الحوار الجنوبي .. يبدأ بإعلان قواعد وآلية الحوار وبسقف زمني غير مفتوح !
سبق لنا التطرق لقرار المجلس الإنتقالي الجنوبي بشأن تشكيل لجنة الحوار في الخارج في موضوع سابق؛ وبينا فيه أهمية أن يكون الحوار شاملاً وعدم الفصل بين الداخل الخارج فحسب علمنا بأن حوارات الداخل لم تكتمل بعد؛ لأن الجدية في خوض حوار جنوبي شامل وعميق؛ لابد أن تدعى له وتشترك فيه كل القوى السياسية الجنوبية الحريصة على الجنوب ومستقبله وفي وقت متزامن؛ ففي ذلك تكمن أهميته القصوى؛ فقد بات ضرورة وطنية غير قابلة للتأجيل؛ بحيث لا يكون الحوار للحوار وساحة جديدة للتجاذبات وتبادل الإتهامات وإختزال المسؤولية بالتقصير أو التعثر بل والأخطاء بهذا الطرف أو ذاك؛ فحينها لن يكون مثل هذا الحوار إلا هروباً من المسؤولية الوطنية وبكل معنى الكلمة !. فقد أصبح الجنوب اليوم على مفترق خطير؛ فإما أن يكون حقاً وفعلاً بأهله ولكل أهله؛ أو لا يكون إلا لمشاركين من بعض أهله مع من سيحكمون الجنوب ويسيطرون على ثرواته ومقدراته ويحددون هم مستقبله اللاحق؛ ووفقاً لمصالحهم أولاً وأخيراً والتي تتعارض كلية مع مصلحة الجنوب العليا ومستقبل أجياله القادمة ! فحجم المخاطر المحدقة بالجنوب كثيرة وكبيرة؛المنظورة منها وغير المنظورة؛ والتحديات التي يواجهها ليست بالسهلة ولا بالقليلة كذلك؛ وهو الأمر الذي يجعل الجميع دون استثناء أمام مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية والإنسانية أيضاً؛ فقد حان الوقت الحقيقي لإثبات الإرادة السياسية المقترنة بالفعل الإستثنائي المطلوب حضوره اليوم أكثر من أي وقت مضى؛ وتجسيد المصداقية الوطنية وإنزال الشعارات من سماء السياسة إلى أرض الواقع وتحويلها إلى مواقف ملموسة من خلال الاستجابة المسؤولة والإنخراط والتفاعل مع عملية التحضير للحوارات والمشاركة الفعالة فيها؛ ضماناً لتحقيق الغاية الوطنية التي ينتظرها شعبنا من هكذا حوار . فقد أصبح ذلك ضرورة وطنية ملحة لا تحتمل المزايدات والمناورات وإختلاق الأعذار والمبررات للهروب من المسؤولية؛ ومغادرة مربعات الحسابات الخاصة والضيقة . لذلك فأن المسؤولية تقتضي بالضرورة الإعلان عن قواعد وأسس الحوار والآلية التي سيتم إعتمادها لإجراء المشاورات التمهيدية وإجراء الحوار على إثر نجاحها؛ تجنباً للإنتقائية والأمزجة أو الأحكام المسبقة على وجوب دعوة هذا الطرف أو ذاك؛ أو إستبعاد هذا أو ذاك وجعل الموافقة بالحضور والمشاركة من عدمها للجهات والأطراف المعنية نفسها؛ ووفقاً لقناعاتها؛ أولحساباتها الخاصة بها !. كما نرى بأنه من الأهمية بمكان أن يتم البحث في صيغة مناسبة لعقد الحوارات المتعددة الأطراف؛ تجنبا للحوارات المنفردة أكانت مع أطراف أو شخصيات كسباً للوقت؛ والخروج بتوافق على الصيغة الوطنية لعقد الحوار النهائي العام الذي يضمن بالضرورة الإتفاق على الإستراتيجية الوطنية الجنوبية وبكل جوانبها وأبعادها الداخلية والخارجية؛ وبما يضمن للجنوب حضوره الفاعل في عملية التسوية السياسية المنتظرة في اليمن؛ وينتصر فيها لقضيته الوطنية بعيداً عن التسويف أو الترحيل والوعود الغامضة المؤجلة .