مقابلة الزبيدي مع عكاظ.. لماذا الآن؟
حوار القائد عيدروس رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي مع صحيفة عكاظ السعودية- الصحيفة الأكثر قُـربا من صانع القرار السعودي- هو الأول من نوعه لوسيلة إعلامية سعودية رسمية مهمة- على الأقل خلال السنوات الاخيرة-، مع رئيس الانتقالي، ما يعني ذلك من حملة ما يعنيه ان ثمة مراجعة وتقييما سياسيا وإعلاميا من الجانب السعودي حيال الجنوب، والانتقالي بالذات، على وقع خطورة الهزائم العسكرية التي تتعرض لها قوات الشرعية منذو شهور في مأرب وشبوة. فالسعودية باتت تدرك يوما أثر يوم أن رهانها في مواجهة الحوثي على شريك متخاذل مرتعش ومحتال يدير فوهات بندقيته جنوبا لن يجلب لها الهزيمة والخزي أمام الداخلي السعودي والعالم بل ستخسر بسببه حلفاء لها بالجنوب، وتصبح بالتالي لا بلح الجنوب ولا عنب الشمال، خصوصا وان الاوضاع بالجنوب باتت في أسوأ حالتها على كل الصعد، وعلى الصعيد الخدمي والمعيشي بالذات، وصارت سمعة المملكة والتحالف ككل في الجنوب في الدرك الأسفل من السخط والقرف.وهي الحقيقة التي صارت الرياض تدرك خطورتها مؤخرا بعد سنوات من التعامي. وما هذه المقابلة الصحفية إلا فاتحة لترطيب العلاقة الجافة مع الاتتقالي، القوة الاكثر حضورا وتنظيما بالجنوب، وتطييب خاطره كمدخل لترميم التصدعات الخطيرة بجدار العلاقة بين الجانبين. فثمة قناعة سعودية بأن الجنوب وبالذات المجلس الانتقالي يضمر لها كما هائلا من التذمر والاستهجان للجفاء والتنكر السعودي ومن سياسة مداهنتها للطرف الذي يتخذ من الخدمات الضرورية والمعيشي ورقة ابتزاز سياسي ويسوف بتنفيذ اتفاق الرياض،والململكة تمتلك كلما بوسعها من وسائل ضغط لتنفيذه ولكنها لسبب مريب لا تفعل. فالقناعة السعودية من التذمر الجنوبي كانت واضحة باسئلة صحيفة عكاظ، فالسؤال الذي افتتحت به حوارها وتمحورت حوله المقابلة كان حول علاقة الانتقالي بالتحالف و حول الخلافات بينهما. إلا ان السيد الزبيدي كان دبلوماسيا اكثر مما ينبغي، وقد واتته الفرصة ليصارح بها التحالف من خطورة مواقفه الظالمة والمريبة تجاه المجلس وبحق المواطن بالجنوب وبعدن تحديدا، ولو بأسلوب دبلوماسي ايضا بدلا عن انكار هذا الخلاف من أصله، وعوضا عن نفي اي مآخذ على هذا التحالف. فأي عتب او حتى غضب تجاه التحالف له الف سبب يبرره، وهذا الامر تعرفه السعودية بوضوح،وتلتمسه من خلال كثير من التصريحات لقيادات بالانتقالي ومنهم السيد الزبيدي،وآخر هذه الخطابات المتذمرة من الموقف السعودي كان غداة احداث كريتر الاخيرة.. فحين قررت الرياض اجراء هذا الحوار كانت تتوقع ان تسمع كلمات غضب وتبرم من الزبيدي حيال كثير من المواقف السعودية الكثيرة للحيرة والسخط،ولكن لحسن حظهاوسوء حظنها ان توقعها كان مغايرا. .. المجلس الانتقالي والسيد الزبيدي المعروف عنه رباطة جأشه وطولة باله ليسا بحاجة لاثبات اخلاصهم وولائهما للتحالف،فقد أثبتا اكثر من مرة هذه الحقيقة،وكان حريا بالسيد عيدروس الزبيدي ان يستثمر مثل هكذا أصغائة سعودية ويبعث ولو بشكل غير مباشر رسالة عدم رضاءه عن بعض المواقف السعودية الجائرة والمتنكرة، بدلا من الأكثار المبالغ فيه بالتأكيد الولاء وللاخلاص المفرط، وعلى التاكيد المكرر على الخصم الوحيد الاوحد الذي يجمع الجنوب بالتحالف هو فقط الحوثي،وكان لا وجود لخصوم آخرين بالمطلق، وتاكيده القاطع بأن علاقة الانتقالي والتحالف سمن على عسل، وبأن جوهر هذه العلاقة غايتها تتمحور حول محاربة الحوثيين وحسب. .... فأي تحالف و شراكة سياسية يستحيل ان تكون خالية من اية خلافات والتباينات، خصوصا حين تكون علاقة كهذه التي نراها بين الجانبين وفي ظروف معقدة ومتشابكة كالتي نمر،ويكون من الخطأ تنزيهها عن الخلافات اوتقديس غايتها. .. فبين كثافة هذه التأكيدات التي وردت في ثنايا هذه المقابلة ضاعت الرسالة ولهجة العتب التي توقعت السعودية ان تسمهعما من الانتقالي الجنوبي واُهدرت بالتالي فرصة ثمينة للوصول لغاية لتصويب العلاقة المختلة بين الطرفين، ولتذكير السعودية ان للجنوب قضية اكبر من ان تُختزل ببندقية بيد الغير تحت يافطة الأمن القومي العربي المزعوم،وأرفع من ان يكون تابعا لأحد، وان كثر جاه وهيلمان هذا الأحد. .. فالخشية لدى كاتب هذه السطور ان تأتي هذه المقابلة نتيجة عكسية بوجه الانتقالي وعامة الجنوب من الجانب السعودي حين يفهم هذا الأخير ان الانتقالي راضٕ كل الرضاء على المواقف السعودي وعلى الحال المعيشي البائس الذي تمر به عدن في ظل تراخٕ سعودي عن ثني الطرف المتسببب بهذا الوضع، فالسياسة السعودي مبنية على فلسفة احترام الاقويا والتعاطي معهم، بل والاذعان لهم، أنفاذا للمصلحة السعودية وان كان بين هؤلاء وبين الحق الف فرسخ ، ولا مكان في هذه السياسة للضعفاء وللاصوت المنخفضة الوقورة حتى وان كان الحق يقطر من بين كلماتها.