الجنوب وساعة الصفر
قضية الجنوب وما يمر به من أزمة إنسانية ليس وليدة اليوم وإنما هي أزمة شعب تم أغتصاب حقه من عصابة شمالية وسط سكوت وصمت مُطبق من كل المجتمعات العربية والمسلمة المحيطة به والمجتمع الدولي الذي يُعارض اليوم مطالبة الشعب الجنوبي بحقه المشروع بعودة دولته. بداية لكي لا أُتهم بتفكيك وتمزيق الوحدة اليمنية ومن ثم العربية وتفكيك المفكك وتمزيق المُمزق وتجزيئ المُجزء أولاً: أي وحدة تتم بالقوة مرفوضة تماماً فتاريخنا البائس مليئ بالوحدات بالقوة وماهي النتيجة؟ التفكك والتمزق لأنها لم تقم على أسس التراضي لذلك تفشل وتنتهي بأسوأ من مابدأت عليه والتاريخ يشهد بذلك. ثانياً: الجنوب قبل الوحدة كان دولة ذات سيادة وتاريخ وله سفارات ومقعد في الأمم المتحدة وفي كافة المنظمات الدولية ففي عام 1990م ومن منطلق الوحدة العربية والمصير المشترك دخل الجنوب مع الشمال بالوحدة بموجب أتفاقية تم تسليم نسخة منها للأمم المتحدة والمجتمع الأقليمي والدولي بارك تلك الوحدة ولكن خيانة المخلوع المقبور على صالح هي التي دمرت الوحدة وهو من أنقلب على بنودها ودمر شعب الجنوب ، أنا شخصياً أطلعت على الوضع اليمني عموماً والجنوبي خصوصاً على الأرض ، الوضع الشمالي كارثي بأمتياز خصوصاً بعد الحرب الأخيرة الكارثة ، فأن كان الوضع الشمالي كارثي قبل وبعد الحرب فكيف هو الوضع الجنوبي!!!؟ على كل حال الوضع الأن مابين الشمال والجنوب مُستحيل أن يستمر ، لذلك لحل تلك الأزمة الإنسانية الكارثية في الشمال والجنوب والذي يدفع ثمنها المواطن الشمالي والجنوبي وليس أمراء ، هو أن تتوقف الحرب وفوراً فمهما تكن نتائج توقف تلك الحرب اللعينة لن تكن نتائجها كارثية كما يحدث الأن على الشعبين الشمالي والجنوبي ، ومن ثم ووفق أخر الأخبار فأن الحكومة المعترف بها دولياً والحوثي متفقان على أن لايتم التطرق لأزمة الجنوب في أي مباحثات بين الطرفين برعاية المبعوث الدولي غريفيث فأزمة الشعب الجنوبي أزمة وطن وشعب دخل بوحدة ومن ثم نُكث ببنود الأتفاقية التي بموجبها أتفقوا على الوحدة لذلك الشعب الجنوبي لم ينتفض اليوم أوبالأمس ليسترجع حقه ، الشعب الجنوبي أنتفض مع أول خيانة لبنود أتفاقية الوحدة ، أنتفض عندما تم تسريح كافة القطاعات والكوادر العسكرية والطبية والتعليمية ووو والاستيلاء على كل مقدرات الشعب الجنوبي حتى حرب عام 1994م التي جاءت بعد تفكيك الجيش والشرطة وغيرها من مؤسسات جنوبية وأحتل الشمال أرض الجنوب بالقوة العسكرية مما أطاح باتفاقية الوحدة. الذي لايعلمه الكثيرين أن الشعب الجنوبي هو أول شعب عربي من قام بمليونية سلمية بعد عناء طويل مع الأحتلال الشمالي عام 2006م واستمرت مطالباته بأصنافه وتوفير أبسط سبل العيش له دون أن يجد له آذان صاغية حتى أندلاع الربيع العربي اليوم الشعب الجنوبي أدرك تماماً بأن الحل هو بأعادة دولته وحُريته وأستقلاله ، الشعب الجنوبي شعب صبور جداً ولازال يصبر رغم القتل والتدمير الذي يتعرض له يومياً ولكنه اليوم قد أتخذ قراره الذي لاعودة به خصوصاً بعد أن أُدرك بأن لا الشرعية ولا الحوثي على أستعداد على الأقل بسماع صوته . أعتقد بأن الوضع الأن نضج ولَم يعد هناك أي أمل أخر لعودة الأمور على ماكانت عليه تحت أي صيغة كانت أقاليم محافظات إدارة ذاتية كل ذلك تجاوزته الأحداث والوقائع والتاريخ ، اليوم المقاومة الجنوبية التي حررت أرض الجنوب من بقايا قوات المخلوع صالح والحوثي تُسيطر وتُدير أكثر من 80% من أرض الجنوب ولديهم مجلس أنتقالي كُلف من الشعب الجنوبي لكي يُعيد له دولته ، والواقع اليوم وبدعم الأنتفاضة الجنوبية التي تجري حالياً وهناك محافظات مثل محافظة حضرموت أعلن محافظها البحسني قراراً يوم أمس بمثابة كلمة السر لعودة الجنوب لشعبه والمجلس الأنتقالي أصدر بيان مساء أمس من أكثر البيانات وضوحاً وصراحةً ولَم يتبقى إلا الأعلان عن فك الأرتباط . أنا شخصياً عرفت بأن الخشية من ردود فعل دول الخليج تحديداً هو العائق الذي أمام المجلس الأنتقالي ، سبق وقلت ولازلت أقولها كنصيحة للمجلس الأنتقالي لاتعولوا على الخارج مهما كان ذلك فالجميع ينظر لمصالحه لامصالح الغير ، وهذا أمر طبيعي لذلك أنتم من حقكم أن تنظروا لمصالحكم لامجاملة على حساب الأوطان والشعوب والفرصة اليوم مواتية ولن يُكررها التاريخ. اليوم المجلس الأنتقالي أمام أختبار يحتاج لشجاعة بأتخاذ القرار وحسم الأمر ، وهو لديه تكليف شعبي أي أن الشرعية الثورية والواقع يدعم عودة دولة الجنوب ، وأن كان هناك تخوف من عدم أعتراف المجتمع الدولي ودوّل الخليج بعودة دولة الجنوب فالواقع سيتحدث حينها عندما تتحدث لغة المصالح فموقع الجنوب الاستراتيجي وثرواته هي التي ستحسم الموقف ، لذلك وبما أن الواقع الجنوبي اليوم يتحدث عن نفسه فما على المجلس الأنتقالي بعد بيانه مساء أمس إلا أن يتخذ قراره التاريخي الذي أراه يلوح بأفق الجنوب لذلك أعقلها وتوكل ياعيدروس الزبيدي فلن يخسر الجنوب وشعبه أكثر منا خسر لابل لايوجد للشعب الجنوبي مايخسره الأن. وأخيراً أقول لكافة القوى الجنوبية وشخصياته عليكم أن تنسوا الأمس ، اليوم الجنوب يناديكم جميعكم تناسوا كل شيئ ماعدا الجنوب فهو الذي يجمعكم وهو أملكم بمستقبل مُشرق فلديكم كل مقومات الدولة الناجحة ولكن تحتاجون لقفزة نوعية بالتعاطي مع بعضكم البعض .