أكاديمية الكابتن طاهر باسعد .. حُلم في إنتظار أن يكتمل!

الأجواء الكروية الباذخة التي عشناها خلال الأيام الماضية مع كل لحظة من لحظات تألق منتخب ناشئينا في بطولة غرب آسيا لكرة القدم، لاسيما خلاله مبارياته أمام الأردن والبحرين وسوريا وصلا إلى فوزه بكأس البطولة في المباراة النهائية أمام منتخب السعودية، ومارافقتها من أجواء فرائحية شعبية غمرت الجميع، وماتخللتها من مهارات كروية صنعتها أقدام كوكبه رياضية شابه وناشئة، أستطاعوا عبر الساحرة المستديرة إعادة شيئ من الأمل والفرحة لشعب انهكته الحرب، ودمرته الغلاء، واوجعه وارهقه عبث ساسته وفسادهم. تلك الأجواء الكروية المبهجة جعلتني افكر بجدية كمواطن متابع للشأن الكروي بشكل محدود وبسيط في تغيير طريقه اهتمامنا بالناشئين من شبابنا الصاعد والواعد والموهوب، اصحاب المواهب الكروية، خصوصا في كرة القدم التي تعد الرياضة الأولى عالميا، وغيرها من الرياضات المتنوعة، فجلّ الاهتمام الذي نراه منصب حاليا في حضرموت من قبل الجهات الرياضية الرسمية وغير الرسمية يكاد يكون منحصرا على إقامة البطولات للفرق الشعبية وللأندية في المناسبات الوطنية والدينية ومناسبات الشركات التجارية ومناسبات تأبين الشخصيات المعتبرة بعد مرور أربعين يوما على وفاتها. السؤال الذي يضع نفسه ونحن نكتب هذه الكلمات في غمرة فرحتنا الكروية الغائبة، لماذا لا يتم العمل بشكل أعمق وبرؤية أوسع ونتجه جميعا كجهات رسمية وغير رسمية بإتجاه إقامة مشاريع رياضية طموحة وبأقل التكاليف لإستيعاب الجيل الصاعد من ناشئينا وتوظف طاقاتهم في الاتجاه الصحيح وتنمية مهاراتهم بطريقه علمية مدروسة وتفريغ طاقاتهم في أنشطة تعود عليهم وعلى مجتمعهم بالخير والنفع، فمثلا لماذا لاننشئ أكاديمية رياضية معتبرة كمشروع رياضي وريما كتجاري برسوم معقوله وتحفيزية من قبل الجهات الرسمية والداعمين والمنفذين للأنشطة الرياضية والذين يصرفون أموالا كبيرة على إقامة البطولات "الدوري" بين فترة وأخرى دون التفكير بأن البنية التحتية الرياضية في حالة يرثى لها وتكاد تكون محدودة جدا وقليلة، وحتى شبابنا الناشئ والموهوب يلعب كما يقال بالعامية "بالبركة"، وفي أحيان كثيرة بطرق غير صحيحة وفي ظروف غير مناسبة مما يؤدي في آخر المطاف إلى إصابته وربما عزوفه عن ممارسه اللعبة بأكملها. ونحن نتحدث عن الاكاديميات الرياضية والتي أصبحت منتشرة في معظم دول العالم، وبل وحتى في دول الجوار وربما أيضا في بعض محافظات الجمهورية خصوصا صنعاء، لايفوتنا أن نشير إلى تجربه طموحة بدأ في رسم ملامحها عدد من الشباب الطموح من أبناء مدنية المكلا وعلى رأسهم الشاب الواعد محمد فطين باخريية وصديقه الشاب الواعد كذلك حمزة باوزير وتم مؤخرا اضافه الشاب اديب مرسال كإداري لتنظيم نشاطهم، إلى جانب عدد آخر من الشاب الناشئي الذي لا يتسع المجال لذكرهم في هذا المقال البسيط. هذه الأكاديمية الحلم الذي نريد لها أن تكتمل وتصبح حقيقة ماثله أمام اعيننا قد