أفغانستان.. ماذا جرى؟
طوال عشرين عاماً ظل العالم يعتبر أن الحديث عن حركة طالبان ومعها القاعدة ونفريخاتهما صار من الماضي، وغالباً ما كان الوهم السائد يتلخص في أن أي نظامٍ مدعومٍ من أمريكا لا يمكن أن يتزعزع، ولم يدرك الكثيرون أن أمريكا لا يهمها صديقٌ أو عدوٌ بقدر ما تهمها المصالحُ التي تتسع أو تضيق، ولو وجدت أميريكا مصالحها لدى ألد فإنها لن تتردد في احتضان هذا العدو ةالتعامل معه كندٍ بل وكصديق. لماذا سقطت حكومة أشرف غني بهذه الصورة الدراماتيكية؟ أن الوجود الأمريكي في أفغانستان لم ينجح وربما لم يكن يرغب في بناء دولة قابلة للحياة في هذا البلد بقدر ما كان منشغلاً باستخدامه لحلفائه ووجوده في أفغانستان من أجل مواجهة الخصوم وترتيب أوراق اللعبة الدولية عبر إحدى بؤرها الأكثر توتراً هناك. أستطيع القول أن الحكومات الأفغانية المتعاقبة طوال أكثر من عقدين من الزمن كانت أشبه يحسد ممدد على فراش التغذية الاصطناعية عبر الأنبوب الأمريكي، وحينما سحب الأمريكان الأنبوب من وريد الحكومة سقطت ميتةً بلا أية مقاومة أو علامة من علامات التمسك بالحياة، وهذا كل ما في الأمر. لن تكون معركة سقوط كابول آخر مشاهد المسرحية الأفغانية، فالقادم ليس بيد طالبان وحدها ولا حتى بيد كل الأفغان بمختلف أطيافهم لكن اللعبة الدولية ستبقى بيد الأقويا الذين تتقاطع مصالحهم تصادماً وتشاركاً وتلك أمور يطول البحث فيها. السؤال الأساسي اليوم هو ماذا ستتعلم الحكومات والأنظمة التي تتغذي عبر الأنبوب الصديق أو الشقيق بعد أن سحبت أمريكا أنبوبها من وريد حكومة أشرف غني؟ إن أي نظام مهما كان داعموه الدوليون أو الإقليميون أقوياء لن يكون قويا بقوتهم ولا ضعيفا بضعفهم بقدر ما يظل رضى الشعب هو مصدر قوة الحكومة (أية حكومة في العالم) وسخطه هو مصدر ضعفها وانهيارها، فالشعب الأفغاني ربما لم يكن محباً لحركة طالبان وهذا ما بينته حالة الذعر والهروب التي رافقت قدوم القوافل الطالبانية إلى مختلف الولايات الأفغانية، لكن عدم الدفاع عن حكومة أشرف غني يأتي في إطار سخطه على كل حكومة جاءت على ظهر الدبابة الأمريكية. وتلك الحكاية تستدعي وقفة لاحقة أكثر تفصيلاً