شركاء أقوياء .. لا تابعين ضعفاء
بعد التطورات العسكرية والأمنية والسياسية الأخيرة على الساحة الإقليمية والدولية , وما تشهدها المنطقة العربية الشرق أوسطية تحديدا من تهديد إيراني مباشر أو عبر وكلائها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان , آن الآوان لأن تغير المملكة العربية السعودية من إستراتيجيتها التي أثبتت الحرب اليمنية كارثية أخطائها . عاجلا أم آجلا ستضع الحرب اليمنية أوزارها وستغادر معظم قوات التحالف العربي الأراضي اليمنية بإستثناء قوات رمزية أو قواعد جوية أو بحرية كباقي دول العالم بحسب رضى ومباركة الطرفين . الإمارات العربية المتحدة ممثلة بقواتها المسلحة الإماراتية تؤسس لشراكة ناجحة وقوية طويلة الأمد مع شعب جنوب اليمن ممثلا بالمجلس الإنتقالي الجنوبي , واكبت الإمارات الأحداث في اليمن عن طريق مشاركتها الميدانية المباشرة في معظم جبهات القتال المستعرة في اليمن , وساهمت ودعمت بتأسيس قوات نظامية جنوبية لمحاربة مليشيات الحوثي وحررت أكثر من ثلثي الأراضي اليمنية معظمها بالمناطق الجنوبية . تعلم الإمارات بأن للجنوبيين قضيتهم ومشروعهم الخاص بهم وأنه لا يمكن معارضتهم أو الوقوف ضد إرادة شعب عانى كثيرآ من ظلم وأقصاء وتهميش وبطش وتنكيل ذلك الشمالي , وليس معنى ذلك خوف أو تواطؤ الإمارات مع الجنوبيين , بل فقه للواقع من أجل تحقيق الهدف , ولحساسية المرحلة وخطورة الوضع أسس الجنوبيون والإماراتيون شراكة وتحالف الضرورة من أجل إستئصال الورم السرطاني الإيراني والإخواني في اليمن الذي يهدد كل الجزيرة العربية دون إستثناء . سيؤجل الجنوبيون إعلان دولتهم تماشيا مع حساسية المرحلة وأهداف التحالف العربي , مع الاستمرار ببناء جيشهم الوطني الحديث ونظامهم السياسي والاقتصادي والأمني حتى يتم القضاء على خطر مليشيات الحوثي الايرانية وتوقف الحرب اليمنية , بعدها سيحدد الجنوبيون زمان ومكان إعلان عودة دولتهم الجنوبية . كما واكبت الإمارات من خلال ذراعها الانسانية الهلال الأحمر الإماراتي أزمات ومعاناة وفقر وجوع الشعب اليمني وساهمت بالتخفيف من ويلات ومأسي الحرب , ومدت للشعب اليمني يد العون والمساعدة على مدار الساعة منذ أكثر من أربعة أعوام تقريبا في معظم المجالات الخدماتية والإغاثية , دون كلل أو ملل . لم تأتي القوات المسلحة الإماراتية من أجل دعم ومؤازرة الجنوبيون من أجل الإنفصال أو فك الإرتباط , ولم يصرح الجنوبيون بأن الإمارات أتت من أجل تقسيم اليمن كما يدعي إخوان اليمن المسيطرين على القرار السياسي للرئيس اليمني المؤقت هادي . بل أدارت الإمارات الحرب وفق رؤية عملية وعلمية حديثة وسليمة 100% للخروج بإنتصارات تحفظ ماء وجه التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية , لولا فضل الله ورعايته وحفظه ثم أبطال جنوب اليمن ودعم لوجيستي منقطع النظير ومشاركة مباشرة من القوات المسلحة الإماراتية , وكذلك مشاركة القوات السودانية لما تحقق أي إنتصار ولما تحررت أي أرض في اليمن شمالا وجنوبا . لا هدف سامي يحمله الشماليون يحثهم على قتال مليشيات الحوثي وتغيير واقعهم المزري الأليم , فهم يرون بالحوثي ما كانوا يرونه في الرئيس الراحل عفاش ومن سبقه ( حكم قبلي وعائلي وسلالي ) . وحتى الآن لا يوجد زعيم أو قائد أو شيخ شمالي يملك رؤية أو مشروع أو هدف لإقامة دولة مدنية حديثة في شمال اليمن بعيدآ عن القبيلة والعشيرة وقوانينها التي دمرت الحرث والنسل بشمال اليمن لكي يلتف حوله الشماليون , بل العكس يتكرر المشهد السياسي من خلال توارث الأبناء سلطة الآباء . ولهذا على المملكة العربية السعودية أن تحذو حذو الإمارات في البحث عن شريك قوي يحفظ لها ماء وجهها وتؤسس معه شراكة استراتيجية جديدة مبنية على حسن الجوار وتبادل المصالح المشتركة . رغم الفترة الزمنية الطويلة للجنة السعودية الخاصة بشمال اليمن , إلا أن هذه الحرب وإفرازاتها سلطت الضوء على فداحة الأخطاء الكارثية التي وقعت بها السعودية جراء التقارير الخاطئة للجنتها الخاصة . لا خيار أخر أمام السعودية غير دعم ومؤازرة المؤتمر الشعبي العام جناح الرئيس الراحل عفاش كشريك قوي يعول عليه في مواجهة مليشيات الحوثي الإيرانية المرتبطة بولي الفقيه بإيران , وحزب الإخوان المسلمين المرتبط بالمرشد العام والتنظيم الدولي . ولا حل يضمن سلام دائم وحماية لأهم الممرات الملاحية الدولية ( مضيق باب المندب ) وأمن المنطقة بغير عودة اليمن إلى ماقبل عام 1990م وإعلان رسمي بفشل الوحدة اليمنية .