مرحلة جديدة من البناء المؤسسي
يدشن المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي مرحلة جديدة من مسيرته السياسية بإطلاق برنامج إصلاحي شامل، يعكس تصميمه على إعادة بناء مؤسساته على أسس أكثر صلابة وفاعلية إذا ما أُحسن الاختيار. فالمرحلة الأولى من الهيكلة والإصلاحات التنظيمية، التي شملت الأمانة العامة والهيئات المساعدة، لم تكن مجرد تحديث إداري، بل إعلاناً عن توجه استراتيجي يهدف إلى ترسيخ العمل المؤسسي وتعزيز قدرة المجلس على مواكبة استحقاقات المرحلة بمعايير حديثة ورؤية متجددة.
تعكس هذه الإصلاحات إدراكاً متزايداً بأن شرعية المجلس وفاعليته السياسية تعتمد على قوة ومتانة بنيته التنظيمية وقدرته على استيعاب الكفاءات، بما يمكنه من إدارة التحديات وتحويل تطلعات شعب الجنوب إلى سياسات عملية. وجاء تشكيل اللجان الرئاسية كآلية إشراف وتوجيه سياسي، تعزز الرقابة على الهيئات المحلية والمنسقيات الجامعية، وتفتح مساحات أوسع لمشاركة الكفاءات في صناعة القرار، بما يجسد مبادئ الميثاق الوطني الجنوبي ويكرس الهوية الوطنية الجنوبية الجامعة.
ويضع المجلس في صدارة أولوياته معالجة الوضع المعيشي الصعب، مدركاً أن استعادة الثقة الشعبية لن تتحقق إلا بتحسين ملموس في حياة المواطنين. من هنا يأتي التركيز على تفعيل المؤسسات الإيرادية والخدمية وربط أدائها بحضور المجلس في إطار مجلس القيادة والحكومة، بما يعكس مسؤولية وطنية تتحول إلى خطوات عملية يشعر بها الناس في تفاصيل حياتهم اليومية.
بهذه الخطوات، يسعى المجلس الانتقالي إلى إعادة تعريف حضوره في المشهدين اليمني والإقليمي، عبر بناء مؤسسات قادرة على التكيف مع التحولات المتسارعة، وتكريس الجنوب كفاعل رئيسي في معادلة الأمن والاستقرار. فالمرحلة المقبلة لا تعترف إلا بالقوى القادرة على التنظيم وصناعة المبادرات وتحويل مشروعها الوطني إلى واقع ملموس.
إن الإصلاح المؤسسي الجاري يمثل ركيزة لمرحلة جديدة من العمل السياسي، تقوم على الانضباط وتكامل الأدوار، وتؤكد ثقة المجلس المتزايدة في مشروع الجنوب وقدرته على الإمساك بزمام المبادرة. إنها رسالة واضحة بأن الجنوب يمضي بخطى واثقة نحو ترسيخ حضوره وصياغة مستقبله، مستنداً إلى مشروع وطني جامع وقاعدة شعبية متماسكة.