.. مخالفين فطرتنا التي فطرنا عليها.. نتقمص وجوهاً غير وجوهنا.. نتحامل على انفسنا.. نغرق في عتمة التظاهر حاملين ثقل وقعها الساحق على صدورنا، وصدق ونقاء أرواحنا، نتكلف الابتسام والضحك، البشاشة والسرور، نندمج دون رغبة في جوقة الصراخ والهتاف والرقص، نردد أغاني تقادم عليها الزمن، نعين من استعان على دوام غفلتنا واختلال هجعتنا.. ما عدنا نجد انفسنا سوى في تمجيد المظاهر والانخداع بها، ننحاز وراء الشكليات، نلوي اعناق الحقائق والدلائل والموضوعيات، نخاتل أوجاعنا ونهادن آلامنا.. نخوننا ومن حولنا. لانك عيد لا كما كنت لنا.. عيد دون تبدل ولا تغيير.. عيد بلا عيد.. من حولك، من بدلك إلى بهارج فارغة، ومباهج زائفة.. ومشاهد باهتة مؤقتة؟!.. من افرغك واستفرغك، من غيّب عنك وفيك لبّك وجوهرك، من عرّاك سالباً مآزرك ومعطفك؟!! ـ يا عيد إني اسألك.. ـ هل راقك تواريك خلف الجدران العالية.. والسرايا الغامضة والغرف المغلقة؟! ـ هل شعرت بشيء من الغبن والسماجة وانت تغادر مع من يفضلون غيرك، ويضعونك في خانة المقارنات مع متعهم الخاصة؟! ـ هل ضعفت مرارة مغادرتك شوارع وأزقة وأحياء من يمنحونك قيمتك ومكانتك لتظل مشنوقاً على عتبات الاهمال والحفاوات المنقوصة؟! يا عيد.. إني أسالك.. ـ متى وأين غادرت أصلك ومنبتك؟ لتغدو بلا عظة تسبقك أو تخلفك.. مسحوباً على بياض مضبب.. منشوراً في الفراغ.. بلا زرع ولا حصاد مواسمك.. ولا ظل ولا طل يغسلك.. تعود كما غادرت بلا شراع يحملك، ودونما اتجاه يرشدك؟! ـ يا عيد بس إني اسألك!!!