سيناريوهات الحل المسربة في اليمن
تجري مفاوضات مكثفة في عواصم إقليمية بين قوى سياسية إقليمية ودولية وبتكتم شديد حول الحالة اليمنية، لإنتاج سيناريوهات للحل في اليمن وبين وقت وآخر تتسرب بعض من هذه السيناريوهات عبر عدة مطابخ سياسية في الإقليم والعالم، ويتم الترويج لها من بعض السماسرة السياسيين اليمنيين، ولا احد يدري هل هذا لمجرد جس نبض الشارع اليمني أو لتهيئته للقبول بأحد الحلول المطروحة بلا شك أن تلك السيناريوهات المطروحة والمسربة من بازار السياسة الدولية والإقليمية حول اليمن والتي حتى الآن لم تُطرح بشكل رسمي لن ترضي الغالبية العظمى من اليمنيين لا في الشمال ولا في الجنوب، لا من حيث الشكل ولا المضمون، لأنها ببساطة تعبّر عن المصالح الدولية والإقليمية، ولا تراعي أبسط الشروط الموضوعية للمصالح المحلية لا في الجنوب ولا في الشمال، فمثلاً تقسيم الشمال حسب التسريبات تم على أساس طائفي، وأما في الجنوب كان على أساس إقتصادي يخدم أجندات الشركات والمصالح العالمية والإقليمية، ولا يخدم شعب الجنوب وعلى هذا ستكون النتيجة بأنه لا الجنوب ولا الشمال أيضاً سيكون قابل للتقسيم من خلال إنشاء كانتونات تحاكي اللون الطائفي والقبلي من ناحية ومن جانب آخر تلبي طموحات الإقليم والعالم بعيدًا عن مصالح الشعبين في الجنوب والشمال. تجاهل أُس الأزمة في الحالة اليمنية وفرض حلول غير متطابقة مع التاريخ والجغرافيا ومصالح الشعبين سيزيد الازمة اشتعالا أكثر مما هي عليه الآن، ولن تستقر الأوضاع بل تزيدها تعقيداً وتدهوراً، فمن مصلحة الإقليم والعالم أن يساعدوا على وضع حلول مستدامة ومستقرة من خلال العودة الى الحل الصفري وهو إلغاء كل ما ترتب على إنشاء الوحدة الاندماجية بين دولتي الجنوب والشمال، لأنها لم تُبنى على أسس صحيحة وواقعية وأتت في ظل ظروف سياسية ملتبسة ومعقدة على النطاق الإقليمي والدولي، وذلك بانتهاء الحرب الباردة والتي كان اليمن منقسم بين قطبي الصراع الدولي مثله مثل أي اقليم في العالم وكان ارتداد ذلك الوضع كارثي بالنسبة لليمن لأنها دخلت في معمعان عملية سياسية غامضة وغاية في التعقيد، حيث وأن الإقليم في تلك المرحلة كانت تتجاذبه صراعات حادة ومؤثرة على وضع اليمن، ولم تكن ايضاً الحوامل المحلية لهذه العملية في الجنوب ولا في الشمال مستعدة لتحمل أعبائها الباهظة من كافة النواحي، وتمت الوحدة على عجل محملة بالعواطف الجيّاشة التي سرعان ما تبخرت بعد أن استوت سفينة الوحدة على جودي صنعاء، و دون الأخذ بالحسبان العواقب الحتمية للفشل وخاصة وأن الدمج تم بين نقيضين لا يلتقيان في اي شيىء، ولم تؤخذ ظروف كل دولة ومشاكلها المعقدة على محمل الجد، وتُركت للمستقبل دون حلول وكانت أنْ تفجرت في الأيام الأولى لدمج الدولتين واستمرت إلى ان وصل اليمن إلى وضع اللادولة وضاعت الدولة في الجنوب والشمال معاً، ولم تفيد الترقيعات التي جرت في صنعاء بعد ازمة الصراع على السلطة بين النخب الحاكمة هناك، وكان أنْ انفجر الصراع مجدّداً بعد الإعلان بأن اليمن سيكون إتحادياً من ستة أقاليم، فكانت تلك هي القشة التي قسمت ظهر السلطة، فتشكّل تحالف على عجل بين قوى الطائفة الزيدية ممثلة بالحوثي والزعيم علي عبدالله صالح، وأُخْتِطفت الدولة ( مستحضرة مقولة سابقة لأحد قادة الملكية بعد انتهاء حرب ثمان سنوات وفشلهم في استعادة صنعاء، وكان أنْ صرّح بأنهم سيستعيدون حكمهم عبر إخوة كرام من فارس) وهاهم استعادوها عبر دعمهم من فارس وبثوبها الجديد المصنوع إيرانياً إن لم تكن الحلول صناعة محلية وعن قناعة من كافة الاطراف وبرضى الشعبين، فلن تكن تلك الحلول إلا مقدمة لصراع مرير قادم، كل فريق يستحضر معه تحالفات إقليمية ودولية أخرى وستظل المنطقة محور صراعات لا حدود لها