وضع لبناتها الاولى هؤلاء الفتية عبر قروب واتساب اسموه "رفاق بيرلو" واضافوا فيه افضل اللاعبين من الناشئين في مدينة المكلا وضواحيها "من منطقة فوة غربا إلى منطقة بويش شرقا"، وتركوا المجال مفتوحا لكل ناشئ يرغب بالإنضمام إليهم ومشاركتهم في تمارينهم ومبارياتهم التي يخوضونها مع فرق رياضية أخرى في ملاعب البندر وساحل الستين وفي ملاعب ترابية أخرى، حتى أن أول مباراة لعبوها كانت أمام فريق أكاديمية عدن واقيمت على ملعب البندر، بل ووصل بهم الأمر إلى الذهاب الى مدينة غيل باوزير واللعب في ملاعبها هناك، وبالمناسبة فقد كانت فكرتهم الاولى تتمثل في إقامة دوري كوري في صباحات عيد الاضحى المنصرم لأعضاء القروب فقط، ومن حسن الطالع اقيم الدوري بالفعل، وهنا حدثت المفاجئة التى لم يكن يتوقعوها والمتمثلة في الأقبال الكبير من قبل الأعضاء الراغبين في الإنظمام إليهم، ليتطور الأمر إلى التفكير جديا بإنشاء أكاديمية، والبدء في إعداد جداول بيانات لكل لاعب ناشئي يرغب في الانضمام إلى صفوفهم. تلك الأكاديمية الحلم اطلق عليها هؤلاء الفتية "أكاديمية الفقيد الكابتن طاهر باسعد" رحمه الله، تكريما لروحه الطاهرة وتثميننا لإسهاماته الكبيرة في خدمة كرة القدم في حضرموت واليمن والعالم العربي، لكن حتى لحظة كتابه هذه الكلمات، لازال هؤلاء الفتية في المراحل الأولى لبناء حلمهم الطموح عبر مساهماتهم الشخصية واشتركاتهم البسيطة جدا، ولم يلاقوا شيئا من الرعاية والدعم والتفاعل الرسمي وغير الرسمي بالشكل المطلوب والمرجوا، وكل ماحصلوا عليه حتى اللحظة، توفير 3 دريسات فقط إحداها تبرع به فاعل خير والثاني اعطي لهم من قبل قيادة المجلس الانتقالي بالمكلا والثالث سيعطى لهم من قبل شخص وعدهم به، علما بأن لديهم خطة جديدة لعام 2022م تتضمن الكثير من الأنشطة المتنوعة. هذه الفكرة الحلم تحتاج إلى تظافر الجهود من أجل إبرازها بالشكل الذي يليق بها من قبل الجهات المختصه في مكتب وزارة الشباب والرياضة واتحاد كرة القدم والسلطة المحلية بمحافظة حضرموت، إلى جانب رجال المال والأعمال والمهتمين بالرياضه والشباب والطامحين إلى رؤية جيل جديد متمكن في هذه اللعبة وقادر على تحقيق البطولات وحصد الألقاب. قد يقول قارئ بأن الظروف التي تمر بها البلاد حاليا تستدعي تأجيلا لمثل هذه المشاريع، والحقيقية من وجهة نظري المتواضعة بأن هذه اللحظة الحالية مواتية جدا لعمل ذلك، فمثل هذه المشاريع لن ستنزف أموال الشعب المستنزفة اصلا في فعاليات فضفاضه لاتسمن ولا تغنى من جوع، ولن تؤثر على الاقتصاد الوطني المنهار اصلا، بل على العكس تماما ستكون مثل هذه الاكاديمية باعثه على مزيد من التفاؤل في نفوس الشباب الذين سئموا من مآسي الحرب، وستجبر شريحة واسعه منهم على الالتفات بقوة نحو الاهتمام بالرياضة والمستقبل، وستساعدهم على توظيف طاقاتهم الكامنة نحو مناشط مفيدة تبعدهم عن كل سلوك خاطئ وعن أي عادة سيئة قد تضر بصحتهم وربما قد تدمر مستقبلهم.

مقالات الكاتب