المجلس الانتقالي.. والشارع السياسي في الجنوب الحبيب.

هنالك رؤى مختلفة ومتفاوتة تدور في الشارع السياسي الجنوبي حول المجلس الانتقالي الجنوبي. سوف استعرض هنا ابرزها بهدف العرض فقط وليس بهدف التحليل والتقويم او التفنيد او الرد نظرا لمقام المقال . فهنالك جنوبيون في المجلس ومع المجلس. وهناك جنوبيون مع المجلس وليسوا في المجلس . وهناك جنوبيون ليسوا في المجلس ولا مع المجلس ولكنهم مع قضية شعب الجنوب من حيث المبدأ. وهناك جنوبيون ليسوا في المجلس ولا مع المجلس ولا مع قضية شعب الجنوب . ذوو انتماءات مختلفة لأسباب تخصهم . الاتجاه الأول يذهب إلى أن المجلس الانتقالي حقق الكثير من المنجزات على مختلف الأصعدة سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا ودبلوماسيا وثقافيا وأنه يخوض معركة تاريخية في سبيل تقرير مصير الجنوب وقيام دولته المستقلة ويؤيد هذا الفريق كل ما يقوم به المجلس من إجراءات ومن سياسات منطلقا من الولاء السياسي له وثقة بقيادة المجلس التي لا تتزعزع. ويؤكد هذا الفريق أن المجلس قد مد يده إلى كل القوى الجنوبية في سبيل الحوار وتعضيد الجبهة الداخلية للجنوب. والفريق الثاني والثالث تتداخل مواقفهم ورؤاهم فبعضه مع المجلس الانتقالي بسبب أنه طليعة الجنوب السياسية وانه يمثل الشعب في قضيته في الداخل والخارج بصرف النظر أن كان هؤلاء لا ينتمون للمجلس تنظيميا. وبعض هؤلاء ينتقد بعض سياسات الانتقالي من باب الحرص عليه وعلى القضية. فهم يذهبون مثلا إلى أن الانتقالي استسلم لسياسة التحالف ولم يناور او يجد بدائل في حين التحالف يراعي مصالحه التي لا تتوافق مع طموحات شعبنا ويعدون الانتقالي طالبا مؤدبا في قاعة التحالف العربي. ومن هؤلاء من ينتمي إلى مكونات جنوبية لم تنخرط في إطار الانتقالي ولكنها تسعى إلى محاورته على قاعدة المصلحة السياسية للجنوب. ويذهب البعض أن الانتقالي تعامل معهم باستعلاء ولم يحاورهم حوارا جديا فكل دورات الحوار تنطلق ثم تتوقف. ومن هذا الفريق من يرى ما يأتي: ١ - أن الانتقالي مخترق من خصوم الجنوب السياسيين وان هؤلاء يسعون إلى عودة الجنوب إلى باب اليمن من جديد . ٢ - أن الاختيار لكوادر الانتقالي السياسية والإدارية غير موفق وأنه لا يخلو من الاختراق والمحسوبية. ٣ ، هناك استبعاد واضح لمناضلي الحراك الجنوبي الذي يعد الانتقالي امتدادا شرعيا له . ٤ ، يرون أن القوى المضادة للجنوب تسرح وتمرح في الجنوب من غير حسيب ولا رقيب وتعبث بشعب الجنوب ومصالحه الحيوية وتشكل خطرا حتى على وجوده في أرضه ، و كذا لا يزال القرار السياسي في الجنوب لشرعية الإصلاح والمؤتمر واتباع عبدربه منصور وان المثل السياسي القديم الذي يقول ( من حماها جباها ) لا يطبق في الجنوب اليوم . ٥ - ويطرحون ملاحظات تبين ضعف الانتقالي في المجال السياسي والاقتصادي ، وكيف أن ثروات البلاد ما تزال مع منظومة احتلال الجنوب وان موارد كثيرة تذهب للحوثي في صنعاء حتى الآن. وكذا يطرحون نواقص أمنية وعسكرية عديدة مع أن الانتقالي هو ممسك بهذا الملف الأمني والعسكري لكنهم يرون أن هناك فجوات أمنية وعسكرية ، ما تزال قائمة . ٦ ، ويرون أيضا أن الانتقالي ترك عدن بالذات مفتوحة لملايين الشماليين يسرحون فيها ويمرحون تحت اسم النازحين واسم الشراكة في الحكومة وغير ذلك وكذا ترك حزب الإخوان يفسد الحياة الوظيفية في الجنوب والتربوية والخدماتية والصحية مع أن الأمن منظومة واحدة لا تتجزأ. امن ودفاع وخبز ودواء وماء وضوء ووظيفة وقلم ودفتر وطريق وغيرها. ويتساءل البعض اين القيادات البارزة في المجلس ؟ لماذا مايزالون في الخارج حتى الذي خرج للعلاج لم يرجع حتى الآن؟ ٧ - ويرون كذلك أن قيادة الانتقالي انكمشت على نفسها ولم تفجر طاقات كوادر الجنوب في مختلف المجالات رغم وجودها وولائها المطلق للجنوب وغير ذلك من المآخذ التي تطرح احيانا بشكل مؤثر ومحبط ومرير. اما الجنوبيون الذين يعادون الانتقالي بشكل واضح ويرتبطون بقوى الشمال فخطابهم واضح وهو نفسه خطاب قوى الشمال المختلفة المتربصة بالجنوب مثل حزب الإخوان الخصم اللدود لقضية شعب الجنوب، هؤلاء ينفثون سمومهم في كل مكان حتى وإن قالوا حقا فإنه حق اريد به باطل. يطرحون مثلا هذه الأمور. ١ الانتقالي تابع للإمارات وهو جناحها السياسي والعسكري في الجنوب. ٢ - قواته مجرد مليشيات تخدم توجه التحالف في البلاد لاسيما الإمارات . ٣ ان الانتقالي مجموعة من المناطقيين الاقصائين للجنوبيين الآخرين . ولا يهمهم جنوب ولا هم يحزنون انما همهم مصالحهم واملاكهم وهم ليسوا حق بناء دولة ولا يملكون قرارهم السياسي السيادي المستقل . هؤلاء ليسوا مجرد خطاب عدائي واستعدائي ولكنهم كذلك فعل مؤثر في الوسط الجنوبي اقتصاديا وإداريا وخدماتيا وتعليميا إلى جانب أبناء الشمال الموجودين في الجنوب من المتحزبين خاصة . وهناك مثقفون وسياسيون وأصحاب نظر لا هم من هؤلاء ولا من أولئك. يرون أن المؤامرة هي على البلاد كلها شمالا وجنوبا وقد خلق الخارج بذور الصراع من قبل فجاءوا ينفذون اجنداتهم السياسية بعد أن سقط الثور أرضا وبعد أن نشب الصراع بين الشمال والجنوب وهو صراع موجود ومبرر ولكن تم توظيفه لإضعاف كل الأطراف، لأن هذه الأطراف نفسها لم تتفق ودخلت في حوار طويل انتهى بالحرب. وكذا نشب صراع بين الشماليين على السلطة له أبعاد تاريخية وصراع بين الجنوبيين الذين كانوا قد تسامحوا ذات يوم فصاروا فريقأ يبحث عن دولة وفريقا يبحث عن سلطة. ويرون أن الشماليين والجنوبيين معا يتقاتلون بالوكالة عن قوى خارجية . لا أريد في هذا المقام أن اناقش كل الرؤى السابقة وليس من مسعاي ذلك ولكن هدفت أن استعرض هذه الرؤى والمواقف المختلفة بنوع من الموضوعية. اما موقفي السياسي فأنا من الانتقالي وفيه ومعه ليس كتنظيم سياسي ولكن كحامل وطني لقضية شعب الجنوب. وهذا لا يعني أن نسكت عن أي سياسات غير رشيدة نراها في مسيرة عمل الانتقالي. او نرفض كل ما يأتي من نقد للمجلس من داخله اومن خارجه ومن أنصاره او حتى من خصومه إذا كان موضوعيا وإن لم تكن نواياه حسنة وهي بالتأكيد كذلك. ولن يتوقف دورنا عند الاستعراض للخطاب المعادي للجنوب قضية وشعبا وقيادة فمن واجبنا تفكيك وتفنيد ذلك الخطاب المحموم والمسموم ولكل مقام .

مقالات الكاتب