الرئيس الزُبيدي يعلن مشروع الحكم الإداري الجنوبي بنهضة اقتصادية واستثمارية
في ظل تحديات معيشية متفاقمة، عقدت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي اجتماعها الدوري، اليوم الخميس، في العاصمة عدن، برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي. اجتماع بدا في مضمونه وتوقيته أبعد من كونه لقاءً دوريًا؛ بل حمل إشارات واضحة إلى تحوّل نوعي في طريقة إدارة الملفات الاقتصادية والخدمية التي ترهق كاهل الجنوب.
*هندسة الحلول
الاجتماع، الذي تناول المستجدات الاقتصادية والخدمية، أظهر انتقالًا لافتًا من مرحلة التوصيف إلى التفكير العملي في الحلول. فالرئيس الزُبيدي شدد بوضوح على ضرورة "تكامل الجهود" بين السلطات المحلية وكتلة المجلس في الحكومة، في إشارة إلى إحداث توازن حقيقي في إدارة الدولة من الداخل، عبر أدوات جنوبية فاعلة داخل المؤسسات المركزية، دون الاكتفاء بالخطاب السياسي.
هذا التوجه يعكس إدراكًا متزايدًا لدى قيادة المجلس الانتقالي بأن مفتاح كسب ثقة المواطن الجنوبي اليوم لم يعد في الشعارات الكبرى فحسب، بل في الكهرباء، والماء، والرواتب، والخدمات.
الكهرباء الاختبار الاهم
ملف الكهرباء، الأكثر حساسية وتعقيدًا، كان في صلب النقاش، حيث استعرض وزير الكهرباء خطة "الماستر بلان" المدعومة من البنك الدولي، والتي توصف بأنها أول مقاربة علمية وإستراتيجية لحل أزمة الطاقة في الجنوب منذ سنوات.
الحديث عن خطة إصلاح شاملة في هذا القطاع لا يعني فقط توفير الكهرباء، بل يمثل رهانًا على قدرة المجلس على إدارة مشاريع بنى تحتية بدعم دولي، وهو ما يتطلب جهازًا تنفيذيًا مؤهلًا وخطابًا دبلوماسيًا متزنًا لاستقطاب الدعم واستدامته.
*رسم ملامح المشهد المالي
الاجتماع ناقش أيضًا التحديات المرتبطة بالقطاع المصرفي، من خلال إحاطة نائب رئيس الهيئة الاقتصادية والخدمية، الدكتور أحمد بن سنكر، الذي أعاد فتح ملف نقل مراكز البنوك إلى عدن، وهو مطلب استراتيجي ظل معلقًا منذ سنوات، نظراً لتداخل المصالح بين أطراف المنظومة المالية في صنعاء اليمنية و العاصمة عدن.
هذا التحرك، إن أُنجز، سيُعيد رسم المشهد المالي في البلاد، ويمنح الجنوب قدرة على التحكم بالدورة الاقتصادية بعيداً عن العبث المركزي، ويفتح الباب نحو استعادة الثقة الإقليمية والدولية بالقطاع المصرفي في المحافظات المحررة.
*واقع محافظات الجنوب
إحاطات قدمها محافظو عدن وأبين ولحج والضالع، شكلت ملامح تقرير ميداني حي يعكس صورة الخدمات على الأرض، بكل ما فيها من تحديات إدارية وأمنية ومعيشية. ومن اللافت أن هذا النوع من النقاشات يؤسس لنهج جديد في عمل القيادة الجنوبية، يقوم على المشورة وتغذية القرار السياسي من الواقع، لا من الأبراج العاجية.
*عدن العاصمة الاستثمارية والاقتصادية
في تحول نوعي، أصدر الرئيس الزُبيدي توجيهات مباشرة بالتحضير لمؤتمر اقتصادي في العاصمة عدن، يستهدف جذب رجال الأعمال والمستثمرين، في خطوة تعيد الاعتبار للعاصمة الاقتصادية والتجارية للجنوب. بالتوازي، كلّف وزير التخطيط بإعداد مؤتمر مانحين دولي لدعم مشاريع البنية التحتية في الجنوب.
هذان المؤتمران، إذا ما تم التحضير لهما برؤية مؤسساتية لا شعاراتية، قد يشكلان اختراقًا حقيقيًا في جدار العزلة الاقتصادية، ويعززان موقع الجنوب كشريك تنموي حقيقي في الإقليم.
*أداء إداري واقتصادي
ولاستخلاص أبعاد هذا الاجتماع، فإن القرارات المتخذة ليس مجموعة توجيهات وتقارير، بل إشارات إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتجه بجدية نحو تطوير تجربته في الحكم، وتحويل حضوره السياسي إلى أداء إداري واقتصادي متماسك.
*مشاريع المانحين
ومن اجل نجاح هذا الجانب سوف يعمل المجلس الانتقالي على تنفيذ التوصيات، من خلال تحويل دعم المانحين والشركاء الدوليين من وعود إلى مشاريع، ومن أوراق إلى بنى تحتية حقيقية.
وفي انطلاقة قوية بدات القيادة السياسية الجنوبية، ممثلة بالرئيس الزُبيدي، تطبيق معركة الاستقلال التي تمر أولاً عبر بناء نموذج حكم مختلف، يقنع الداخل قبل الخارج، ويجعل من العاصمة عدن ومحافظات الجنوب منتجة لا مستهلكة، وقادرة على صناعة القرار لا انتظاره.